حضور اجتماع عسكري في ليبيا يرسخ التزام الرباط بالأمن المغاربي والمتوسطي
شارك وفد عسكري مغربي، الثلاثاء، إلى جانب وفود عسكرية من كل من الجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا، إضافة إلى مسؤولين عسكريين من فرنسا والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا ومالطا، في الاجتماع السابع للجنة العلمية لـ”مركز 5+5 التدريبي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية”، المنعقد في مقر رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي، حسب ما أفاد به بيان لهذه الأخيرة.
وأوضح المصدر ذاته أن هذا الاجتماع عرف أيضا مشاركة ممثلين عن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، وجرى خلاله تبادل وجهات النظر حول هذا الموضوع وبحث آفاق التدريب الخاصة بالمركز وتطوير آليات عمله بما يخدم ويعزز التعاون الإقليمي المشارك ويدعم السلام والأمن في غرب المتوسط، موردا أن مشاركة الرباط في مثل هذه الاجتماعات تعكس التزامها الراسخ لتعزيز وحماية الأمن المغاربي والمتوسطي في إطار مقاربة تشاركية مع جميع الدول المعنية بأمن هذا الفضاء.
تنسيق مشترك وتجربة مغربية
قال إدريس أحميد، محلل سياسي وأمني ليبي، إن “التعاون بين الدول الخمس المكونة لمنطقة المغرب الكبير وبين هذه الأخيرة والدول الأوروبية، مهم جدا، بل هو خيار استراتيجي ضروري تفرضه التحديات الجديدة، بحيث لا يمكن بأي حال من الأحوال تجزئة الأمن في المنطقة”، موضحا أن “هذه التحديات تستدعي تكثيف الجهود بين الدول المعنية والاستفادة من تجارب بعضها من أجل صياغة استراتيجيات أمنية ناجعة في إطار من التعاون والحوار وتبني النهج الاستباقي في هذا الصدد”.
وأضاف أحميد، في تصريح لهسبريس، أن “تواجد المغرب في مثل هذه اللقاءات الأمنية والعسكرية يجد له تفسيرا في الإمكانيات والخبرات التي راكمتها المملكة، والتي جعلت منها نموذجا أمنيا فريدا في هذه المنطقة المليئة بالتحديات. وبالتالي، فإن كل الدول تسعى إلى استلهام هذا النموذج لحل الملفات الأمنية ذات التأثير الجيوسياسي الكبير على السلم والاستقرار في المنطقة، على غرار ملف ضبط الحدود وحصر السلاح في يد الجيوش النظامية”.
وسجل المصرح لهسبريس أن “كل الدول المغاربية والمتوسطية مطالبة في ظل محدودية بعض الاستراتيجيات الأمنية الوطنية، بتعزيز عملها والتنسيق المشترك بينها، خاصة في ظل تداخل مصادر التهديدات، وتفعيل كل الآليات المشتركة ضمن استراتيجية شاملة يتحمل فيه الجميع مسؤوليته ضمن منتدى الحوار والتعاون 5+5، خاصة في ظل أهمية المتوسط في منظومة الأمن الدولي”.
التزام مغربي ومسؤولية مشتركة
محمد عطيف، باحث في الشؤون السياسية والدولية، أورد أن “مشاركة المغرب في هذا الاجتماع تعكس أولا الأهمية الاستراتيجية التي يحظى بها ضمن المعادلة الأمنية في المنطقة، على اعتبار التجربة الكبيرة التي راكمها في هذا المجال والتي تجعل منه حليفا موثوقا لجميع الدول التي يهمها الأمن والاستقرار في المنطقية المتوسطية التي تشهد مجموعة من التحديات”.
وأضاف عطيف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “تواجد المغرب إلى جانب الدول المغاربية الأخرى رغم الجمود السياسي والدبلوماسي الذي يطبع علاقاته مع بعض الدول، خاصة الجزائر وتونس، يترجم التزامه بالقضايا المشتركة التي تهم المنطقة بكل مسؤولية وبعيدا عن كل الحسابات السياسية، على اعتبار أن مسألة السلم والأمن المغاربي لا تقبل بالنسبة للرباط المزايدات السياسية”.
وبين المتحدث أن “مشاركة المملكة إلى جانب مجموعة من الدول الأوروبية في هذا اللقاء الأمني، دليل أيضا على أن هذه الدول تراهن على التجربة الأمنية المغربية لتثبيت الأمن والاستقرار في جنوب وشمال المتوسط، وتسعى إلى تعزيز تعاونها مع المغرب لحل مختلف الإشكالات الأمنية التي تعرفها المنطقة، على غرار إشكالية الهجرة وضبط الحدود ومواجهة نشاط التنظيمات المسلحة، عكس بعض الدول التي تراهن على إقصاء المغرب من هكذا مبادرات ولقاءات”.
وشدد الباحث في الشؤون السياسية والدولية على “أهمية التنسيق والتعاون بين الدول في المسائل الأمنية من أجل توحيد رؤيتها وجهودها وسياساتها الأمنية في هذا الإطار، خاصة وأن طبيعة التحديات التي تشهدها منطقة شمال إفريقيا والمتوسط تتطلب بالضرورة معالجتها في إطار مشترك ومسؤول؛ بحيث إنه لا يمكن لدولة بعينها أو دول دون الأخرى أن تنجح في هذا الأمر دون انتهاج هذه المقاربة التشاركية”.
المصدر: هسبريس