شرعت عدد من المقاطعات التابعة لجماعة الدار البيضاء، خلال الأيام القليلة الماضية، في توقيف عملية توزيع الأدوية الخاصة بمرضى السكري، ما أثار استياء شريحة واسعة من المواطنين الذين اعتادوا على الحصول عليها من مكاتب حفظ الصحة داخل المقاطعات.
وبحسب المعطيات التي حصلت عليها جريدة “”، فإن جماعة الدار البيضاء عمّمت مراسلة على رؤساء المقاطعات تدعوهم إلى التوقف الفوري عن توزيع أدوية داء السكري، وهو ما استجاب له عدد كبير من الرؤساء دون تأخير.
ويأتي هذا القرار المثير للجدل على خلفية التقرير الأخير الصادر عن المجلس الجهوي للحسابات، الذي طالب فيه جماعة الدار البيضاء بوقف توزيع هذه الأدوية، معتبرا أن الأمر يدخل ضمن اختصاصات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
التقرير ذاته اعتبر أن توزيع الأدوية من طرف المقاطعات يشكل خرقا قانونيا، ليتم بذلك تجريدها من هذه المهمة، وفرض حالة من “الحظر الإداري” على الرؤساء الذين اعتادوا تولي هذه العملية.
وبينما سارعت مقاطعات كبرى، مثل سيدي مومن ومولاي رشيد، إلى تنفيذ القرار بشكل فوري، اختارت مقاطعات أخرى مواصلة توزيع الأدوية إلى حين نفاد المخزون المتوفر لديها، في محاولة منها لتفادي حرمان المرضى من الدواء بشكل مفاجئ.
القرار خلف موجة من القلق والغضب في صفوف المرضى، الذين باتوا يواجهون مصيرا غامضا بشأن كيفية الحصول على علاجهم الحيوي، في ظل غياب أي توجيهات واضحة من الجهات المعنية حول البدائل الممكنة.
وأكد يوسف سميهرو، الفاعل السياسي البارز بمدينة الدار البيضاء، أن قرار وقف توزيع أدوية داء السكري على المواطنين من طرف مقاطعات العاصمة الاقتصادية لم يكن عشوائيا، بل جاء استجابة لتوصيات صادرة عن المجلس الجهوي للحسابات، موضحا أن جماعة الدار البيضاء قامت بتوجيه مراسلات رسمية إلى 16 مقاطعة تقضي بوقف هذه العملية.
وفي تصريح لجريدة “”، أوضح سميهرو أن توزيع أدوية السكري سيُسند مستقبلا بشكل حصري إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، باعتبارها الجهة الرسمية والمخولة قانونيا بتدبير وتوزيع الأدوية، وذلك استنادا إلى ما ورد في الصيغة النهائية لتقارير المجلس الجهوي للحسابات، التي شددت على أن الجماعات الترابية والمقاطعات لا يحق لها شراء أو توزيع الأدوية على المواطنين.
وأشار المتحدث إلى أن هذه الإجراءات الجديدة أثارت قلقا كبيرا، خاصة في أوساط المواطنين الذين يعانون من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، مبرزا أن منطقة سيدي مومن وحدها تضم ما يزيد عن 6 آلاف مستفيد من برنامج توزيع أدوية السكري، معظمهم ينتمون إلى فئات تعاني من الهشاشة والفقر، ما يجعلهم أكثر عرضة لتداعيات هذا القرار.
وسلط سميهرو الضوء على إشكالية خطيرة تتعلق بندرة الأدوية المعنية في الصيدليات، مشيرا إلى أن السوق لا يتوفر على كميات كافية من هذه الأدوية الحيوية، في وقت لم يتم فيه الإعلان عن أي خطة أو آلية بديلة واضحة لتأمين استمرارية تموين المواطنين بها.
كما شدد على أن الكميات التي توزعها وزارة الصحة حالياً لا ترقى إلى مستوى الحاجيات الفعلية للسكان، معتبرا أن الجماعة كانت تلعب دورا مكملا ومهمًا عبر توفير كميات كبيرة من هذه الأدوية، مما ساعد في التخفيف من معاناة المواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود.
وأضاف أن غياب هذا الدعم الجماعي اليوم يضع السكان في مواجهة مباشرة مع الخصاص، ويزيد من معاناتهم الصحية والمعيشية.
واختتم سميهرو حديثه بدعوة الجهات المسؤولة إلى الإسراع في إيجاد حلول عملية ومستدامة لضمان استمرارية تموين مرضى السكري بالأدوية الضرورية، محذرا من أن أي تأخر أو تهاون في هذا الملف قد تكون له عواقب وخيمة على حياة آلاف المواطنين بالعاصمة الاقتصادية.
المصدر: العمق المغربي