دخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع زاكورة على خط وفاة السيدة “م.س.ي” وجنينها، عقب إحالتها من المستشفى الإقليمي نحو وجهة أخرى، بسبب ما وصفته الجمعية بـ“تعطيل قسم الإنعاش وغياب الطبيب المسؤول عنه”، معتبرة أن الحادث نتيجة مباشرة للإهمال والتقصير داخل المؤسسة الصحية سالفة الذكر.

وأوضحت الجمعية، في بلاغ توصلت جريدة “” بنسخة منه، أن الضحية، البالغة من العمر 29 سنة، دخلت المستشفى الإقليمي بزاكورة من أجل الولادة، غير أن حالتها الصحية تدهورت خلال الساعات التي قضتها بالمستشفى، بسبب ما وصفته بـ“غياب طبيبة الإنعاش وعدم التدخل لإيقاف النزيف، وهو ما انتهى بوفاتها ووفاة جنينها المغربي”، وفق قولها.

وأشار فرع الجمعية إلى أن ما حدث للضحية يختزل واقع قطاع الصحة بزاكورة، واصفا المستشفى الإقليمي بـ“غرفة الموت”، مستعرضا معاناة الفقيدة التي استمرت لـ6 ساعات داخل مصلحة الولادة، قبل أن يتم توجيهها إلى وجهة مجهولة دون توفر شروط الإنعاش، مما تسبب في وفاتها بمنعرجات أيت ساون.

وأكدت الجمعية أن هذا الحادث ليس معزولا، بل يأتي في سياق ما وصفته بـ“الغيابات المستمرة، والإهمال، واللامبالاة التي يعرفها المستشفى الإقليمي بزاكورة”، لافتة إلى “تراكم شكايات المواطنين حول تردي الخدمات، وتعطل عدد من المصالح الحيوية، وعلى رأسها مصلحة الإنعاش”.

وأبرز البلاغ أن هذا “الوضع الصحي المتدهور ينتهك بشكل صارخ الحق في الحياة والسلامة البدنية”، داعيا إلى “تحقيق العدالة المجالية في القطاع الصحي، عبر تمكين المناطق المهمشة من خدمات صحية تضاهي تلك المقدمة في المراكز الحضرية الكبرى”.

إلى ذلك، طالب التنظيم الحقوقي ذاته، بـ“فتح تحقيق نزيه وشامل للكشف عن جميع المتورطين في هذه الفاجعة، ومحاسبة كل من ثبت تقصيره في أداء مهامه، سواء على مستوى التسيير الإداري أو الإشراف الطبي، مع إحالة المعنيين على العدالة وعدم التستر على هذه الجريمة الصحية”.

وفي السياق ذاته، دعا فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بزاكورة كافة الهيئات المناضلة والفعاليات المدنية والجماهير الشعبية إلى المشاركة المكثفة في الشكل النضالي الذي تقرر تنظيمه يوم الأحد 7 شتنبر الجاري، على الساعة السادسة مساء، أمام المستشفى الإقليمي بزاكورة.

وكانت سيدة حامل، تنحدر من دوار أولاد بيوسف، جماعة تمݣروت بإقليم زاݣورة، قد لقيت مصرعها رفقة رضيعها، مساء السبت المنصرم، أثناء محاولة نقلها من المستشفى الإقليمي بزاݣورة إلى مستشفى سيدي حساين بناصر بورزازات، في مشهد مؤلم أعاد إلى الواجهة واقع المنظومة الصحية المتدهورة بالإقليم.

وبحسب مصادر محلية لـ“”، فإن السيدة كانت قد وضعت مولودها عبر عملية قيصرية بمستشفى زاݣورة، غير أن الرضيع وُلد في حالة اختناق، مما استدعى نقله على وجه السرعة إلى مستشفى ورزازات، الذي يبعد بأكثر من 160 كيلومترا عن زاݣورة، عبر طريق جبلية وعرة تمر من منعرجات “أيت ساون” الخطيرة.

وأضافت المصادر ذاتها، أن الأم المسماة قيد حياتها مريم، تبعت رضيعها في نفس الاتجاه، بعد أن تعرضت لنزيف حاد عقب الولادة، في وقت كان المستشفى يفتقر إلى طبيب التخدير (البناج)، ما حال دون تقديم الرعاية العاجلة اللازمة لها.

ولم تكمل السيدة، وهي أم لطفلة تبلغ من العمر 3 سنوات، رحلتها نحو ورزازات، حيث لفظت أنفاسها الأخيرة على الطريق، وفارقت الحياة رفقة رضيعها، وهي التي خرجت من منزلها على أمل استقبال مولودها في ظروف صحية آمنة تحفظ كرامتها وسلامتها.

وخلفت الحادثة حالة من الصدمة والحزن في أوساط ساكنة تمݣروت وزاݣورة عامة، وسط تساؤلات متجددة حول مصير النساء الحوامل في الإقليم، وعدالة توزيع الخدمات الصحية بين جهات المغرب، خاصة في المناطق النائية والمعزولة.

ويشتكي عدد من النشطاء والفاعلين المدنيين والحقوقيين من غياب تجهيزات أساسية بدور الولادة ونقص حاد في الموارد البشرية، ما يجبر النساء على قطع مسافات طويلة، غالبا في ظروف غير إنسانية، من أجل الاستفادة من حقهن البديهي في الولادة.

وأكد الفاعلون المدنيون والحقوقيون في تصريحات متطابقة لـ“”، أن ما وقع ليس حادثا معزولا، بل يتكرر في صمت كل سنة، في ظل غياب تدخل حقيقي من الجهات المعنية، ما يستدعي إعادة النظر في السياسات الصحية بالإقليم وتوفير مستشفى إقليمي مجهز وكافٍ يستجيب للخصوصية الجغرافية والإنسانية لزاݣورة.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.