“تيبو أفريقيا” تغرس بذور التنمية والسلام في القارة بالرياضة
نشر موقع أخبار الأمم المتحدة حوارا أجراه مع لاعب كرة السلة السابق في المغرب محمد أمين زرياط الذي كرس وقته للتعرف على الأثر الإيجابي للرياضة والنشاط البدني على حياة الناس ومجتمعاتهم حول العالم، وذلك من خلال إنشاء جمعية “تيبو أفريقيا” التي بدأت على المستوى المحلي في المغرب لتكون وسيلة في للتربية والتنمية الذاتية قبل أن تنتشر الآن في مختلف أنحاء القارة الأفريقية.
ونشر الموقع هذا الحوار تزامنا مع اليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام، الذي يحتفل به كل عام في الـ6 من أبريل.
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
أخبار الأمم المتحدة: السيد محمد أمين زرياط، الرئيس المؤسس لجمعية تيبو أفريقيا (Tibu Africa) أهلا وسهلا بك وشكرا على قبول الدعوة، في البداية هل لك أن تخبرنا عن هذه الجمعية وأهدافها؟
محمد أمين زرياط: أولاً، أود أن أشكرك على الاستضافة هنا في الأمم المتحدة. جمعية تيبو هي جمعية أولاً مغربية، تأسست وبدأت مسيرتها عام 2010. وهي جمعية تستخدم الرياضة كوسيلة للتربية وللاندماج الاجتماعي وللتنمية الذاتية. جمعية تيبو متواجدة في أكثر من 35 مدينة في المملكة المغربية، كما أن لها وجود في تونس وكوت ديفوار والسنغال.
توفر الجمعية للشباب والشابات والأمهات والمهاجرين واللاجئين والشباب المنقطعين عن العمل والشباب ذوي الاحتياجات الخاصة برامج تربية وتشغيل عن طريق الرياضة، وأيضاً لخلق المقاولات الرياضية التي يكون لها أثر إيجابي على المجتمع.
جمعيتنا متوفرة من خلال أكثر من 170 مستخدما يعملون مع أكثر من 250 ألف شاب وشابة مستفيدين من البرامج التابعة لتيبو، في جميع مناطق المملكة المغربية وأيضا في عدة بلدان أفريقية.
تبنت جمعيتنا رؤية لعام 2030 لتكون قادرة على العمل في مجال التنمية عن طريق الرياضة في أفريقيا إن شاء الله.
أخبار الأمم المتحدة: هل لك أن تخبرنا بعض الشيء عن هذه البرامج التي تديرها الجمعية؟
محمد أمين زرياط: نعم، جمعيتنا تعمل في مجال التربية مع الأطفال ما بين سن الرابعة إلى 16 سنة في المدارس وفي الأحياء. نوفر اليوم برامج تربية عن طريق الرياضة لتأهيل وتطوير مهاراتهم الحركية والفكرية والاجتماعية، عن طريق ممارسة الرياضة بشكل انتظامي، وأيضا عن طريق تعلم اللغات الأجنبية، بما في ذلك الفرنسية والإنجليزية وعدة لغات أخرى، وأيضا تعلم ما يسمى بالـ STEM، أي الرياضيات والتكنولوجيا والهندسة والعلوم. كما تتيح لهم الفرصة لاكتساب تجارب دولية في عدة بلدان في أوروبا وأمريكا وأفريقيا.
الهدف من هذا البرنامج هو أولاً إتاحة الفرصة للأطفال وللشباب لممارسة حقهم في الرياضة كوسيلة لتربيتهم وإلهامهم، وثانياً، تفيد البرامج أيضا المدربين والناشطين الذين يقدمونها في دراستهم وتمكنهم من الحصول على نقاط تسمح لهم بالنجاح في دراساتهم وحياتهم.
