“حتى متى؟”.. ضعف المقدرة أمام “هولوكوست الفلسطينيين” يبكي قلم شحلان
“التاريخ لا يعيد نفسه”، بل “الإنسان يعيد أخطاءه ويبدع فصولا من المآسي”، بهذه الكلمات يتحدث الأكاديمي المغربي الذي خرّج أجيالا من المتخصصين في اللغة العبرية القديمة ونصوصها، عن محرقة الفلسطينيين بسلاح الإسرائيليين ومباركة قادة عالَميين.
ومن النصوص التي يعتبرها جزء من المؤمنين اليهود مقدسة، ويعتبرها شحلان تاريخا بعديا غير مقدّس يحمل “أحلاما وبطولات متخيلة”، يجد الكاتب جذور وحيٍ موهوم “لا حرمة فيه للإنسان”، ويرى فيه القارئ صورة واقعية على ما حدث ويحدث ضد الفلسطينيين دون أن يرفّ لآلة الحرب الإسرائيلية جفن.
شحلان، الذي يذكّر بالتاريخ الذي “علَّمَنا أن النزعة الحيوانية الكامنة في الإنسان لم تخضع مطلقا للعقل، وأنها تزَيَّت في كثير من العهود، بمُسُوح العقيدة، صراحة أو إضماراً، لتفرق بين الشعوب وتتوج المستبدين”، يتوجه إلى “أنصار الحق”، في كل مكان، كاتبا: “ها (محرقة) الفلسطينيين قد اكتملت، وهاهم اليوم ‘ينعمون’ بنُصْبِ تذكارهم ‘يَدْ وِشِمْ’، وقد أقاموه في دمهم وفي ضمير العالم؛ فما أنتم فاعلون؟ وحتى متى؟ وهل بقي لدمعة ‘المحرقة’ القديمة مكان؟ ويا مسيحيي الغرب، إننا مثلكم لا نريد أن يمس حجر لمعبد في أي أرض كان، فهل تظلون أنتم سكوتا وغزة ‘المهد’ حرائق ودماء ودموع؟ ألا تخافون ويخاف أتباع من ركب حماقته، فحاصر ‘غزة’، عَوْداً إلى ورق تبرئة لم يجف بعد مدادها؟”.
هذا نص مقال أحمد شحلان: “من وهم البطولة إلى حيوانية الإحساس”
ليس لي إلا قلمي وبه أبكي
ألَمٌ فوق ألَمٍ، ورفعت قلمي ليبكي معي، فلم يجد دمعا ًيذرفه اليوم، ولم أجد إلا ما جمعته من قطرات ماء العين، أيام حصار المهد والقيامة، فغسلت به وجهي لأتبرأ من ضعف المقدرة والاتهام بالخذلان.
أحمد شحلان
لا نريد أن تكون الكتب المقدسة حطب حرب كلامية هي تابوت العهد الذي يتقدم جحافل الجيوش. إذ علَّمَنا التاريخ أن النزعة الحيوانية الكامنة في الإنسان لم تخضع مطلقا للعقل، وأنها تزَيَّت في كثير من العهود، بمُسُوح العقيدة، صراحة أو إضماراً، لتفرق بين الشعوب وتتوج المستبدين. ومن طبع المستبدين أن تَلْبَسَهم حال الشعور بالتَّمَيُّز المُسْتَكْبـِر وليس الإيمان بالمبدأ. وهؤلاء يستخدمون عادة القول البريء والرمز السليم، بل النص الديني، وسيلة للزيادة في التسلط والاستبداد وامتطاء مراكب الجُرْم. أبطال التاريخ كُثْرٌ ممن كان هذا ميدانهم وديدانهم. وما نشهده اليوم في أرض السلام، أرض المساجد والكنائس والبيع فهذه شقائق في التنزيل يذكرنا بحقائق المستبدين ممن يستوحون المكتوب ويفسرونه ويستفيدون من حقائقه بطرق مناقضة لتلك الحقائق، بعد أن يتناسوا الظروف التي أتى فيها وما أصابه من مس مما هو بيد الإنسان وتراكمات التاريخ والنزوع النفسي والتقلبات الحضارية.
