لا تزال مظاهر التغوّل والسيطرة على “البركينغات” الساحلية ورمال الشواطئ قائمة بجماعة الشراط، الواقعة ضمن نفوذ إقليم بنسليمان، حيث يتعرض المواطنون بشكل يومي لجملة من السلوكيات المنافية للأخلاق والقيم.
وحسب ما عاينته جريدة ، فإن الأشخاص المكلّفين بتنظيم “البركينغات الشاطئية” بجماعة الشراط، والذين من المفترض أن يتحلّوا بأبسط السلوكيات التي تتماشى مع أخلاق وحضارة البلاد والمنطقة، يعرضون حياة المصطافين للخطر من خلال السب والقذف، وقد يصل الأمر أحياناً إلى التهديد بكسر السيارة أو إلحاق أضرار مادية بها في حال رفض الشخص الخضوع لأوامرهم.
وفي السياق ذاته، توصلت بعدد من الشكايات تتعلق بتورط أغلبية الأشخاص الذين يستغلون رمال شاطئ “إدين” بجماعة الشراط في شبهات النصب، إذ يعمدون إلى كراء الكراسي والمظلات (البراصولات) للمصطافين، قبل أن يظهر شخص آخر يدّعي أن هذه المعدات سُرقت منه ثم يعيد كراؤها، وهو ما يضع المواطنين المغاربة والأجانب في مواقف محرجة.
وعبّر عدد من المصطافين الذين يقصدون الشاطئ يوميا عن غضبهم واستيائهم من هذه التصرفات والمضايقات، خاصة وأن هذه الممارسات تساهم بشكل مباشر في إعطاء صورة سوداوية عن المملكة المغربية، وهي مقبلة على احتضان تظاهرات رياضية كبرى، أبرزها كأس العالم 2030.
وكشف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببنسليمان عن تعرض عدد من المصطافين والمصطافات، يوم السبت 9 غشت 2025، لاعتداءات وممارسات وصفت بـ”النصبية” من طرف بعض أصحاب الكراسي والواقيات الشمسية بشاطئ جماعة الشراط.
وأوضح الفرع الحقوقي، في بلاغ موجّه للرأي العام، أن المصطافين وجدوا أنفسهم ضحية استغلال غير قانوني للشاطئ، من خلال فرض أثمنة مبالغ فيها، والاستحواذ على مساحات عمومية من طرف أشخاص يفرضون خدماتهم بالقوة، مما أدى في بعض الحالات إلى احتكاكات كلامية وتطورت إلى اعتداءات.
وأعلنت الجمعية عن تضامنها الكامل مع جميع المتضررين والمتضررات من هذه الممارسات، محمّلة السلطات المحلية والمجلس الجماعي لجماعة الشراط مسؤولية ما وقع، باعتبارهم الجهة المخوّلة قانوناً بضمان احترام الملك العمومي البحري وحماية المواطنين من أي شكل من أشكال الابتزاز أو العنف.
كما طالبت الجمعية بتدخل عاجل لوضع حد للفوضى التي تشهدها الشواطئ بالمنطقة، من خلال تنظيم عملية كراء الكراسي والواقيات الشمسية في إطار القانون، وتوفير الأمن وحماية حقوق المصطافين، خصوصا وأن الشاطئ يعد وجهة مفضلة للعديد من الزوار المحليين والأجانب خلال فصل الصيف.
ويأتي هذا الحادث ليعيد إلى الواجهة النقاش حول استغلال الشواطئ المغربية من طرف أشخاص أو جهات بدون ترخيص، وتحويلها إلى فضاءات خاصة بمقابل إجباري، في خرق واضح للقوانين المنظمة ولحق المواطنين في الولوج الحر والمجاني للشواطئ، كما يكفله الدستور المغربي والمواثيق الدولية ذات الصلة.
وأكد محمد متلوف، نائب رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإقليم بنسليمان، أن الشواطئ العمومية التابعة لجماعة الشراط أصبحت محور جدل واسع في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب تزايد عدد الشكايات التي رفعها العديد من المواطنين والزوار.
وأوضح متلوف في تصريح خاص لجريدة “” أن مجموعة كبيرة من المصطافين يعانون من تصرفات غير مقبولة من طرف حراس السيارات والدراجات النارية المنتشرين على طول الشواطئ. هؤلاء الحراس، لا يقتصر دورهم على تنظيم المواقف فقط، بل يتعدون إلى تهديد المواطنين والدخول في صراعات مستمرة معهم، ما يجعل الأجواء غير آمنة وغير مريحة للزوار.
وزاد: “هذا الوضع أدى إلى عزوف الكثير من المصطافين عن الاستمرار في التواجد بالشواطئ، بل ودفع البعض منهم إلى مغادرة المكان نهائيا، مع رفض واضح للعودة إليه في المستقبل.
وأضاف المتحدث ذاته أن الشكايات لم تقتصر فقط على هذه التصرفات، بل شملت كذلك العديد من الأشخاص الذين يستغلون رمال الشاطئ بطرق غير قانونية.
ولفت الفاعل الحقوقي إلى أن هؤلاء المستغلون الذين ينتهزون فرصة التواجد على الشواطئ لتحقيق مكاسب شخصية، يقومون بالنصب على المواطنين البسطاء بوسائل ملتوية، مما يزيد من غضب واستياء المصطافين، سواء كانوا من المغاربة أو الأجانب.
وأشار متلوف إلى أن هذه الممارسات تمس بحقوق الجميع، وتعتبر تعديا على الثروات الطبيعية التي تمتلكها المنطقة، وهو ما يطرح تساؤلات حول دور السلطات المحلية في مراقبة الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الشواطئ العمومية وضمان أمن وسلامة الزوار.
كما شدد على أهمية تدخل الجهات المعنية بسرعة لوضع حد لهذه التجاوزات، وذلك حفاظا على سمعة المنطقة السياحية وعلى حقوق المواطنين الذين يستحقون قضاء أوقات ممتعة وآمنة خلال فترات الاستجمام.
في الختام، دعا نائب رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى توحيد الجهود بين المجتمع المدني والسلطات المحلية لوضع حلول ناجعة لهذه الإشكالات، والعمل على تنظيم الوضع بشفافية وعدالة، مع احترام حقوق جميع الأطراف، للحفاظ على مكانة الشواطئ العمومية كفضاءات للراحة والترفيه للجميع.
المصدر: العمق المغربي