تنامي الدعم الأوروبي لمخطط “الحكم الذاتي” في الصحراء يحرج الموقف الفرنسي
يستمر المد الأوروبي والعالمي الداعم لمخطط الحكم الذاتي المغربي كـ”أساس واقعي جاد وتفاوضي” لحل نزاع الصحراء المفتعل، إذ كانت جمهورية التشيك واحدة من مجدديه يوم أمس الخميس، منذ وضوح موقفها سنة 2015.
ويصل عدد الدول الأوروبية الداعمة للموقف المغربي في الملف إلى 14 دولة من أصل 26، وفق تصريحات ناصر بوريطة، وزير الخارجية، وذلك في تأكيد جديد على “الوعي الأوروبي المتنامي بحقيقة النزاع”.
وداخل هذا المنتظم الأوروبي الذي أصبحت الغالبية فيه ترى جدية مخطط الحكم الذاتي، مقابل تراجع “أطروحة الانفصال”، يعود من جديد نقاش “موقف باريس الشاذ”، الذي رغم دعمه المقترح المغربي فإن تنصله من الأدوار التي كان ينتظر منه القيام بها داخل أوروبا خلال فترة رئاسته الاتحاد أدخل العلاقات بين باريس والرباط إلى “غرفة البرود”.
ومنذ اندلاع الأزمة التي يعتقد أن التأشيرات سببها واصلت باريس على لسان عدد من مسؤوليها التذكير بـ”دعم فرنسا للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية”، غافلين المتغيرات السياسية والميدانية في الملف، التي دفعت بالولايات المتحدة الأمريكية إلى الاعتراف بسيادة المملكة على ترابها (في انتظار استكمال التزاماتها في ما يخص مسألة القنصلية)، ومختلف دول العالم إلى فتح تمثيل دبلوماسي لها في مدينتي العيون والداخلة.
وفي ظل هذا الدعم الأوروبي وارتباطا بالمتغيرات السياسية الحاصلة في العلاقات بين باريس والرباط، التي عرفت وضع حد لشغور منصب سفير المملكة بفرنسا، ربما تجد باريس، وفق مراقبين، نفسها أمام “توطئة مناسبة لإعادة النظر في سياستها تجاه ملف الصحراء المغربية”.
استمرار الدينامية
في هذا الصدد يرى محمد عطيف، باحث في العلاقات الدولية، أن “تجديد التشيك دعم مخطط الحكم الذاتي يؤشر من جديد على استمرار الدينامية العالمية الداعمة للموقف المغربي من النزاع المفتعل”.
وأضاف عطيف لهسبريس أن “هذا الأمر يفسر بشكل واضح استمرار الانتصارات الدبلوماسية المغربية على مغالطات الجهة الانفصالية، خاصة على مستوى المنتظم الأوروبي”.
واعتبر المتحدث عينه أن “هذا الإجماع الأوروبي شبه الكامل على دعم الموقف المغربي يبين كيف أن هاته الدول أصبحت تعي حقيقة النزاع، وترافق بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأيضا قرارات الأمم المتحدة، واللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار، التي أقبرت أطروحة الاستفتاء”.
“رغم أن فرنسا لا تخرج عن هذا الإجماع الأوروبي لكن موقفها مازال غامضا للغاية، وهذا هو لب المشكل في العلاقات بين البلدين، لكن المؤشرات الحالية، بالإضافة إلى استمرار المد الأوروبي الداعم للموقف المغربي، قد تعجل بزوال الغموض الفرنسي”، يورد الباحث في العلاقات الدولية.
إجماع يسائل فرنسا
من جانبه أوضح طارق أتلاتي، رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، أن “الحديث عن ملف الصحراء في الوقت الحالي يعني استحضار سياق دولي جديد يدعم الموقف المغربي، وذلك بفضل الرؤية الدبلوماسية الجديدة التي يتبناها العاهل المغربي”.
وأورد أتلاتي لهسبريس أن “هاته المقاربة جعلت العديد من الدول الأوروبية تراجع سياستها تجاه هذا الملف، والنظر إلى الموقف المغربي كحل جدي للنزاع، ولا بد من استمرارها من خلال الانتباه باستمرار إلى التوجيهات الملكية”.
ولفت رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية إلى أن “هذا المد الأوروبي كان دائما ومازال يسائل الموقف الفرنسي، الذي أصبح، ليس فقط في ملف الصحراء بل في ملفات أخرى، يفقد حلفاءه باستمرار”.
وشدد المتحدث سالف الذكر على أن “فرنسا تعلم أنها لا تقوم بدورها المرغوب فيه في ملف الصحراء، كما أنها تعي أن عودة العلاقات بالشكل المطلوب تتطلب استحضار الدور المرغوب فيه، نظرا للتحولات الجارية على الساحة الدولية”.
وخلص أتلاتي إلى أن “الاعتراف بمغربية الصحراء من قبل فرنسا هو الباب الوحيد لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، فيما المملكة مستمرة في حصد التأييد العالمي”.
المصدر: هسبريس