مقدمة لا بد منها لنقول إننا هنا نقرأ ولا تثير نعرات، نتأمل ولا نصدر أحكاماً، نتفرس “تاريخا” ولا نقرأ تنزيلا.
فماذا نقرأ؟ “سفر يشوع” من بين غيره في القسوة والعدوانية. وذكر “سفر” و”يشوع” غير كاف ليَعْرِف كثير من قرائي ما أنا سالك بهم. لذلك يحسن بي أن أمهل الخطو حتى أعرف بالمقروء. “سفر يشوع” سفر من أسفار العهد العتيق أو العهد القديم أو الكتاب المقدس اليهودي، المعروف في ثقافتنا الإسلامية بـ “التوراة”، من باب إطلاق الجزء على الكل. فالتوراة إذن في كليتها تتكون من ثلاثة أقسام كبرى هي: التوراة والأنبياء، والمكتوبات. وسفر يشوع هو أول إصحاح في قسم الأنبياء. هذا مجرد تلخيص لمكونات العهد العتيق: التوراة. ولا بد من بعض حقائق أخرى قبل النظر في ما أنا ناظر فيه.
أولها هذه الحقائق أن التوراة لم تعد تمثل في الفكر اليهودي إلا الأيْسَر منه، أما مرتكز العقيدة فهو التلمود، وهو الجانب التطبيقي للتوراة؛ وقد بدأت عناصره تتجمع منذ ما يسمى النفي البابلي في القرن السادس ق. م. وحذفت في طبعاته الرائجة اليوم كثير من فصول كانت معادية للمسيحية.
وثانيها أن اليهودية انقسمت على نفسها أول انقسام مثل الربيون جانباً منه، والسامريون جانبا آخر. وحدث هذا الانقسام منذ فجر اليهودية. ولا يؤمن هؤلاء السامريون إلا بالقسم الأول من كتاب العهد العتيق، أي التوراة، وتوراتهم مكتوب بخط مخالف للخط العبري المتداول.. وبين توراتهم وتوراة اليهود الربيين أكثر من ستة آلاف خلاف، كما يثبت ذلك الأحبار السامريون الذين لهم معبدهم الخاص في جبل “جرزيم”.
وانقسم اليهود ثانية في القرن الثامن الميلادي، انقساما آخر مثل أحد طرفيه الربيون، ومثل طرفه الثاني القراؤون ممن كانت لهم الثقافة العربية زاداً. وعليه يكون السامريون رفضوا ثلثي العهد العتيق أولا، ثم ورفضوه كلا منذ زمان. ورد القراؤون التلمود واعتبروه هراء وما به خرافة، وفهموا جل العهد العتيق فهما مخالفا كلية لفهم الربيين.
وثالثة الحقائق تفيد بأن متنوري اليهود منذ العصر الأندلسي الزاهر وإلى سبينوزا الفيلسوف المشهور، أو اليهودي المحقِّق، كلهم فرقوا بين الإيمان اليهودي العقيدة الصرف وما جاء في مدونة التوراة التي هي بين أيدي الناس اليوم، وهي جماع تاريخ بما له وبما عليه.
إذن قراءتنا هنا لا تمس نصاً دينيا وَحْياً، ولا تتعرض لعقيدة، لأن عقيدتنا تفرض علينا احترام الأديان. إننا ننظر في نص لا يدخل في التوراة، أي القسم الأول من العهد العتيق. وغير التوراة مرفوض، كما رأينا، من السامريين ومن كثير من المذاهب اليهودية والمفكرين اليهود الذين اعتبروا القسمين الأخيرين من الكتاب المقدس نصوصا مقدسة من حيث هي سجل لتاريخ بني إسرائيل لا من حيث هي وحي. إن “الرَّبَّ” لم يخاطب في اليهودية إلا رسولا واحدا هو موسى. وكلُّ نص جاءت فيه مخاطبة الرب لغير موسى يعتبر تراثا بشريا وليس نصا إلهيا. هذه هي أساسيات نقد سبينوزا للكتاب المقدس. ومنها نبدأ نحن كلامنا. إننا ننظر في نص يخاطب فيه “الرب” يشوع من الأول حتى النهاية، ويقود فيه المعركة وكأنه المعني بالحرب. فمن هو يشوع الذي ينسب إليه هذا السفر؟.
