حزب النهج ينتقد زراعات تصديرية “تبذيرية”
يربط حزب النهج الديمقراطي العمالي “تفاقم أزمة العطش بالعديد من الدواوير”، وامتدادها “إلى العديد من القرى والمدن”، باختيارات استثمارية منذ الاستقلال تستمرّ إلى اليوم، حمّل مسؤوليتها لاعتماد توصيات المؤسسات المالية الدولية.
ونفت خلاصات دراسة الحزب لأسباب إشكال الماء بالبلاد أن يكون سبب “العطش” مرتبطا فقط بـ”التغيرات المناخية المتسمة بظاهرة الجفاف”، وحمّل في ذلك المسؤولية إلى “الاختيارات السياسية المتبعة، المملاة من طرف صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، التي صنفت المغرب كبلد فلاحي في قسمة العمل الدولية”.
وتابع التنظيم السياسي ذاته: “منذ الاستقلال الشكلي رُكّز رسميا على سياسة السدود، حيث تم بناء حوالي 150 سدا كبيرا في مختلف المناطق الفلاحية، قصد تزويد الملاكين العقاريين الكبار بالتجهيزات الهيدروفلاحية الحديثة، ودعمهم لإنتاج الزراعات الموجهة للتصدير: الطماطم والحوامض، وهي الزراعات الأكثر استهلاكا للماء، في حين يتم استيراد حوالي نصف احتياجات الشعب من الحبوب، وهي الزراعات الأقل استهلاكا للماء”، مردفا بأن هذه الاختيارات “تستمر من خلال مخطط المغرب الأخضر، خلال العقدين الأخيرين، الذي ركز من جديد على دعم الرأسماليين الأجانب والمحليين المستثمرين في القطاع الفلاحي، عبر تعزيز الزراعات الموجهة للتصدير والتوجه نحو حفر الآبار، ما أدى إلى استنزاف الفرشة المائية في العديد من المناطق”.
ويرى “حزب النهج” أن “الانعكاسات السلبية لهذا الاستنزاف وتزامنها مع توالي سنوات الجفاف” أدى إلى “إتلاف مساحات هامة من الخضروات الموجهة للسوق المحلي؛ ما أدى إلى الارتفاع المهول لأثمانها واكتواء جماهير المستهلكين بنيران هذا الغلاء”.
وانتقد “النهج” في إطار “هذه الأوضاع المقلقة” “تغلغل المستثمرين الصهاينة” الذين منحت لهم “ضيعات شاسعة لزراعة الأفوكادو والفراولة”، مشددا على أن الموارد المائية في المغرب تتشكل “من حجم إجمالي يقدر بحوالي 22 مليار متر مكعب من المياه، منها 18 مليار في السدود والبحيرات، و4 مليارات تعزز المياه الجوفية، في حين لا تمثل تحلية مياه البحر إلا نسبة 3 في المائة”.
ويواصل التنظيم ذاته شارحا: “القطاع الفلاحي يستهلك ما يناهز 84 في المائة من المخزون المائي، بينما يستهلك القطاع الصناعي حوالي 9 في المائة، في حين تمثل نسبة استهلاك الماء المشروب 7 في المائة؛ فمن خلال أهمية القطاع الفلاحي، وتوجهه الهيكلي، يتبين أن المغرب “يصدر الماء” عبر الزراعات التصديرية الأكثر استهلاكا لهذه المادة الحيوية”.
ويحدث هذا في وقتٍ “لا تتعدى طاقة السدود نسبة 28 في المائة حاليا، بسبب قلة التساقطات وأساسا بسبب تراكم التوحل، منذ عدة سنوات”، بحسب المصدر ذاته، متابعا: “أما في ما يخص الماء الصالح للشرب فإن 67 في المائة من الإنتاج الوطني يأتي من المياه السطحية، و30 في المائة من المياه الجوفية، في حين لا تمثل تحلية ماء البحر إلا نسبة 3 في المائة. ويقدر معدل حصة الفرد بأقل من 600 متر مكعب سنويا، وهو ما يقل عن 1000 متر مكعب الذي تعتبره المنظمات الدولية كحد أدنى ضروري للحياة”.
ويرى الحزب المعارض أن “الإجراءات المتخذة للحد من تبذير الماء ليست إلا صورية”، و”محاولات لإخماد التظاهرات واحتجاجات المواطنات والمواطنين في مختلف المناطق التي تشكو من العطش، والمهددين بهجر بلداتهم”.
ويؤكد المصدر ذاته أن “معالجة إشكالية العطش لا يمكن فصلها عن إشكالية فك الارتباط بالدوائر المالية الإمبريالية التي باتت تحكم قبضتها على مفاصل الاقتصاد المغربي لمصالحها، وإهمال مصالح السواد الأعظم من الشعب المغربي الذي يزداد تفقيره وتهميشه بشكل ممنهج”.
كما سجل الحزب ذاته أن “الوضعية الخطيرة لندرة الماء الشروب تستلزم من الدولة التدخل العاجل قصد توفير الماء الكافي والجيد للمناطق المنكوبة”، مع “الضرورة المستعجلة والملحة لوضع خطة محاربة تبذير الماء، وذلك بإغلاق المسابح الخاصة للطبقة البورجوازية وملاعب الكُولْف المتعددة التي تستهلك ما لا يقل عن 5000 متر مكعب يوميا، وهو ما يعادل استهلاك تجمع بشري من 12 ألف نسمة”.
وفي سبيل معالجة إشكالية الماء بمناطق الجنوب، كمدينة زاكورة والمنطقة الشرقية، أي وجدة ونواحيها، مرورا بمناطق الحوز والرحامنة والأطلس، ثم أقاليم ودواوير جهة الوسط، كإقليم الخميسات ونواحيه، أوصى معدو الدراسة بـ”الكف عن الزراعات الموجهة للتصدير، وإقامة زراعات تستجيب للحاجيات الغذائية الأساسية للشعب، وطرد المستثمرين الصهاينة الذين يوسعون من الزراعات الحديثة المستهلكة للماء عبر بناء أحواض مفتوحة لجمع المياه، وهو ما يضيف إتلاف كميات هائلة من الماء عبر التبخر، بسبب الارتفاع الحراري”.
المصدر: هسبريس