حقوقيون مغاربة يدافعون عن المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقات

أكد تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية أن جهود المغرب في تحسين حالة حقوق الإنسان منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش كُلِّلت بفتح المجال على مصراعيه لتقييم منجزات الحكومات المتعاقبة وسجلها في مجال حماية الحقوق والحريات.
وأشار التحالف الحقوقي ذاته، ضمن تقريره الموجه إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في إطار مساهمته في صياغة التعليق العام رقم 29 الخاص بمشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة السياسية والعامة، إلى تقاطع إرادة رئيس الدولة مع مطالب الحركة الحقوقية المغربية بضرورة فتح صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة الأليم، والدخول في مسار عدالة انتقالية للقطع مع سلوكيات الماضي، واستشراف مستقبل ضامن للحقوق، وتدشين مصالحة وطنية جريئة، أسست لجبر ضرر جماعي وفردي، وتكريس إصلاح تشريعي ومؤسساتي واسع النطاق، اكتملت معالمه باعتماد دستور جديد في عام 2011.
وأضاف أن “الوثيقة الدستورية المغربية لم تغفل مسألة الإعاقة، من خلال التنصيص الصريح على منع التمييز على أساس الإعاقة، ودسترة الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأشخاص في وضعية إعاقة”، مبرزا أن “الفصل 34 من الدستور ينص على وجوب قيام السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الإعاقة؛ من خلال إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية أو حسية أو حركية أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع”.
في المقابل، سجل تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية ما اعتبره “تباطؤ الحكومة المغربية في إعداد التقارير الدورية الموجهة للجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم الواردة في الاتفاقية الدولية، لا سيما ما تعلق بالمشاركة في الحياة السياسية والعامة، وغياب ملاءمة مقتضيات القانون الإطار رقم 9713 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها مع أحكام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”.
كما سجل تفاوتا في تناول موضوع التمتع بالحقوق والمشاركة في الحياة السياسية والعامة بين الاتفاقية الدولية في مادتها التاسعة والعشرين والمادة 18 من القانون الإطار سالف الذكر، لافتا في هذا الصدد إلى أن “اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة قدمت تفصيلات ترتبط بكفالة مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في الحياة السياسية والعامة بصورة فعالة وكاملة وعلى أساس المساواة، من حيث تيسير إجراءات التصويت ومرافقه ومواده وسهولة الفهم والاستعمال، وحماية حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التصويت عن طريق الاقتراع السري في الانتخابات والاستفتاءات العامة دون ترهيب، وفي الترشح للانتخابات وتقلد المناصب وأداء جميع المهام العامة في الحكومة على شتى المستويات”.
أما القانون الإطار رقم 9713، فقد “تطرق إلى المشاركة في الحياة السياسية والمدنية، دون التفصيل في أنواع الحقوق السياسية التي يكفلها القانون الإطار استنادا إلى أحكام الدستور المغربي، مع فراغ النص القانوني من إدراج حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التصويت والترشح في الانتخابات والاستفتاءات بحرية، وكذلك تقلد المناصب العامة وكفالة حريتهم في التعبير عن إرادتهم كناخبين، وما يرافق ذلك من إجراءات وتدابير تيسيرية لإعمال حقوقهم والالتزام بحمايتها”.
ولفتت الوثيقة ذاتها إلى “وجود بواعث قلق تتعلق بوجود عوائق تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في المملكة المغربية، تتعلق بضعف الوسائل والإجراءات التيسيرية للوصول إلى أماكن الاقتراع، وعدم تعزيز الأماكن المخصصة للعمليات الانتخابية والاستفتاءات بوسائل يسهل فهمها من طرف الأشخاص ذوي الإعاقة، مثل طريقة برايل ولغة الإشارة، بالإضافة إلى ضعف تدريب المشرفين في مكاتب الانتخابات على تلبية مطالب الأشخاص في وضعية إعاقة أثناء وجودهم في مراكز الاقتراع”.