حَرَّم “الرب” على العبريين جميعا دخول فلسطين لعبادتهم العجل، بما في ذلك موسى نفسه، ولم يستثن من ذلك إلا يشوع وراحاب. وكان يشوع مساعد موسى الرئيسي في رحلة صحراء سينا، وكان قائد جيشه وأحد من صعد معه “الطور” لتلقي الكلمات، وهو خليفته في القيادة لدخول فلسطين، وهو في الأخير محرر هذا السفر المنسوب إليه، كما يعتقد ذلك علماء اللاهوت. السفر: أربعة وعشرون إصحاحا. وضمنه قصة احتلال أرض كنعان (فلسطين) التي تبدأ باجتياز نهر الأردن قرب مدينة أريحا، للاستيلاء على هذه المدينة وباقي أرض كنعان مدينة مدينة. اجتياحٌ كاسح توقفت فيه الشمس عن دورتها، وتوقف فيه مجرى نهر الأردن الهادر عن تدافعه كما أراد ذلك مُدَوِّنُ النص، وكأنها معجزات أخرى حدثت وموسى خارج الزمان ليتم النصر لبني إسرائيل. ويتتابع هذا الاجتياح إلى أن محق السيفُ أهلَ كنعان عن بكرة أبيهم، طفلا شيخاً، نباتاً حيواناً، آباراً، عمراناُ وذكرى. لتوزع الأرض في آخر المطاف على المحتلين سبطا سبطا… ويموت يشوع تاركا أمانة محق الباقي لأبطال السفر الموالي، “سفر القضاة”.
قصة مثيرة ننتقي بعض سطورها كما خطها يشوع ومن أتم بعده الاستيلاء. ولو نقلناها كلها لنقلنا قسما كبيرا من هذه المدونة المسماة العهد العتيق.
نصوص العهد العتيق
[الإصحاح الأول من سفر القضاة]
1 وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ مُوسَى عَبْدِ الرَّبِّ أَنَّ الرَّبَّ كَلَّمَ يَشُوعَ بْنِ نُونٍ خَادِمَ مُوسَى قَائِلاً: 2«مُوسَى عَبْدِي قَدْ مَاتَ. فَالآنَ قُمُ اعْبُرْ هذَا الأُرْدُنَّ أَنْتَ وَكُلُّ هذَا الشَّعْبِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنَا مُعْطِيهَا لَهُمْ أَيْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. 3 كُلَّ مَوْضِعٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ لَكُمْ أَعْطَيْتُهُ، كَمَا كَلَّمْتُ مُوسَى. 4 مِنَ الْبَرِّيَّةِ وَلُبْنَانَ هذَا إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ نَهْرِ الْفُرَاتِ، جَمِيعِ أَرْضِ الْحِثِّيِّينَ، وَإِلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ نَحْوَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ يَكُونُ تُخْمُكُمْ. 5 لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ…”.
