ثورة الملك والشعب.. حين انتفض المغاربة رفضا لإبعاد ملك البلاد عن العرش
يخلد الشعب المغربي، غدا الثلاثاء، الذكرى الـ71 لملحمة ثورة الملك والشعب، حين انتفض الشعب المغربي رفضا لقرار سلطات الاحتلال الفرنسي بإبعاد الملك محمد الخامس عن العرش ونفيه من أرض الوطن، وهي مناسبة تشكل فرصة لاستحضار معاني ثورة وطنية لبناء وإعلاء صروح الوطن وصيانة وحدته الترابية.
ففي ليلة عيد الأضحى 20 غشت 1953، قامت قوات الاحتلال الفرنسي بإبعاد الملك محمد الخامس عن العرش ونفيه إلى جزيرة كورسيكا الفرنسية، قبل أن تقوم بنفيه مجددا إلى دولة مدغشقر الخاضعة حنيها للاحتلال الفرنسي، وذلك في يناير 1955.
ولم تكن عقلية الاستعمار الفرنسية حينها، قادرة على فهم واستوعاب حجم التعلق والاحترام الذي يكنه الشعب المغربي لسلطانهم، فبعد لحظات من إعلان نفس السلطان، احتشد عشرات الآلاف من المغاربة في جميع مناطق المغرب للاحتجاج على هذه الخطوة.
وعقب ذلك، أصبحت المقاومة الشعبية أكثر قوة وصعب السيطرة عليها، فبعد محاولة تصفية مفتش الشرطة “المسكيني” واغتيال الخائن “بنيس”، أصبح المستعمر والخونة يعيشون حالة توجس ورعب.
في 7 نونبر 1953، قام كل من بونعيلات ومنصور والسكوري بتفجير قطار “كازا ألجي” الذي كان يُقل الجنود الفرنسيين، وفي 11 شتنبر 1953، حاول الشهيد علال بن عبد الله اغتيال محمد بن عرفة، حيث كان الأخير ملكاً للمغرب فرضته فرنسا على الشعب المغربي، وفي 24 دجنبر 1953، قام أحد رموز المقاومة المغربية الشهيد محمد الزرقطوني بتفجير مارشي سونطرال (السوق المركزي).
كما شهدت تلك الفترة عمليات مقاومين ومجاهدين آخرين في مختلف جهات المغرب، حيت قام الشهيد أحمد الحنصالي باعتراض سيارة يركبها أربعة من الفرنسيين وقام بقتلهم واستمر في أعماله الفدائية واستطاع قتل العديد من حراس الأمن والمتعاونين معهم إلى غاية القبض عليه من طرف السلطات الفرنسية وإعدامه رميا بالرصاص في 26 نونبر 1953.
واندلعت انتفاضة في الجهة الشرقية للمملكة يومي 16 و 17 غشت 1953 وبالتحديد في وجدة وبركان وتافوغالت حيت استهدف المقاومون السكك الحديدية ومحطة توليد الكهرباء والثكنات العسكرية، فواجهتهـا القوات الاستعمارية بوابل من الرصاص قدر بنحو 20.000 رصاصة سقط على إثرها العديد من الشهداء وجرح العديد من المواطنين.
وفي ليلة 18 غشت 1953، توفي 14 وطنيا اختناقا بسبب الاكتظاظ الذي نجم عن اعتقال المئات من الوطنيين في زنزانة واحدة، لتتصاعد وتيرة الجهاد والمظاهرات العارمة والانتفاضات المتوالية تتكللت بتأسيس جيش التحرير.
وبعد أن فشلت خطة تنحية السلطان محمد بن يوسف وسقوط الكثير من القتلى في صفوف المستعمر، قامت السلطات الفرنسية بمباشرة المفاوضات منذ فبراير 1955 مع الملك محمد الخامس ووصلت إلى حد تهديده، فقد اقترح عليه المتفاوضون بمن فيهم طبيبه الخاص الدكتور ديبوا روكبير، الخيار بين أمرين أحلاهما مر: إما التنازل عن العرش والعودة إلى أرض الوطن للعيش بسلام وفي حماية الفرنسيين، أو تشديد الخناق عليه في المنفى في حالة الرفض.
وكان جواب محمد بن يوسف هو الرفض المطلق للمقترحات المفترضة. وبموازاة ذلك، اندلعت أعمال المقاومة المسلحة المنظمة على شكل جيش التحرير في 1 أكتوبر 1955 في مناطق أكنول و إيموزار مرموشة وتطوان.
ويوم 16 نونبر 1955 عاد محمد الخامس بعد 27 شهرًا في المنفى إلى المغرب ليحكم ملكًا، وبدأت المفاوضات مع فرنسا من أجل الحصول على الاستقلال، وبعد عام كامل من عودته، تم التوقيع على إتفاقية الاستقلال في 2 مارس عام 1956م ليحصل المغرب على الاستقلال بصفة رسمية يوم 18 نونبر 1956، ثم اتفاقية في أبريل مع إسبانيا.
وفي أكتوبر انتهى الوضع الدولي لمدينة طنجة، ولتحقيق الوحدة الترابية استرجع المغرب إقليم طرفاية سنة 1958 وإقليم سيدي إفني في يونيو 1969 وجهة الساقية الحمراء يوم 6 نونبر 1975 وجهة وادي الذهب في 14 غشت 1979.
* معطيات تاريخية
المصدر: العمق المغربي