جريمة ثقافية .. مؤرخون مغاربة يستنكرون “اختفاء قنطرة تدزي التاريخية”
الجمعة 22 نونبر 2024 03:00
استنكر مركز بحثي تاريخي بارز “اختفاء قنطرة تدزي التاريخية”، وطالب بـ”فتح تحقيق في الجريمة الثقافية المرتكبة في حق التراث الوطني للمملكة”.
وأردف مركز موكادور للدراسات والأبحاث بالصويرة: “أثار اختفاء قنطرة تدزي التاريخية تساؤلات الرأي العام الوطني مؤخرا، بعد اكتشاف محو معالمها العمرانية على وجه الأرض، حول الأسباب الكامنة وراء ارتكاب هذه الجريمة الثقافية، خصوصا أن هذه المعلمة بعيدة كل البعد عن التجمعات السكنية، وتوجد بالقرب من وادي تدزي البعيد عن مركز الجماعة/التجمع السكاني بأزيد من 4 كيلومترات”.
وتابع المركز البحثي التاريخي بأن “ركام القنطرة لا توجد آثاره في موقع الهدم”، علما أنها كانت معلمة تُعرف بـ”جمالية الهندسة (…) التي تعود للحقبة الكولونيالية، إذ تم بناؤها في عشرينيات القرن الماضي، وسبق أن ذكر السيد عبد المالك أخرضيض، من أحفاد عائلة أخرضيض المقاومة، أن لهذه المعلمة ارتباط بالمقاومة الحاحية للاستعمار الفرنسي، قائلا: هذه القنطرة زيادة على أنها معلمة تاريخية لنا معها ذكريات خالدة مرتبطة بمقاومة قبيلة حاحا للمستعمر الغاشم. ومن بين ما أتذكره ما روى لي الوالد الحاج محمد اخرضيض أنه بعد تضييق الخناق عليه من السلطات الاستعمارية، والحكم عليه غيابيا بسنتين سجنا، لجأ إلى الدارالبيضاء وكان يزور بين الفينة والأخرى الصويرة وحاحا لزيارة الأهل وتنسيق العمل الفدائي بالمنطقة، وتزويدهم بالسلاح، وكان غالبا ما يستقل حافلة بولمان المعروفة لأنها تسافر ليلا، وخصوصا أن له علاقة صداقة بأحد الأوروبيين سائق الحافلة، وكانت لهما الهواية نفسها، وهي القنص؛ وكان يعرف أن الوالد ينزل بتدزي فبمجرد ما يصل إلى القنطرة يخفف من السرعة إلى حد الوقوف ليتيح الفرصة للوالد للنزول، حيث يقوم السائق بفتح الباب دون أن ينتبه الركاب”.
وأضاف المركز البحثي أن “محو هذه المعلمة يقتضي فتح تحقيق من لدن وزارة الداخلية ووزارة التجهيز والنقل، التي تضع من بين أولوياتها الاعتناء بالإرث المعماري للقناطر التاريخية بالمغرب وتثمينها والحفاظ على خصوصياتها المعمارية”.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية قال محمد أبيهي، رئيس مركز موكادور للدراسات والأبحاث، إنه عاين “عدم وجود القنطرة، التي لها حمولة تاريخية مرتبطة بالمقاومة، وكانت خلية جيش الأطلس في الأطلس الكبير والصويرة وحاحا تستهدفها لأنها منظر طبيعي للجيش الفرنسي، وكانت ممرا حيويا لقوات الجيش الفرنسي التي تنتقل من الصويرة إلى أكادير”.
وفي الحاضر صرح المؤرّخ ذاته بأن القنطرة كانت تشكّل “معلمة لها خصوصية معمارية معروفة بها، وتندرج ضمن تراث القناطر بالمغرب، وتنضاف إلى الهوية المعمارية المميزة لكل منطقة من مناطق المغرب، بنمط أصيل يعود إلى الفترة الكولونيالية في البناء، علما أنه توجد قنطرة مماثلة لها بجماعة سميمو”، قبل أن يوضح أنه “إلى حدود اليوم لم يصدر أي توضيح حول مغزى هدم تراث معماري تاريخي هو جزء من التراث الوطني للمملكة”.
المصدر: هسبريس