توقيع التزامات “غير قانونية” يصادم مستخدمين وأرباب حمامات بالمغرب

عبّر مستخدمون مغاربة بالحمامات عن غضبهم من “فرض” الأرباب، بإيعاز من الجمعيات المهنية، على العاملين بها من غير الأجراء توقيع “التزامات غير قانونية” يصرحون فيها بأنه لا علاقة لهم مقننة مع صاحب الحمام، رغم أنهم “في بعض الأحيان يتقاضون مستحقات خدماتهم من الأخيرين، بعد أن يكونوا جمعوها من الزبناء”، بالنظر إلى أن “هذه الممارسة تهدف إلى طرد المعنيين، دون اعتبار لسنوات اشتغالهم الطويلة”.
كشف عن ذلك اتحاد مقاولي الخدمات للحمامات التقليدية والعصرية بجهة الدار البيضاء سطات؛ حين سجل “الوقوف على تجاوزات لبعض الجمعيات المهنية لأرباب الحمامات، والتي تحث منخرطيها على اعتماد التزامات غير قانونية ضد العاملين غير الأجراء بالحمامات بغرض التنصل من المسؤولية، مبرزين سوء النية لطردهم دون أي اعتبار لسنوات العمل التي قضوها داخل هذه الفضاءات”.
ولفتت المصدر نفسه إلى أن ذلك يتم “علما أن القانون 17/50 المنظم لمزاولة الأنشطة التابعة لوزارة الصناعة التقليدية الوصية على القطاع قد صنفهم (المستخدمون) كصناع تقليديين ومكنهم من التعريف المهني وكذا الاستفادة من التغطية الصحية.
وأهاب التنظيم المنضوي تحت لواء الاتحاد العام للمقاولات والمهن، في بلاغ، عقب عقده اجتماعا بخصوص الموضوع، “بالعاملين بالحمامات غير المسجلين بالسجل الوطني للصناعة التقليدية التسجيلَ، وأداء الانخراط بشكل منتظم حتى يستفيدوا من الامتيازات المقدمة”.
وعبرّ عن رفضه “رفضا تاما جميع أشكال الابتزاز الممارس من طرف بعض المهنيين الأرباب، بأمر من بعض الجمعيات غير المسؤولة، حفاظا على العلاقة الطيبة التي تجمع طرفي القطاع وتفاديا لأي احتقان غير محمود العواقب”.
“غير قانونية”
لحسن أكزبيب عامل بحمام بالدار البيضاء، رئيس اتحاد مقاولي الخدمات بالحمامات التقليدية والعصرية، أوضح أنه” في هذا القطاع غير المهيكل، غالبا ما يتقاضى مستخدمو الحمام التقليدي مستحقاتهم مباشرة من الزبون، بينما في العصري يؤدي الزبون مستحقات خدمة التدليك إلى رب العمل من خلال مستخدم الصندوق، ليتوصل المدلك بعد نهاية اليوم بمستحقاته حسب عدد الزبناء الذين قدم لهم خدماته”.
وأورد أكزبيب، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الإشكال أساسا يتمثل في إرغام بعض الجمعيات للمستخدمين على توقيع التزامات تقضي بأنه لا تربطهم أية علاقة برب الحمام، رغم أن الأخير هو من يتكفل بجمع مقابل خدمات المستخدم، على أساس توزيعها عليه في نهاية اليوم، مع خصم 5 إلى 10 دراهم عن كل زبون”.
واعتبر العامل نفسه أن “الغرض من توقيع هذه الالتزامات هو الضغط على العامل، الذي يضطر لكي يوقع فقط ليتجنب فقدان مورد رزقه الوحيد، خصوصا في ظل غياب إطار قانوني ينظم العلاقات داخل هذا الميدان، رغم أن الاتحاد كان ضمن من طالبوا به مرات عديدة”.
وشدد المصرّح ذاته على أن “هؤلاء المستخدمين يرغمون على توقيع هذه الالتزامات غير القانونية، مع أنهم يعدون أساسا مسجّلين بالسجل الوطني للصناعة التقليدية”، معلنا أن “البلاغ الذي أصدره الاتحاد بهذا الخصوص هو فقط كتنبيه أولي، قد تتلوه مراسلة القطاع الحكومي المكلف بالصناعة التقليدية، وتجسيد وقفات احتجاجية”.
هاجس الالتزام
هسبريس ناقشت هذه المعطيات مع عبد اللطيف خرزي، رئيس اللجنة الوطنية لأرباب الحمامات في المغرب ونائب رئيس جمعية مهنية بالدار البيضاء، الذي أفاد بأن “بعض الأرباب يلجؤون إلى مطالبة المستخدمين المدلكين بتوقيع هذه الالتزامات لتفادي الوقوع في إشكال لجوء بعض العاملين إلى الاحتيال لإثبات أنهم مستخدمون بالحمام منذ مدة طويلة”.
وشرح خرزي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الكثير من المدلكين غير الأجراء أساسا يلجؤون إلى استثمار المناسبات الدينية وغيرها للمكوث مددا طويلة تصل أحيانا إلى شهرين بمناطق سكناهم بعيدا عن العمل، ثم عندما يريدون العودة للعمل يدفعون بمظلوميتهم لأنهم اشتغلوا سنوات طويلة بالحمام المعني؛ فيلجؤون إلى اصطحاب شهود يشهدون زورا لدى مفتش الشغل بهذا الأمر، من خلال الدفع بأنهم كانوا مستخدمين بشكل عام، دون توضيح طبيعة العمل والعلاقة التعاقدية”.
وأشار إلى أنه “عندما يكون المفتش متفطنا يسأل المعني عن طبيعة العمل، فيظهر حينها أن العلاقة الأجرية منتفية”، مشددا على أن “ما جرى عليه العرف هو أن المدلكين أساسا غالبا ما يتقاضون مستحقاتهم مباشرة من الزبون، على أنه في بعض الحمامات العصرية، خصوصا الخاصة بالتدليك، يكون المدلك أجيرا”.
رغم ذلك، أكد أنه “إذا كانت الممارسة تهم حمامات من الصنف الحديث، حيث يتم أداء ثمن التذكرة شاملة لخدمة المدلك، على أن يقوم صاحب العمل يقوم بتوزيع المستحقات لاحقا على المدلكين، أو يأخذ نسبة منها، فهذا نقاش ثان”.
وأفاد بأن “هذه الإشكالات تجري مناقشتها مع لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية، خصوصا في علاقتها مع القانون 50.17 الذي يشكل محاولة لهيكلة القطاع”، مبينا أن “ذلك يأتي في خضم تأكيد الإحصاء الأخير على أن عدد المستخدمين الذين استفادوا من التعويضات عن الإغلاق خلال كورونا كان كبيرا مقارنة بعدد المستخدمين على أرض الواقع؛ ما يعني أن نسبة مهمة من الأشخاص صرّحوا بمعلومات مغلوطة”.
المصدر: هسبريس