عدّت المحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط أن مسؤولية وزارة الداخلية في عمليات قتل الكلاب الضالة بالرصاص “قائمة”، رافضة في الآن نفسه قبول طلب جمعيات مدنية، غالبيتها ناشطة بشكل رئيس في مجال حماية الحيوان، بالوقف الفوري لعمليات قتل الحيوانات الشاردة (الضالة).
وقضى حكم أصدرته المحكمة في يونيو الماضي أيضا بأداء الدولة ووزارة الداخلية للجهة المدعية في شأن الموضوع، أي الجمعيات المذكورة، “تعويضا عن الضرر عبارة عن درهم رمزي، مع تحميلها المصاريف ورفض باقي الطلب”.
جمعيات تشتكي
وتعود القضية إلى تقدم الجمعيات بدعوى أمام المحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط، تدعي فيها أن “الكلاب الضالة في مجموعة من مدن المملكة تتعرض للإبادة والتقتيل”، وأن “هذه العمليات الوحشية نتج عنها مشاهد صادمة ومؤلمة ومناظر لجثث كلاب مقتولة وبعضها مجروحة وبقايا دماء على أرصفة الطرقات”.
وقالت الجمعيات ذاتها إن “هذه الأفعال تمت دون احترام الضوابط القانونية وبرتوكولات التعاون بين السلطات ووزارة الصحة والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة”، مبرزة أن هذا البرتوكول “صيغ وأنجز لأنسنة التعامل مع الكلاب والقطط الضالة، من خلال اعتماد أسلوب حضاري وحقوقي أبان عن فعاليته في الدول التي تحترم حقوق الحيوان”.
كما ورد في المقال المقدم أمام المحكمة أن “الاتفاقية المبرمة سنة 2019 بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات العذائية والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، تهدف إلى اعتماد مقاربة جديدة لمعالجة ظاهرة الكلاب الضالة، تقوم على التعقيم والتلقيح بدل القتل والتعذيب”، فضلا عن أن “المشرع استعمل عبارة ‘جمع الكلاب الضالة’ وليس قتلها أو القضاء عليها”.
لذلك، رأت هذه الجمعيات أن المدعى عليهم، وهم الدولة ووزارة الداخلية ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، “وخاصة وزارة الداخلية، باعتبارها سلطة وصية على أعمال الجماعات الترابية في مجموع التراب الوطني، تتحمل المسؤولية”، ملتمسة “الحكم بالإيقاف الفوري لجميع عمليات القتل والإبادة للحيوانات الضالة، وأداء المدعى عليهم (…) تضامنا درهما رمزيا مع النفاذ المعجل وتحميلهم الصائر”.
وحسب منطوق الحكم، طالعته هسبريس، عدّت المحكمة أنه “بالرجوع إلى القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلّق بالجماعات، ولا سيما المادة 100 منه، فإن معالجة وضعية الحيوانات الضالة تدخل في صميم الاختصاصات الذاتية للجماعات الترابية، مما يجعلها مسؤولة عن كيفية تدبيرها لهذه الطاهرة”.
“مسؤولية قائمة”
واستدرك المصدر ذاته بأن “وزارة الداخلية، وفي إطار مهام المراقبة الإدارية التي تمارسها لضمان حسن تدبير الشأن العام المحلي، ملزمة قانونا وأخلاقيا بالسهر على احترام الجماعات للقوانين الجاري بها العمل، خاصة فيما يرتبط بحماية البيئة والحيوان، ولا سيما الحالات التي تنطوي على خطر أو مساس بمبادئ دستورية كونية”.
كما اعتبرت المحكمة أن “عمليات إعدام الكلاب الضالة بالرصاص أو بالسم، دون سند علمي أو بيطري، تشكل إخلالا بالقوانين والاتفاقيات المتعلقة بحماية الحيوانات، وتظهر تقاعسا من السلطة المركزية في فرض احترام القانون، علما أنه من الناحية الشرعية لا يجوز قتل الكلاب إلا إذا كانت تشكل خطرا مباشرا ومحققا كنقل العدوى”.
وأضاف المصدر نفسه: “الإدارة لا تعفى من المسؤولية بمجرد السكوت عن خرق يقع داخل نفوذها الرقابي، بل تلتزم بالتدخل الوقائي أو الزجري، وهو ما لم يحصل في النازلة، لا سيما وأن الوزارة المعنية، وكما يستفاد من جواب الوكيل القضائي للمملكة ومذكرة الجهة المدعية”، وقعت الاتفاقية سالفة الذكر.
اعتبارا لذلك، و”لعدم إثبات الجهة المدعى عليها (الداخلية) اتخاذها لإجراءات عملية، وذلك في إطار مقاربة علمية وحقوقية، وعدم تدخلها لوقف عمليات القتل بالرصاص، يشكل مسؤولية تقصيرية تتمثل في الامتناع السلبي، وهو وجه من أوجه انعدام المشروعية في العمل الإداري”، استنتجت المحكمة، أن مسؤولية وزارة الداخلية في النازلة “قائمة”.
أما بخصوص رفض طلب الوقف الفوري لعمليات “قتل وإبادة الكلاب الضالة التي تقوم بها الجماعات الترابية”، فقد عللت المحكمة قرارها بأن “الصيغة التي قام بها هذا الشق من الطلب تنطوي على منازعة في قرار إداري”.
ووضّحت أن “الحال أن طلبات إيقاف تنفيذ القرارات الإدارية وفقا للمادة 24 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية تقدم أمام قضاء الإلغاء، وليس أمام القضاء الشامل، الذي يختص بالبت في طلبات التعويض عن الأضرار التي تسببها الإدارة وفي بعض المنازعة التعاقدية”.
المصدر: هسبريس