أثمرت الندوة الإفريقية حول “منظومات التربية والتكوين والبحث العلمي في إفريقيا: ديناميات التحول”، المنظمة بالرباط يومي الأربعاء والخميس، التزامًا من رؤساء وممثلي المجالس والهيئات الاستشارية في مجالي التربية والتكوين داخل القارة بمواصلة التشاور والعمل المشترك، واستكشاف صيغ مبتكرة للتعاون من أجل إرساء شبكة إفريقية تجمع هذه الهيئات.
وفي هذا الصدد أُسندت لِرحمة بورقية، رئيسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، بإجماع المشاركين، مهمة التنسيق والإشراف على التحضيرات المتعلقة بالإعلان الرسمي عن إنشاء شبكة إفريقية للهيئات والمجالس المعنية بالتربية والتكوين.
وذكر بلاغ للمجلس، بالمناسبة، أن “هذه الخطوة جاءت عقب المائدة المستديرة التي نُظّمت خلال اليوم الأخير من فعاليات هذا الحدث، التي تداول خلالها رؤساء وممثلو المؤسسات والمجالس المشاركة آفاق التعاون والشراكة المستقبلية بين المؤسسات والهيئات التربوية الإفريقية، الموكول إليها، حسب قوانين وتشريعات كل دولة، مهام إستراتيجية تهم الاستشراف والتوجيه والتتبع والمواكبة وتقييم السياسات العمومية المتعلقة بالتربية والتكوين والبحث العلمي”.
وجرى تضمين هذا القرار في “إعلان النوايا” الصادر عقب هذه المائدة، الرامي إلى “خلق آلية إفريقية لتعزيز تبادل التجارب والممارسات الجيدة بين دول القارة، وإرساء أسس متينة للتعاون في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي”.
وخلصت هذه الندوة، التي احتضنها مقر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بالعاصمة الرباط، إلى ضرورة “الاستثمار في البحث العلمي والتعليم التقني والمهني كدعامة رئيسية للتحول الاقتصادي والاجتماعي”، مع الدعوة إلى “إرساء حكامة تربوية رشيدة تعتمد على المتابعة والتقييم واستدامة الإصلاحات بمنأى عن التناوبات السياسية الطبيعية في كل نظام ديمقراطي”.
ونادى المشاركون في هذا الحدث كذلك بـ”تجديد الرؤية التربوية في إفريقيا لجعلها أكثر انسجامًا مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية التي تعرفها القارة والعالم، فضلًا عن التركيز على جودة التعلمات والإنصاف في الولوج إلى التعليم وإعادة الاعتبار لمهنة التدريس كركيزة للنهضة التربوية في إفريقيا”.
وحثت هذه الفعاليات على “تبني مقاربة تجعل المدرسة في قلب التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتستند إلى العدالة والإنصاف في الفرص التعليمية، وتقليص الفوارق بين المناطق والفئات الاجتماعية، مع التفكير في نماذج جديدة للتعلم تمتد إلى ما بعد الشكل المدرسي التقليدي، وتستجيب لمتطلبات المستقبل المتوسط (2034) في أفق 2063، التي تمثل الذكرى المئوية للوحدة الإفريقية”.
وأكد المصدر ذاته أن “هذه الندوة الإفريقية تُوّجت بنجاح كبير، سواء على مستوى النقاشات العلمية التي عرفتها، أو على مستوى الدينامية الجديدة التي أطلقتها لتعزيز العمل القاري المشترك في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي”؛ كما أنها شكّلت “محطة أساسية لتقوية حضور المملكة المغربية في دعم المبادرات الإفريقية الرامية إلى الارتقاء بالمدرسة وضمان استدامة إصلاحاتها”.
وعرفت هذه الفعاليات، المنظمة بمبادرة من المجلس المذكور، نقاشاتٍ معمقة حول أسباب وضرورات إصلاح المنظومات التعليمية في إفريقيا، في ظل التحولات العالمية العميقة التي تمس البنى المجتمعية والاقتصادية والبيئية والثقافية والتكنولوجية، بما في ذلك التغير المناخي، والثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، فضلًا عن التحديات المرتبطة بتعزيز العدالة الاجتماعية؛ كما نادت بـ”إعادة التفكير في ضمان تعليم إلزامي ميسّر الولوج وذي جودة لجميع الأطفال، والتركيز على الكفايات العرضانية، وإرساء جسور بين التعليم العام والتعليم التقني والمهني، مع تطوير آليات التقييم والقيادة التربوية، فضلًا عن تطوير البحث العلمي والابتكار وتوجيههما لخدمة التنمية”.
وإلى جانب رئيسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ومسؤولين مغاربة آخرين شارك عدد من الخبراء والمسؤولين ورؤساء الهيئات الإفريقية المماثلة في هذه الندوة القارية من دول مختلفة، من بينها: نيجيريا، البنين، موريتانيا، ملاوي، رواندا، تنزانيا، الغابون، الكاميرون، بوركينا فاسو، بوروندي، غانا، الكوت ديفوار، السنغال، فضلًا عن تشاد واتحاد جزر القمر والكونغو برازافيل.
المصدر: هسبريس
