جمعويون يحذرون من مواجهة ارتفاع درجات الحرارة بالسباحة في حقينة السدود
في ظل ارتفاع درجة الحرارة، يقبل العديد من سكان المدن الصغرى والقرى المجاورة لبحيرات السدود على السباحة في مياهها، بحثاً عن أشكال مختلفة لـ”لترويح” عن النفس و”الاستجمام”، رغم أن ذلك يطرح مخاطراً جمة، من بينها الغرق وضعف الأمان في مناطق السدود بالمقارنة مع المسابح البلدية أو الخاصة أو الشواطئ.
وككل سنة، تعود التحذيرات إلى الواجهة، بحكم ما يسجل سنويا من حالات الغرق في العديد من سدود المملكة، خاصة أن السباحة في السد تستدعي مهارة عالية، لكونها أصعب وأكثر كلفة من الناحية البدنية بالمقارنة مع السباحة في الشواطئ التي تتمتع بكثافة في المياه تساعد الجسم على البقاء على السطح.
فراغ كبير
عبد الواحد زيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، اعتبر أن “سباحة الشباب وأحيانا الأطفال في أحواض السدود، بكل ما يشكله ذلك من خطورة، ينبغي أن تسائل الجهود التي تقوم بها وزارة الشباب عندنا للنهوض بأوضاع شباب صار يعاني اليوم في وجوده”، موضحا أن “التحذيرات التي نطلقها دائما إعلانا للمخاوف على شريحة حساسة، لم تحرك الجهات الرسمية بعد لتقديم بدائل ممكنة لهذا الشباب”.
وأضاف زيات، ضمن تصريح لهسبريس، أن “مشكلة السباحة في السدود أنها تعبير عن جزء فقط من المعاناة المركبة والكليانية التي تبين انعدام التصورات الرسمية في هذا الجانب”، مشيرا إلى أن “من يذهب إلى السدود هناك احتمالات كبيرة بأن يغرق، نظراً لعدم توفر الحماية نهائيا في السدود بالمُقارنة مع الشواطئ، ولكن نحنُ جميعا نعرف أن الصيف له طقوسه وارتفاع درجة الحرارة يخبرنا تلقائيا بضرورة التفكير في سبل للترويح، منها السباحة”.
وشدد رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب على أنه “رغم خطورة السباحة في السدود، فلا يجب أن نختزل فيها مشاكل الشباب في الصيف أو طيلة السنة، لكون الحكومات المتعاقبة أهدرت سنوات ولم تفكر بشكل استراتيجي يضمن استقرارا نفسيا وسلوكيا لهؤلاء الشباب عبر تنويع العروض وتوفير المرافق”، مسجلاً أنه “ليس لدينا حتى اليوم برنامجاً للشباب، بل لدينا برامج للطفولة، وهو ما يجعلنا نعيش في حالة فراغ في ما يتعلق بالشاب”.
ومن ثم، يقترح الفاعل المدني أن تفكر الحكومة المغربية، متمثلة في وزارة الشباب، في وضع برنامج واعد وشامل ومنسجم، ينظم السباحة والسياحة الجبلية والحضرية والتطوع، إلخ”، مبرزا أن “الشباب في الصيف بعد سنة دراسية أو جامعية مكلفة سيحتاج إلى فضاءات للترفيه، وفي حال عدم توفر مسابح أو شواطئ، فالمناطق القريبة من السدود يتجه شبابها إلى السباحة في هذا الفضاء الخطير، الذي يهدد حياتهم بشكل حصري”.
موقف سياسي
اعتبر أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية مع المستهلكين، أن “ضعف العرض المتعلق بالمرافق المسبحية، إذا ما أردنا أن نطالب بتقويته، فهذا موقف سياسي خالص يجب أن تعبر عنه الأحزاب والنقابات”، قائلاً: “أنا كمواطن قبل أن أكون جمعويا حتى، أعتبر أنه من الحيف أن نكون في سنة 2023 ومازال شبابنا يذهبون إلى السدود للسباحة، رغم أن المخاطر كثيرة، منها تكتل الوحل، ما يجعل الصعود في حالة الغرق مهمة جد صعبة”.
وصرح بيوض لهسبريس بأن “المعاملة الاستهلاكية تقتضي توفر مسبح فيه علاقة تبادلية مع المواطن المرتفق، وحين ينتفي المسبح كمؤسسة عمومية أو كشركة خاصة، ينتفي نطاق تدخل المجتمع المدني في ما يتعلق بحماية المستهلك”، موضحا أن “سؤال الفراغ الذي تعيشه العديد من المناطق في المسابح، يجب أن يحرك ضمير الفاعل السياسي، باعتبار ذلك حقا للمواطن، وواجباً على الدولة توفيره، أي أن توفر مسبحا يرتب المسؤوليات، ضمن عملية استهلاكية محضة، تمكن من المساءلة لاحقاً”.
وشدد الناشط في مجال حماية المُستهلك على أنه “لكي يكون هناك تكامل، يجبُ أن يعرف كل مجال حدوده، وبالتالي المجتمع المدني ينبه إلى الاختلالات، ولا يطالب بتعديلها، لكون القانون يمنع على الجمعيات اتخاذ موقف سياسي”، مضيفا أنه “حين تطالب الأحزاب بالمسابح وتوفرها الحكومة أو الجماعات المحلية المنتخبة، يمكننا التدخل للدفاع عن المستهلك، ما يعني أن العملية الاستهلاكية في الوقت الحالي عبارة عن بياض واضح، وعدم توفر المسابح قد يكون مشكلة حقيقية بالنسبة للمستهلك”.
وختم بيوض بأن “الدولة ستكون مسؤولة إذا ذهب شاب إلى السد وغرق أو تعرض للسعة حشرة أو عقرب، فأربكت سباحته، لكونها لم توفر لهذا الشاب مرافق تحفظ راحته وكرامته كمواطن مغربي”، لافتا إلى أن “هذا الموقف هو تعبير عن قناعة شخصية، وليس نضالاً أو موقفا جمعويا، لأنها مسألة بدهية أن ينمو الشاب في فضاء يضمن له الأريحية في الحياة بشكل عام، لكونه مغربيا، ولكون وظيفة الدولة أن تقوم بما يجب، حماية له ولنموه”.
المصدر: هسبريس