هناك أيضا برامج للشباب المنقطعين عن المدرسة، وهي برامج تتيح لهم الفرصة للعودة إلى المدرسة مجدداً. هذه البرامج تستهدف الشباب ما بين سن 18 إلى 25 سنة من المولعين بالرياضة وهناك عدة رياضات كالسامبو والجودو وتصفح المياه وكرة المضرب وكرة السلة. الهدف هو دعم قدراتهم التقنية والمهاراتية والحياتية والمقاولاتية عن طريق برنامج مدته سنة يتعلمون من خلاله عدة أشياء جديدة تنفعهم في حياتهم وتواكبهم في مسارهم المهني عن طريق شراكات بين جمعيتنا، تيبو أفريقيا، والشركات التي تعمل في الصناعة الرياضية.
أخبار الأمم المتحدة: أستاذ أمين، على الصعيد الشخصي، ما الذي ألهمك لتقوم بهذا العمل؟
محمد أمين زرياط: أنا أولا لاعب كرة سلة ولعبت مع الفريق الوطني المغربي. وعندما كنت طالبا قمت بتنسيق دورات لكرة السلة الجامعية، وحكاية تيبو بدأت بهذه الدورات مع أصدقائي، والذين أبارك لهم قدوم 6 نيسان / أبريل وهو اليوم العالمي للرياضة من أجل التنمية والسلام.
بعد ذلك بدأت الحكاية والمسيرة، وكانت موفقة بعدة أنشطة تهم الشباب ومرتبطة بتربية الأطفال عن طريق الرياضة وبخلق مجتمع تكون الرياضة فيه وسيلة أساسية لدعمهم وتطوير قدراتهم.
اليوم لدى الجمعية مكانتها في المملكة ولديها الخبرة في مجال التربية والتشغيل وخلق المقاولات عن طريق الرياضة.
أخبار الأمم المتحدة: كجمعية تهتم بتربية ومنشأ الأطفال، ما هي رؤيتكم للمستقبل؟
محمد أمين زرياط: في المستقبل لدينا رؤية 2030 (للتنمية المستدامة)، لنكون قادرين على دعم التنمية عن طريق الرياضة في أفريقيا. هذه الرؤية بدأت من خلال تواجدنا في عدة بلدان أفريقية، مثل كوت ديفوار والسنغال وتونس، وإن شاء الله في 2023 سيتم خلق عدة برامج في مدغشقر وفي موزامبيق ونيجيريا. وبدأت هذه الرؤية من خلال القمة الأولى للتربية عن طريق الرياضة بأفريقيا عام 2021 بالشراكة مع وزارة التربية الوطنية للتعليم الأولي والرياضة، وإن شاء الله ستقام القمة الثانية في أيار / مايو 2023.
وأيضا هناك برنامج لديه بعد أفريقي بعنوان “63 صانع تغيير رياضيا أفريقيا”، الذي سيعطي الفرصة لـ 63 شابا قائدا من البلدان الـ 54 الموجودة في القارة الأفريقية ومواكبة مهنهم المحترفة على المدى البعيد.
إن الشباب لديهم أفكار جيدة، والهدف هو مواكبتهم لإعطائهم القوة لخلق برامج ليحققوا عن طريق الرياضة، أولا، أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر في بلدانهم، ثانياً، ليوفروا فرص العمل للشباب في مناطقهم، وأيضاً ليخلقوا البرامج التي تأتي بالدخل لضمان استدامتها.
أخبار الأمم المتحدة: في اليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام، برأيك ما هو تأثير الرياضة على هذين المجالين؟
محمد أمين زرياط: الرياضة أولا هي وسيلة للسلام، ويمكنني إعطاء مثال لعدة بلدان كانت بينها خصومات، ولكن عن طريق الرياضة تم خلق فرصة للحوار بين البلدان. ثانياً، إن الرياضة لديها عدة قيم نبيلة، وهذه القيم تقوي الشاب الذي يمارس الرياضة وتُغرس في ذهنه ومسيرته ليصبح الشاب أو الشابة إضافة إيجابية لمحيطه وبلده وقارته والكوكب بشكل عام.
الرياضة أيضا يمكن أن تكون وسيلة لتوفير المدخلات للسياسات الوطنية والسياسات الدولية على مستوى التنمية، وعلى مستوى العمل، وعلى مستوى خلق المقاولات، وعلى مستوى برامج التربية للأطفال منذ الصفوف الابتدائية.