الإصحاح السادس
16 وَكَانَ فِي الْمَرَّةِ السَّابِعَةِ عِنْدَمَا ضَرَبَ الْكَهَنَةُ بِالأَبْوَاقِ أَنَّ يَشُوعَ قَالَ لِلشَّعْبِ: «اهْتِفُوا، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَعْطَاكُمُ الْمَدِينَةَ. 17 فَتَكُونُ الْمَدِينَةُ وَكُلُّ مَا فِيهَا مُحَرَّمًا لِلرَّبِّ. رَاحَابُ الزَّانِيَةُ فَقَطْ تَحْيَا هِيَ وَكُلُّ مَنْ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهَا قَدْ خَبَّأَتِ الْمُرْسَلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرْسَلْنَاهُمَا. 18 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَاحْتَرِزُوا مِنَ الْحَرَامِ لِئَلاَّ تُحَرَّمُوا، وَتَأْخُذُوا مِنَ الْحَرَامِ وَتَجْعَلُوا مَحَلَّةَ إِسْرَائِيلَ مُحَرَّمَةً وَتُكَدِّرُوهَا. 19 وَكُلُّ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ تَكُونُ قُدْسًا لِلرَّبِّ وَتَدْخُلُ فِي خِزَانَةِ الرَّبِّ». 20 فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافًا عَظِيمًا، فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ، وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُل مَعَ وَجْهِهِ، وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21 وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُل وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْل وَشَيْخٍ، حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. 22 وَقَالَ يَشُوعُ لِلرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَجَسَّسَا الأَرْضَ: «ادْخُلاَ بَيْتَ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ وَأَخْرِجَا مِنْ هُنَاكَ الْمَرْأَةَ وَكُلَّ مَا لَهَا كَمَا حَلَفْتُمَا لَهَا». 23 فَدَخَلَ الْغُلاَمَانِ الْجَاسُوسَانِ وَأَخْرَجَا رَاحَابَ وَأَبَاهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا وَكُلَّ مَا لَهَا، وَأَخْرَجَا كُلَّ عَشَائِرِهَا وَتَرَكَاهُمْ خَارِجَ مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ. 24 وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا، إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. 25 وَاسْتَحْيَا يَشُوعُ رَاحَابَ الزَّانِيَةَ وَبَيْتَ أَبِيهَا وَكُلَّ مَا لَهَا، وَسَكَنَتْ فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، لأَنَّهَا خَبَّأَتِ الْمُرْسَلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرْسَلَهُمَا يَشُوعُ لِكَيْ يَتَجَسَّسَا أَرِيحَا.
26 وَحَلَفَ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ قَائِلاً: «مَلْعُونٌ قُدَّامَ الرَّبِّ الرَّجُلُ الَّذِي يَقُومُ وَيَبْنِي هذِهِ الْمَدِينَةَ أَرِيحَا. بِبِكْرِهِ يُؤَسِّسُهَا وَبِصَغِيرِهِ يَنْصِبُ أَبْوَابَهَا
. [ومن أريحا إلى “عاي” وهي مدينة كانت على بعد أميال شمال القدس]
الإصحاح الثامن
18 فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «مُدَّ الْمِزْرَاقَ الَّذِي بِيَدِكَ نَحْوَ عَايٍ لأَنِّي بِيَدِكَ أَدْفَعُهَا». فَمَدَّ يَشُوعُ الْمِزْرَاقَ الَّذِي بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ. 19 فَقَامَ الْكَمِينُ بِسُرْعَةٍ مِنْ مَكَانِهِ وَرَكَضُوا عِنْدَمَا مَدَّ يَدَهُ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَأَخَذُوهَا، وَأَسْرَعُوا وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ. 