حزب العمال البريطاني يباشر توضيب علاقة اليسار بقضية الصحراء المغربية
“إننا لا نعتبر الأنشطة التجارية مع المغرب في الصحراء مخالفة للقانون ما دامت تتماشى مع مصالح الشعب الصحراوي”؛ كانت هذه العبارة “مفتاحية” حين صدرت عن ديفيد لامي، وزير الخارجية البريطاني المنتمي إلى حزب العمال، في جواب برلماني اطلعت عليه هسبريس، واعتبرتها تحليلات يسارية وأكاديمية بمثابة “إعادة ترتيب للأوراق في ما يتعلق بتعاطي بعض الأحزاب اليسارية الأوروبية مع مبدأ تقرير المصير”، الذي “خضع لتحريف خطير حين تحول إلى وسيلة لدعم تصورات تمزيق الدول”، بتعبيرهم.
وكانت جملة “مصالح الشعب الصحراوي” هي “مربط الفرس” بالنسبة لمن تحدثوا لهسبريس، لكونها “توضّب النظرة القديمة لأحزاب اليسار التي ظهرت في سياق حركات التحرر الوطنية خلال مراحل إنهاء الاستعمار”، مبرزين أن “التفكير وفق هذا المنطق يخدم السيادة المغربية على الصحراء في إطار الحكم الذاتي، باعتباره الضامن الوحيد لحقوق الشعب الصحراوي ومصالحه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية كتقرير فعلي للمصير”.
مراجعة تلقائية
علي بوطوالة، نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار، قال إن “وصول حزب العمال إلى الحكم في بريطانيا وإعلانه هذا الأمر يتقاطع مع ما نادى به اليسار المغربي مرارا بخصوص التوسع في الآفاق التي يتيحها مبدأ تقرير المصير، وليس فقط الانشداد إلى النظرة الانفصالية التي ترعاها الجزائر وبعض أطياف اليسار العربي وحتى الأوروبي”، مسجلا أن “الحزب اليساري يدافع أساسا عن مصالح المملكة المتحدة؛ لكنه يخدم مصالح المغرب بشكل آخر، وينهي التصورات الخاطئة التي ارتبطت بتقرير المصير”.
وأضاف بوطوالة، ضمن قراءته لهذه العبارة التي قدمها لهسبريس، أن “مصالح الشعب الصحراوي هي الأصل في مقترح الحكم الذاتي، والمغرب بهذا المعنى قدم المقترح الأكثر تقدما وديمقراطية كتقرير للمصير”، مشددا على أنه “اليوم من واجب الشعب المغربي والقوى التقدمية بالخصوص واليسار المغربي أن يدافعوا عن الوحدة الترابية وعن مصالح المغرب الاقتصادية والاستراتيجية بمنظور ديمقراطي تقدمي وبالشرح الكافي والمفصل للملابسات المرتبطة بتقرير المصير”.
وسجل القيادي اليساري أن “تقرير المصير مفهوم واسع، وحزب العمال قدم تلميحا إلى ما ننادي به: الشكل الأفضل الذي يضمن استقرار الشعوب ورخاءها وينتصر أصلا لمصالحها”، لافتا إلى أن “المنظور الشوفيني الضيف للنظام الجزائري حال دون أن يتوسع هذا التصور الحقيقي والراهن الذي لم يعد يقبل عملية الإفراغ القسرية التي جرت لمبدأ تقرير المصير والذي لا يمكن بأي حال أن يقبله، بشكله التقسيمي، المتتبعون لشرعية المغرب التاريخية والقانونية في هذه المناطق كأفق نهائي لهذا النزاع المفتعل”.
تمهيد رسمي
عبد الفتاح الفاتيحي، رئيس مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، قال إن “حزب العمال، الذي يقود الحكومة، يبدو أنه بدأ يستوعب أن سردية تقرير المصير التي تنادي بها بعض أحزاب هذا اللون في مناطق كثيرة بالعالم باتت مجرد إنشاء لغوي وتصريحات سياسية غير فاعلة على مستوى الأرض، بحقيقة أن الاستفتاء بدا شيئا مستحيلا القيام به رغم أن المغرب رحب بالفكرة خلال التسعينيات من القرن الماضي”.
وأضاف فاتيحي، ضمن توضيحات قدمها لهسبريس، أن “العلاقة بين المغرب وبريطانيا مؤطرة قانونيا وبشكل استراتيجي، ولا يمكن مثلا للحزب الحاكم أن يصدر موقفا مخالفا للأمر؛ لكونه اكتشف بعد اطلاعه جيدا على الملف أن ما يقوم به المغرب على الأرض هو بناء تنموي حقيقي يراعي مصالح الشعب الصحراوي من كافة جوانبه السياسية والاقتصادية والثقافية، إلخ”، معتبرا أنه “من هذا المنطلق المغرب قدم جوابا أمينا وواضحا عن المعنى الحقيقي لتقرير المصير”.
وأبرز المتحدث أن “بريطانيا ستتخذ، قريبا، الموقف الفرنسي نفسه بخصوص دعم سيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، لكونه هو الذي يرعى الإقليم إداريا وسياسيا وأمنيا. وقد أثبتت المملكة، طيلة كل هذه السنوات منذ 2007، باختراقات دبلوماسية كبيرة، أن المقاربة التي تفرض نفسها كحل وكطي نهائي لهذا الملف هي الحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية”، خالصا إلى أن “حزب العمال يسير وفق تصور الحزب الاشتراكي الإسباني، الذي صار حزبا داعما بشكل استراتيجي لمغربية الصحراء”.
المصدر: هسبريس