وبخصوص مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة السياسية والعامة بالجزائر، سجل التحالف الحقوقي “تأخرا كبيرا منذ استفحاص تقرير دولة الجزائر الأول في 2018 أمام لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث لم تقدم الجزائر ثلاثة تقارير متتالية إلى اللجنة المعنية حتى الآن. ولم تعكف السلطات الجزائرية على تنفيذ الملاحظات الختامية المقدمة لها من قبل لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بعد فحص تقريرها الأولي، لا سيما التوصية رقم 7 التي تنص على ضمان إدراج كافة أحكام الاتفاقية في النظام القانوني الوطني، وإلغاء أو تعديل أي قانون يتعارض مع الاتفاقية وينطوي على تمييز في حق الأشخاص ذوي الإعاقة”.
وأشار إلى “الإبقاء على قيود قانونية أمام الأشخاص ذوي الإعاقة تحد من قدرتهم على التصويت، لا سيما القانون رقم 1201 بشأن النظام الانتخابي، حيث تحد المادة الخامسة بشكل تمييزي من حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التصويت، لا سيما الأشخاص الخاضعين للحجر، بالإضافة إلى الحواجز المادية وصعوبة الوصول إلى المعلومات التي تمنع الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة في المحطات الانتخابية وفي الحياة السياسية والعامة”.
أما فيما يتعلق بوضعية هؤلاء الأشخاص في مخيمات تندوف غربي الجزائر، فقد أبرز التقرير أن “إغلاق المخيمات أمام الإجراءات الخاصة بمجلس حقوق الإنسان والمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، وتفويض الدولة الحاضنة للمخيمات اختصاصاتها الحمائية لتنظيم عسكري، لم يترك فرصة لأية جهة فاعلة غير حكومية للاطلاع على أوضاع ساكنة المخيمات، لا سيما الأشخاص في وضعية إعاقة”.
ودعا التقرير لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلى “حث دولة الجزائر على شمل الأشخاص في وضعية إعاقة القاطنين بمخيمات تندوف بالرعاية، والنظر في أوضاعهم وحمايتهم من الانتهاكات المرتكبة ضدهم، وضمان ولوجهم لسبل الانتصاف والتقاضي الوطنية، والعمل على كفالة إسماع صوتهم في مختلف مستويات اتخاذ القرار داخل المخيمات دون التعرض للقمع أو التضييق جراء ممارستهم لحقهم في التعبير الحر عن تطلعاتهم”.
كما حث على “تشجيع دولة الجزائر على تسهيل الحصول على معلومات وإحصائيات موثوقة حول عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في مخيمات تندوف، ونوعية الإعاقات ودرجة العجز، ومختلف التدابير والإجراءات التي قامت بها السلطات الجزائرية والمنظمات العاملة في مجال الإعاقة لضمان مشاركة الأشخاص الصحراويين ذوي الإعاقة في الحياة السياسية والعامة للجزائر وداخل المخيمات دون تمييز على أساس الإعاقة”.
وأوصى تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية بتعزيز مبادرات دعم التصديق العالمي على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل على “كسر القوالب النمطية وتغيير العقليات ومكافحة التمييز بشكل عام في ما يتعلق بمشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة السياسية والعامة، واتخاذ تدابير ملموسة لتسهيل الوصول إلى التصويت والمشاركة في الانتخابات، مع ما يتطلبه ذلك من التزامات سياسية ومالية”.
ودعا إلى “توجيه اهتمام الأحزاب السياسية إلى لعب دور أساسي في معالجة نقص الوعي بالحقوق، وتشجيع المشاركة الفعالة للأشخاص ذوي الإعاقة، والمساهمة في تقوية الوعي بأهمية الإدماج والمشاركة دون تمييز في الحياة السياسية”، مشددا على ضرورة ربط التمويلات الحكومية للأحزاب السياسية بضمان مشاركة فعلية للأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة السياسية والعامة، ودعم برامج التثقيف والتوعية بحقوقهم بالتعاون مع منظماتهم، من أجل تصحيح الصور النمطية حول قدرتهم على المشاركة في الانتخابات والترشح.
المصدر: هسبريس