20 فَالْتَفَتَ رِجَالُ عَايٍ إِلَى وَرَائِهِمْ وَنَظَرُوا وَإِذَا دُخَانُ الْمَدِينَةِ قَدْ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَكَانٌ لِلْهَرَبِ هُنَا أَوْ هُنَاكَ. وَالشَّعْبُ الْهَارِبُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ انْقَلَبَ عَلَى الطَّارِدِ. 21 وَلَمَّا رَأَى يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ أَنَّ الْكَمِينَ قَدْ أَخَذَ الْمَدِينَةَ، وَأَنَّ دُخَانَ الْمَدِينَةِ قَدْ صَعِدَ، انْثَنَوْا وَضَرَبُوا رِجَالَ عَايٍ. 22 وَهؤُلاَءِ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ لِلِقَائِهِمْ، فَكَانُوا فِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ، هؤُلاَءِ مِنْ هُنَا وَأُولئِكَ مِنْ هُنَاكَ. وَضَرَبُوهُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ شَارِدٌ وَلاَ مُنْفَلِتٌ. 23وَأَمَّا مَلِكُ عَايٍ فَأَمْسَكُوهُ حَيًّا وَتَقَدَّمُوا بِهِ إِلَى يَشُوعَ. 24 وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الْحَقْلِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ وَسَقَطُوا جَمِيعًا بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا، أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 25فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَال وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ. 26 وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ الَّتِي مَدَّهَا بِالْمِزْرَاقِ حَتَّى حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ. 27 لكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ. 28 وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَهَا تَلاًّ أَبَدِيًّا خَرَابًا إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 29 وَمَلِكُ عَايٍ عَلَّقَهُ عَلَى الْخَشَبَةِ إِلَى وَقْتِ الْمَسَاءِ. وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَمَرَ يَشُوعُ فَأَنْزَلُوا جُثَّتَهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَطَرَحُوهَا عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ، وَأَقَامُوا عَلَيْهَا رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هذَا الْيَوْمِ
الإصحاح العاشر
[بعد تشكيل حلف من عديد من الملوك هم ملوك “أورشليم” و”حبرون” و”يرموت” و”لخيش” و”عجلون”، لمجابهة يشوع]فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «لاَ تَخَفْهُمْ، لأَنِّي بِيَدِكَ قَدْ أَسْلَمْتُهُمْ. لاَ يَقِفُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِوَجْهِكَ». 9 فَأَتَى إِلَيْهِمْ يَشُوعُ بَغْتَةً. صَعِدَ اللَّيْلَ كُلَّهُ مِنَ الْجِلْجَالِ. 10 فَأَزْعَجَهُمُ الرَّبُّ أَمَامَ إِسْرَائِيلَ، وَضَرَبَهُمْ ضَرْبَةً عَظِيمَةً فِي جِبْعُونَ، وَطَرَدَهُمْ فِي طَرِيقِ عَقَبَةِ بَيْتِ حُورُونَ، وَضَرَبَهُمْ إِلَى عَزِيقَةَ وَإِلَى مَقِّيدَةَ. 11 وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ، رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ .
