بمناسبة اليوم الدولي للمساواة في الأجر، الذي يحتفل به في 18 شتنبر من كل سنة، نددت فعاليات حقوقية مغربية باستمرار الفجوة الأجرية بين الرجال والنساء في المملكة، بسبب التصورات المجتمعية التقليدية التي تنتصر لقوامة الرجال، مشددة في الوقت ذاته على أهمية التحسيس والتوعية، وعلى تنزيل مقتضيات الدستور بتعديل بعض القوانين لضمان أن يكون التوظيف والأجر خاضعين لمعيار الكفاءة فقط، بعيدا عن أي تحيز جنسي.

وحسب منظمة العمل الدولية، ما زالت النساء في مختلف بقاع العالم يتقاضين أجورا أقل من الرجال، إذ “يُقدَّر متوسط فجوة الأجور بين الجنسين عالميا بنحو 20 في المائة”، في وقت يؤكد فيه الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030، التي وضعتها الأمم المتحدة، أهمية “السعي إلى توفير عمالة كاملة ومنتجة وعمل لائق للنساء والرجال كافة، بمن فيهم الشباب والأشخاص ذوو الإعاقة، وضمان الأجر المتساوي لقاء العمل متساوي القيمة”.

بشرى عبدو، فاعلة حقوقية رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، قالت إن “من أسباب غياب المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة في المغرب، شيوع بعض التصورات الذهنية المجتمعية التي تعتبر أن الرجل العامل أو المستخدم لديه مسؤوليات أكبر من المرأة العاملة، أو أنه قوام عليها وهي غير منفقة، وبالتالي فأجرها يجب أوتوماتيكيا أن يكون أقل”.

وأضافت عبدو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه التصورات تتناسى أن أكثر من 27 في المائة من النساء المغربيات هن من المعيلات لأسرهن”، مشيرة إلى أنه “حتى عند التوظيف، هناك اعتقاد سائد بأن للرجل حق التفاوض على الأجر الذي سيتقاضاه مقابل عمله، بينما على المرأة أن تقبل بالأجر المعروض عليها، وذلك رغم امتلاك كلا الطرفين الشواهد والمؤهلات الأكاديمية والتجارب العملية نفسها”.

وأكدت الفاعلة الحقوقية ذاتها “أهمية التحسيس والتوعية في هذا الجانب والقطع مع هذه التصورات التقليدية القائمة على نظرية ‘الرجل المنفق’ التي تجاوزها الواقع الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب تعديل مدونة الشغل بما يقر المساواة الأجرية بين النساء والرجال في العمل، وكذا التوظيف الذي يجب أن يكون حصريا بناءً على معيار الكفاءة وليس على أساس أي معيار آخر”، مشيرة إلى أن “حرمان الزوج الأرمل من معاش زوجته المتوفاة، هو أكبر دليل على استمرار ذهنية إنفاق الرجل وقصور المرأة في المجتمع”.

من جهتها، أوضحت سميرة موحيا، فاعلة حقوقية رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، أن “غياب المساواة والتفاوت بين أجور النساء والرجال في المغرب يظل واقعا ملموسا، بل إن الأمر يشمل أيضا حتى التوظيف نفسه؛ إذ نجد حضورا جد محتشم للمرأة في مناصب المسؤولية ومراكز القرار سواء بالقطاعين العام أو الخاص”، مضيفة: “في قطاعي التعليم والصحة، مثلا، نجد أن النساء يشكلن قاعدة الموظفين، لكن على مستوى مراكز المسؤولية جهويا ومركزيا لا نكاد نجدهن”.

وشددت على أن “نساء المغرب يعانين من محدودية الوصول إلى المناصب القيادية والوظائف ذات الأجور العالية، وهو ما يعكس استمرار عوائق هيكلية وثقافية تحول دون تحقيق المساواة الاقتصادية الكاملة”، مشيرة إلى أن “حرمان المرأة من التعويضات العائلية يعد مظهرا من مظاهر عدم المساواة في المغرب؛ إذ تُصرف هذه التعويضات للرجل، ويستمر ذلك حتى في حالة الطلاق وسقوط حضانة الأطفال عنه، بحيث من العسير عمليا تحويل صرفها لفائدتها بسبب تعقيد الإجراءات البيروقراطية والوثائق الإدارية التي لا تكون في الغالب في حوزتها”.

ودعت رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء إلى “تجاوز الكثير من الصور النمطية حول عمل المرأة، وإقرار استراتيجية وطنية واضحة لتفعيل المساواة في المجال الاقتصادي وفي مجال الشغل، سواء في المجال الإداري أو المجال الأجري؛ إذ من غير المعقول أن يكون هناك إقرار دستوري بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وتمتيعهما على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية نفسها، لكن على المستوى الإجرائي نجد خللا كبيرا في تنزيل هذا المبدأ الدستوري على أرض الواقع”.

المصدر: هسبريس

شاركها.