الهدف من هذا اليوم هو إبراز قوة وسحر الرياضة، لأن الرياضة يمكن أن تكون الوسيلة التي تجمع بين جميع الفاعلين، بما في ذلك المنظمات والحكومات والجمعيات والفدراليات والقطاع الخاص والقطاع العام، على المستوى الكبير بحيث يمكن وضع الرياضة كسياسة لمواكبة تنمية البلد، وأيضا على مستوى الميدان حيث يمكننا تسليط الضوء على مشاريع لديها أثر إيجابي في عدة بلدان ويمكن تعميمها على القارات الأخرى.
أخبار الأمم المتحدة: من بين المواضيع التي تركز عليها احتفالية عام 2023 هي العنصرية وكراهية الأجانب والتمييز بين الجنسين، كيف يمكن لبرامج مثل تلك التي تقدمها تيبو أفريقيا أن تساعد في حماية الشباب من هذه الآفات؟
محمد أمين زرياط: نحن نستخدم الرياضة كوسيلة للتربية لأن هدف جمعيتنا، تيبو أفريقيا، ليس خلق لاعبين مثل لابرون جايمز أو زين الدين زيدان، الهدف هو خلق أبطال للحياة يكتسبون عدة مهارات وقدرات، وتكون لديهم الرغبة في أن يغيروا محيطهم وأن يغيروا العالم بأسره، وهذه هي قوة الرياضة.
وهذا ما نعلمه للشباب في ملاعب كرة القدم وكرة السلة وكرة المضرب لأن مدربي جمعية تيبو أفريقيا، الذين نسميهم “صناع التغيير”، يعملون بطريقة تجعل الطفل يحب الرياضة حتى يعود بطريقة مستدامة، كما أنهم يدرسون خلال تمارينهم ودروسهم عدة تقنيات للأطفال.
اليوم، أطفال تيبو يتعلمون أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ويقومون بهذا الشيء عن طريق الألعاب والتقديمات والمباريات، وهذا يسمح للأطفال ما بين 4 سنوات و 18 سنة بأن يكتسبوا عدة تجارب لا يتلقونها دائما في المدرسة أو في أحيائهم. هذا الشيء يساهم في نجاح الطفل في حياته اليومية ويخلق لديه الطموح والرؤية على المستوى البعيد.
أخبار الأمم المتحدة: السيد أمين، كيف يمكن للناس، بشكل عام، أن يساهموا في تحقيق أهداف اليوم العالمي للرياضة من أجل التنمية؟
محمد أمين زرياط: أولاً، هذه فرصة لنشكر جميع الفاعلين الذين يعملون كثيراً مع الشباب في الميدان، من المدربين والجمعيات المحلية والفدراليات والشباب المتطوعين الذين لديهم الرغبة في تحقيق الأهداف وأن يكون لديهم أثر إيجابي على شبابهم ومحيطهم وبلدهم.
اليوم جميع الناس يعترفون بأن الرياضة مهمة بالنسبة لهم ولصحتهم ولمعاملاتهم الحياتية اليومية. بالنسبة لنا كفاعلين وجميع الشركاء، من المهم أن تكون لدينا رؤية مهمة حول ما يمكننا فعله لاستخدام الرياضة كوسيلة لخلق أثر إيجابي ومستدام. الهدف هو أن يكون مستداما.
الكثير من الناس العاديين ليست لديهم نفس الرؤية، لأن الرياضة بالنسبة لبعض الناس تعتبر لعباً ومرحاً. لكن الرياضة يمكن أن تكون إحدى الوسائل التي تنفع الشباب والناس العاديين كل يوم في حياتهم.
إذا، هناك المزيد من العمل الذي ينبغي لنا أن نقوم به كفاعلين في هذا المجال.
أريد أيضاً أن أشير إلى أن الهدف رقم 17، هدف الشراكات، مهم في هذا السياق، لأنه عن طريق الشراكات بين جميع الفاعلين يمكننا أن نخلق أثراً مستداماً وهذا ما توفره الرياضة لجميع الناس.
المصدر: العمق المغربي