15 ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ إِلَى الْمَحَلَّةِ فِي الْجِلْجَالِ. 16 فَهَرَبَ أُولئِكَ الْخَمْسَةُ الْمُلُوكِ وَاخْتَبَأُوا فِي مَغَارَةٍ فِي مَقِّيدَةَ. 17فَأُخْبِرَ يَشُوعُ وَقيِلَ لَهُ: «قَدْ وُجِدَ الْمُلُوكُ الْخَمْسَةُ مُخْتَبِئِينَ فِي مَغَارَةٍ فِي مَقِّيدَةَ». 18 فَقَالَ يَشُوعُ: «دَحْرِجُوا حِجَارَةً عَظِيمَةً عَلَى فَمِ الْمَغَارَةِ، وَأَقِيمُوا عَلَيْهَا رِجَالاً لأَجْلِ حِفْظِهِمْ. 19 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تَقِفُوا، بَلِ اسْعَوْا وَرَاءَ أَعْدَائِكُمْ وَاضْرِبُوا مُؤَخَّرَهُمْ. لاَ تَدَعُوهُمْ يَدْخُلُونَ مُدُنَهُمْ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ قَدْ أَسْلَمَهُمْ بِيَدِكُمْ». 20 وَلَمَّا انْتَهَى يَشُوعُ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ ضَرْبِهِمْ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدًّا حَتَّى فَنُوا، وَالشَّرَدُ الَّذِينَ شَرَدُوا مِنْهُمْ دَخَلُوا الْمُدُنَ الْمُحَصَّنَةَ. 21 رَجَعَ جَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى الْمَحَلَّةِ إِلَى يَشُوعَ فِي مَقِّيدَةَ بِسَلاَمٍ. لَمْ يَسُنَّ أَحَدٌ لِسَانَهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. 22 فَقَالَ يَشُوعُ: «افْتَحُوا فَمَ الْمَغَارَةِ وَأَخْرِجُوا إِلَيَّ هؤُلاَءِ الْخَمْسَةَ الْمُلُوكِ مِنَ الْمَغَارَةِ». 23 فَفَعَلُوا كَذلِكَ، وَأَخْرَجُوا إِلَيْهِ أُولئِكَ الْمُلُوكَ الْخَمْسَةَ مِنَ الْمَغَارَةِ: مَلِكَ أُورُشَلِيمَ، وَمَلِكَ حَبْرُونَ، وَمَلِكَ يَرْمُوتَ، وَمَلِكَ لَخِيشَ، وَمَلِكَ عَجْلُونَ. 24 وَكَانَ لَمَّا أَخْرَجُوا أُولئِكَ الْمُلُوكَ إِلَى يَشُوعَ أَنَّ يَشُوعَ دَعَا كُلَّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ لِقُوَّادِ رِجَالِ الْحَرْبِ الَّذِينَ سَارُوا مَعَهُ: «تَقَدَّمُوا وَضَعُوا أَرْجُلَكُمْ عَلَى أَعْنَاقِ هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ». فَتَقَدَّمُوا وَوَضَعُوا أَرْجُلَهُمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ. 25 فَقَالَ لَهُمْ يَشُوعُ: «لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَعِبُوا. تَشَدَّدُوا وَتَشَجَّعُوا. لأَنَّهُ هكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ بِجَمِيعِ أَعْدَائِكُمُ الَّذِينَ تُحَارِبُونَهُمْ». 26 وَضَرَبَهُمْ يَشُوعُ بَعْدَ ذلِكَ وَقَتَلَهُمْ وَعَلَّقَهُمْ عَلَى خَمْسِ خَشَبٍ، وَبَقُوا مُعَلَّقِينَ عَلَى الْخَشَبِ حَتَّى الْمَسَاءِ. 27 وَكَانَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَنَّ يَشُوعَ أَمَرَ فَأَنْزَلُوهُمْ عَنِ الْخَشَبِ وَطَرَحُوهُمْ فِي الْمَغَارَةِ الَّتِي اخْتَبَأُوا فِيهَا، وَوَضَعُوا حِجَارَةً كَبِيرَةً عَلَى فَمِ الْمَغَارةِ حَتَّى إِلَى هذَا الْيَوْمِ عَيْنِهِ.
15 ثم رجع يشوع وجيشه إلى المخيم في “الجِلْجَال”. 16 وهرب الملوك الخمسة واختبؤوا في كهف في مقيدة…22 ثم قال يشوع: “افتحوا مدخل الكهف وأخرجوا الملوك الخمسة” 23 فنفذوا أمره وأخرجوا الملوك الخمسة…24 وما إن أقبلوا بهم إليه حتى استدعى كل محاربيه، وقال لقادتهم الذين ساروا معه: “تقدموا وطئوا بأرجلكم رقاب هؤلاء الملوك”. ففعلوا ذلك…26 ثم قتلهم يشوع بعد ذلك وعلق جثتهم على خمسة أشجار حتى المساء. 27 وعند غروب الشمس أمر يشوع فأنزلوهم عنها وطرحوهم في الكهف…”.
28 وَأَخَذَ يَشُوعُ مَقِّيدَةَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَضَرَبَهَا بِحَدِّ السَّيْفِ، وَحَرَّمَ مَلِكَهَا هُوَ وَكُلَّ نَفْسٍ بِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا، وَفَعَلَ بِمَلِكِ مَقِّيدَةَ كَمَا فَعَلَ بِمَلِكِ أَرِيحَا .
