حقوقيات يستعرضن مسارات إرساء “العدالة الانتقالية” ضمن التجربة المغربية
“مداخل وآليات أممية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان”، تحت هذا العنوان التأم فاعلون وخبراء أغلبهم شباب برلمانيون اشتراكيون، من بلدان وقارات مختلفة، ضمن أشغال الجلسة النقاشية الخامسة من منتداهم الدولي الأول الذي استضافته مراكش على مدى 3 أيام.
ولم تغِب نقاشات حقوق الإنسان و”العدالة الانتقالية” عن أشغال وفعاليات الدورة الأولى من “المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيينالديمقراطيين”، المنعقد بمراكش، خلال يومه الثاني الثلاثاء، بتنظيم من “الفريق الاشتراكيالمعارضة الاتحادية” بمجلس النواب، وبشراكة مع “الشبيبة الاتحادية” و”شبكة مينا لاتينا”.
الجلسة، التي سيَّرها أحد الباحثين المغاربة في السياسات العامة، تناولت ضمن أبرز كلماتها ومضامينها قضايا وشؤون مختلفة؛ “أبرزها ملف العدالة الانتقالية الذي تُعتبر المملكة المغربية من الدول التي قطعت أشواطا مهمة وأصبحت رائدة فيه على الأقل بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط”، وفق جميلة السيوري، الخبيرة المغربية في الترافع حول حقوق الإنسان.
“المغرب نموذج للعدالة الانتقالية”
أكدت السيوري، في تصريح لجريدة هسبريس، على هامش جلسة النقاش ذاتها، أن “المنتدى، فضلا عن كونه ملتقى للبرلمانيين الاشتراكيين الشباب، شكل فضاءَ تبادل للتجارب والممارسات الفضلى في عدد من القضايا الحقوقية؛ أبرزها العدالة الانتقالية، التي يعد المغرب نموذجا لها في منطقة MENA”.
وأضافت أن “الحدث كان محطة للتحاور وطرح قضايا وأسئلة حول بعض الآليات التي يمكنها تعزيز وحماية حقوق الإنسان”، ضاربة المثال بـ”آلية الاستعراض الدوري الشامل بالأمم المتحدة، والتي وإنْ كانت غير ملزِمة؛ ولكنها آليات تتيح فرصة لمنظمات المجتمع المدني من جهة لتعبئة مجموعات الضغط (لوبيات) مع البرلمانيين والفرق النيابية والمؤسسات”.
وتابعت رئيسة جمعية “عدالة” شارحة: “كما تمكننا، من جهة ثانية، من تشكيل مجموعات ضغط، مثلا في إطار دينامية عدالة التي تحاول العمل عبر تقرير تُشرك فيه كل المؤسسات المعنية وطنيا والفاعلين حكوميين وغير حكوميين لترسيخ ثقافة الحوار والوصول لصدقية المعلومات الأساسية”.
تنسيق واستراتيجية للترافع
أكدت السيوري، في حديثها لهسبريس، أن “الترافع حول حقوق الإنسان، لا سيما آليات الاستعراض الدوري الشامل، يدفعنا كمجتمع مدني وهيئات حقوقية إلى التنسيق في إطار استراتيجية الترافع مع بعثات دبلوماسية محلية معتمدة، خصوصاً بالنسبة للدول التي لها توصيات تم اعتمادها من طرف المغرب أو لم يتم اعتمادها”.
وشددت على أن “التنسيق الترافعي الحقوقي قائم عبر واجهة الاتصال ببعض المجموعات الدبلوماسية الموجودة هناك، وخصوصا دول “الترويكا” الثلاث من أجل تمرير التوصيات التي نريد اعتمادها، ويكون لهذه الدول دور حاسم في ذلك”.
الفاعل السياسي وتوصيات “هيئة الإنصاف”
من جهتها، سارت حورية إسلامي، الرئيسة السابقة للفريق الأممي للاختفاء القسري، على المنوال ذاته مستعرضة “التجربة المغربية الرائدة حقوقياً في قضايا وملفات العدالة الانتقالية”.
واعتبرت إسلامي، في تصريحها لهسبريس على هامش مشاركتها ضمن فعاليات جلسة النقاش، أن هذه التجربة “طبعت المغرب الحديث، وتوصياتها ودروسها المستخلصة كآلية للخروج من ماضٍ عنيف بالصراعات والتقدم نحو المستقبل”.
الناشطة الحقوقية المغربية ذاتها تحدثت ضمن الجلسة عن “توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة”، مؤكدة أنها “تتعلق في شقها الأكبر بالإصلاحات المؤسساتية والقانونية، وكذا بالجانب الإصلاحي المجتمعي والثقافي”.
وفي مداخلتها أمام 90 برلمانيا اشتراكيا شابا وشابة، استحضرت حورية إسلامي “أدوار الفاعلين السياسيين في تفعيل هذه التوصيات وكذا في كل مسارات العدالة الانتقالية”، مشددة على أن “دور الفاعل السياسي يبقى مهما، سواء في مرحلة إنشاء آليات العدالة الانتقالية أو خلال مواكبتها أو عند تنزيل التوصيات التي تصدر عنها”.
وعن دور اليسار الاشتراكي في هذا الصدد، قالت الرئيسة السابقة للفريق الأممي المعني بالاختفاء القسري، في إفادتها لهسبريس، إن “القوى اليسارية عبر العالم طالما كانت معروفة بأنها مساندة لقيَم حقوق الإنسان، كما أنها شكلت في العديد من التجارب شريكاً لمسارات العدالة الانتقالية”.
يشار إلى أن النسخة الأولى من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين انطلقت الاثنين بمدينة مراكش وتمتد إلى الأربعاء 31 ماي، تحت شعار “مساهمة البرلمانيين الشباب في تعزيز السياسات العمومية التقدمية والعادلة”؛ بينما من المرتقب تضمين توصيات أشغاله ضمن “تقرير تركيبي” يصاغ عند الاختتام.
المصدر: هسبريس