شهد مقر هيئة المحامين بالرباط، مساء أمس السبت 16 نونبر 2025، حفل تأبين للراحل صالح حشاد، الطيار السابق وأحد أبرز الناجين من معتقل تازمامارت، نظمته جمعية ضحايا المعتقل وأصدقاؤهم، تخليدًا لذكراه وإحياء للذكرى الأليمة للمعتقل السري.

وحضر اللقاء عدد من الناجين والحقوقيين والشخصيات العامة، حيث ركزت المداخلات على صلابة شخصية حشاد الإنسانية وقدرته على الحفاظ على شعلة الأمل رغم الظروف القاسية، وأهمية الحفاظ على ملف تازمامارت كجزء من الذاكرة الوطنية لضمان عدم تكرار الانتهاكات.

وتحدث الناجي الكبير أحمد المرزوقي، رفيق الفقيد في المعتقل، عن إرث حشاد قائلا: “صالح حشاد لم يكن مجرد سجين، بل كان معلما للصمود ورمزا لرفض الانكسار. لقد كان الذاكرة الحية للجحيم الذي مررنا به، وحتى في أصعب اللحظات، كان صوته يهمس لنا بضرورة التمسك بالإنسانية والحياة. حشاد لم يمت، بل تحول إلى رمز خالد لمعركة الضحايا من أجل كرامتهم.”

من جانبه، أكد عبد الإله بن عبد السلام، نيابة عن أصدقاء الراحل، أن ملف تازمامارت قضية وطنية تتجاوز الذكرى العابرة، مشددا على ضرورة تفعيل مبدأ المساءلة وإلزام الدولة بالوفاء بالتزاماتها تجاه الضحايا، بعيدًا عن منطق طي الملفات دون الوصول إلى الحقيقة.

كما استعرض الناجي عبد الله اعقاو، رئيس الجمعية ورفيق الفقيد، جانبا من شخصية حشاد الصلبة والمتفائلة، مبرزا الطرق المبتكرة التي اتبعها المعتقلون لكسر مرارة الزنازين، مثل صناعة مقصات حلاقة يدوية، إدخال الضوء عبر مرآة عاكسة، واختراع لعبة “الضامة” بفتات الخبز، مؤكدا أن هذه الإبداعات كانت دليلا على إرادتهم المشتركة في البقاء على قيد الحياة بكرامة وإنسانية.

وشملت المداخلات شهادات عائلية مؤثرة، من بينها كلمة ابنة المرحوم الرجاعي أحمد وكلمة زوجة الراحل السيدة عائدة، اللتين أكدتَا على صمود الأسرة والوفاء لذكرى الفقيد، إلى جانب كلمة نهلة موهاج، كريمة الشهيد علال موهاج، التي دعت إلى كشف مصير المفقودين، وتمكين العائلات من زيارة قبور ذويهم، وتحقيق “جبر الضرر الجماعي” للمناطق المحيطة بالمعتقل.

واختتم التأبين بعرض فيديو يوثق مسار الفقيد وإرثه، إلى جانب شهادات الأصدقاء والعائلة، وقراءة الفاتحة ترحماً على روحه، في مشهد روحاني جسّد عمق الوفاء للراحل وزملائه من شهداء وضحايا تازمامارت.

وأكدت جمعية ضحايا المعتقل أن هذا اللقاء يعيد التأكيد على التزامها بالحفاظ على الذاكرة الجماعية، ومواصلة النضال من أجل كشف الحقيقة كاملة والاعتراف الرسمي بمسؤولية الدولة تجاه هذه المرحلة الأليمة من تاريخ المغرب الحديث.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.