29 ثُمَّ اجْتَازَ يَشُوعُ مِنْ مَقِّيدَةَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ إِلَى لِبْنَةَ، وَحَارَبَ لِبْنَةَ. 30 فَدَفَعَهَا الرَّبُّ هِيَ أَيْضًا بِيَدِ إِسْرَائِيلَ مَعَ مَلِكِهَا، فَضَرَبَهَا بِحَدِّ السَّيْفِ وَكُلَّ نَفْسٍ بِهَا. لَمْ يُبْقِ بِهَا شَارِدًا، وَفَعَلَ بِمَلِكِهَا كَمَا فَعَلَ بِمَلِكِ أَرِيحَا. 31 ثُمَّ اجْتَازَ يَشُوعُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ مِنْ لِبْنَةَ إِلَى لَخِيشَ وَنَزَلَ عَلَيْهَا وَحَارَبَهَا. 32 فَدَفَعَ الرَّبُّ لَخِيشَ بِيَدِ إِسْرَائِيلَ، فَأَخَذَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَضَرَبَهَا بِحَدِّ السَّيْفِ وَكُلَّ نَفْسٍ بِهَا حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ بِلِبْنَةَ. 33 حِينَئِذٍ صَعِدَ هُورَامُ مَلِكُ جَازَرَ لإِعَانَةِ لَخِيشَ، وَضَرَبَهُ يَشُوعُ مَعَ شَعْبِهِ حَتَّى لَمْ يُبْقِ لَهُ شَارِدًا.
34 ثُمَّ اجْتَازَ يَشُوعُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ مِنْ لَخِيشَ إِلَى عَجْلُونَ فَنَزَلُوا عَلَيْهَا وَحَارَبُوهَا، 35 وَأَخَذُوهَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ، وَحَرَّمَ كُلَّ نَفْسٍ بِهَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ بِلَخِيشَ. 36 ثُمَّ صَعِدَ يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ مِنْ عَجْلُونَ إِلَى حَبْرُونَ وَحَارَبُوهَا، 37 وَأَخَذُوهَا وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ مَعَ مَلِكِهَا وَكُلِّ مُدُنِهَا وَكُلِّ نَفْسٍ بِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ بِعَجْلُونَ، فَحَرَّمَهَا وَكُلَّ نَفْسٍ بِهَا.
38 ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ إِلَى دَبِيرَ وَحَارَبَهَا، 39 وَأَخَذَهَا مَعَ مَلِكِهَا وَكُلِّ مُدُنِهَا، وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ وَحَرَّمُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا، كَمَا فَعَلَ بِحَبْرُونَ كَذلِكَ فَعَلَ بِدَبِيرَ وَمَلِكِهَا، وَكَمَا فَعَلَ بِلِبْنَةَ وَمَلِكِهَا .
40 فَضَرَبَ يَشُوعُ كُلَّ أَرْضِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ وَالسُّفُوحِ وَكُلَّ مُلُوكِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا، بَلْ حَرَّمَ كُلَّ نَسَمَةٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ. 41 فَضَرَبَهُمْ يَشُوعُ مِنْ قَادَشَ بَرْنِيعَ إِلَى غَزَّةَ وَجَمِيعَ أَرْضِ جُوشِنَ إِلَى جِبْعُونَ. 42 وَأَخَذَ يَشُوعُ جَمِيعَ أُولئِكَ الْمُلُوكِ وَأَرْضِهِمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ حَارَبَ عَنْ إِسْرَائِيلَ. 43 ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ إِلَى الْمَحَلَّةِ إِلَى الْجِلْجَالِ.
الإصحاح الحادي عشر
[تمتد يد يشوع إلى الشمال لهزيمة حلف آخر فيه ملوك “حَاصُورَ” و”مَادُونَ” و”شِمْرُونَ” و”أَكْشَافَ”]2 وَإِلَى الْمُلُوكِ الَّذِينَ إِلَى الشِّمَالِ فِي الْجَبَلِ، وَفِي الْعَرَبَةِ جَنُوبِيَّ كِنَّرُوتَ، وَفِي السَّهْلِ، وَفِي مُرْتَفَعَاتِ دُورَ غَرْبًا، 3 الْكَنْعَانِيِّينَ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، وَالأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ فِي الْجَبَلِ، وَالْحِوِّيِّينَ تَحْتَ حَرْمُونَ فِي أَرْضِ الْمِصْفَاةِ.
[ويفعل يشوع في كل هؤلاء فعله الذي سبق، ويضيف إليهم العناقيين الذين] ” …21 وَجَاءَ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَقَرَضَ الْعَنَاقِيِّينَ مِنَ الْجَبَلِ، مِنْ حَبْرُونَ وَمِنْ دَبِيرَ وَمِنْ عَنَابَ، وَمِنْ جَمِيعِ جَبَلِ يَهُوذَا، وَمِنْ كُلِّ جَبَلِ إِسْرَائِيلَ. حَرَّمَهُمْ يَشُوعُ مَعَ مُدُنِهِمْ. 22 فَلَمْ يَتَبَقَّ عَنَاقِيُّونَ فِي أَرْضِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لكِنْ بَقُوا فِي غَزَّةَ وَجَتَّ وَأَشْدُودَ. 23 فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ الأَرْضِ حَسَبَ كُلِّ مَا كَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ مُوسَى، وَأَعْطَاهَا يَشُوعُ مُلْكًا لإِسْرَائِيلَ حَسَبَ فِرَقِهِمْ وَأَسْبَاطِهِمْ. وَاسْتَرَاحَتِ الأَرْضُ مِنَ الْحَرْبِ .
مقتطفات من سفر يشوع، نقلناها حرفا، دون أن نستعمل لغتنا، واخترناها هي بالذات، لأنها تصور بعضا مما نعيشه اليوم. وليس من الضروري أن تكون هذه وقائع حقيقية دونها المدون وهو صحافي يتعقب الأحداث. إنها تاريخ مدون كتب في ما بعد، وهو رغبة لما تمنى المدون أن يكون لا ما كان، وحرر رغبته مبادئ وقواعد للغزو، استوحاها من مجريات متأخرة عن الحدث، وأرادها أن تكون دستورا لما يقبل من الأيام، بعد تاريخ فيه من السبي البابلي بقايا، ومن الحصار الروماني والصراعات التي عرفتها المنطقة أزمانا، بقايا. وفيها من مزج الماضي بالحاضر الشيء الكثير، وفيها وبالخصوص ما يستلهمه المتسلطون من الذين يريدون أن يكونوا أنبياء من غير وحي، ورسلا من غير رسالة. إنه استلهام جعل منه من ركب أحلامه وامتطى البطولات المتخيلة، وحْياً لا حرمة فيه للإنسان، وعمل بمقتضاه على حرق المدن واقتلاع الأشجار وقتل الأطفال والحوامل والشيوخ وهدم البنيان على معمريها، ووو وهذا ما لم تشهد الإنسانية مثيله قتل الإنسان بالتقسيط، حين تركه جسما ينزف دما وهو ينتظر الموت بلا شفقة. جريمة لم يضع لها القانون البشري بعد أحكاما. وأي كتاب سماوي يرضى بهذا؟.
لقد نجح هذا “البطل” الذي استلهم إن استلهم في أن يكتب فصولا رائعة في قصة “هولوكوست” الفلسطينيين. ولا أعتقد أن هناك “محرقة” تفوق محرقتهم، إذا ما قيست بالأداة والعتاد وسبق الإصرار وصم الآذان ومقدار الزمان الذي حدثت فيه هذه “المحرقة”. فيا أنصار الحق، ها “محرقة” الفلسطينيين قد اكتملت، وهاهم اليوم “ينعمون” بنُصْبِ تذكارهم “يَدْ وِشِمْ”، وقد أقاموه في دمهم وفي ضمير العالم. فما أنتم فاعلون؟ وحتى متى؟ وهل بقي لدمعة “المحرقة” القديمة مكان؟. ويا مسيحيي الغرب إننا مثلكم لا نريد أن يمس حجر لمعبد في أي أرض كان، فهل تظلون أنتم سكوتا وغزة “المهد” حرائق ودماء ودموع؟ ألا تخافون ويخاف أتباع من ركب حماقته، فحاصر “غزة”، عَوْداً إلى ورق تبرئة لم يجف بعد مدادها؟ إن التاريخ لا يعيد نفسه، إنه الإنسان يعيد أخطاءه ويبدع فصولا من المآسي.
المصدر: هسبريس