كشف عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، الأربعاء الماضي، أنه من المنتظر أن تشمل التعديلات، التي سيشهدها القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، “إلغاءَ القيد المعتمد خلال الانتخابات الماضية، والمتعلق بمنع الجمع بين العضوية في مجلس النواب وبين رئاسة مجلس عمالة أو إقليم أو مجلس جماعة كبرى يفوق عدد سكانها 300 ألف نسمة”.
وأكد لفتيت، أمام أعضاء لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بالغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية، “إعادة فتح إمكانية الجمع بين صفة نائب برلماني وبين رئيس عمالة أو إقليم أو مجلس جماعة كبرى”، مبررا هذه الخطوة بـ”الاستفادة من الخبرات والكفاءات ذات القيمة المضافة”.
واختلفت تقديرات أساتذة جامعيين لهذا التوجه بين من رأى فيه “خطوة براغماتية تروم تقريب هذه الفئة من المنتخَبين من المؤسسة والسلطة التشريعيتين” وبين من اعتبره “مسا بحدود الانتداب النيابي وخصوصية شغل عضوية مجلس النواب، الذي يتطلب التفرغ الكامل”.
“إشراكٌ في التشريع”
عباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “هذا التوجه يروم إشراك جميع الفعاليات المجالية في تدبير قضايا الشأن العام، وخاصة عبر بوابتي البرلمان والتشريع”.
وأوضح الوردي، في تصريح لهسبريس، أن “هذه خطوة لتجاوز القيد الذي كان يمنع رؤساء مجالس العمالات والأقاليم والجماعات الكبرى من تقلد المسؤولية البرلمانية، لا سيما بمجلس النواب”.
وأكد الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون العام أن “من بين الإسقاطات الإيجابية التي ستكون لهذا التوجه تلك المتعلقة بمنح الفرصة لهذه الفئة للترافع عن قضايا التنمية الترابية، مع الدفع صوب إخراج قوانين ونصوص تشريعية تواكب التنمية الاقتصادية على مستوى المجالات الترابية”.
وزاد المتحدث سالف الذكر: “يرجح أن يساهم هذا الأمر أيضا في تنامي مقترحات القوانين التي تخص اهتمامات السلطة التنفيذية بشأن إحداث التنمية على مستوى المجالات الترابية. كما أن هذا الأمر سيمكن من التعبير، بشكل مباشر، عن انشغالات الكثافة السكانية التي تتضمنها هذه المجالات”.
وتبقى هذه الخطوة، في نظر الوردي، “إيجابية؛ نظرا لكونها تمثل طرحا مغربيا براغماتيا يروم تحقيق الالتقائية في عمل المؤسسات، لا سيما فيما يتعلق بمعالجة تمظهرات مغرب السرعتين وتذويبها، عبر تطوير العملية التشريعية، في استحضار تام لخصوصية المجالات الترابية”.
“ازدواجية المواقع”
من جهته، اعتبر رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، أن “هذا التوجه يعيد طرح إشكالية طبيعة الانتداب النيابي وحدوده؛ فمجلس النواب مؤسسة ذات وظائف تشريعية ورقابية تتطلب تفرغا فعليا واستقلالية وظيفية”.
وأوضح لزرق، في تصريح لهسبريس، أن “رئاسة مجلس عمالة أو إقليم أو جماعة كبرى، بالمقابل، تعد ولاية تنفيذية محلية تستوجب حضورا يوميا وإدارة مرفقية معقدة”.
وزاد المختص في العلوم السياسية أن “الجمع بين انتدابين بهذه الحساسية يضعف مبدأ التوازن بين الوظائف الدستورية، ويقحم منطق “ازدواج المواقع” الذي قد يؤدي إلى الخلط بين السلطة الرقابية والسلطة التنفيذية الترابية، بما يحد من صفاء المسؤولية السياسية ويعقد مراقبة الحكومة”.
ومن زاوية “اللامركزية الإدارية”، أوضح المتحدث أن “المقترح يَظهر متعارضا مع فلسفة التفرغ للانتداب الانتخابي والترابط المؤسساتي التي يقوم عليها التنظيم الترابي الجديد؛ فالتجارب المقارنة تظهر أن فعالية اللامركزية لا تتحقق إلا عبر تكريس قيادات ترابية متفرغة ذات قدرة على التخطيط الترابي، وإدارة الملفات التنموية، والتفاعل مع المصالح اللاممركزة”.
وتابع لزرق شارحا: “الجمع بين رئاسة جماعة كبرى أو عمالة وإقليم وبين العضوية في مجلس النواب يثقل موقع المنتخَب الترابي، ويفقده القدرة أيضا على القيادة الفعلية للمرفق العام المحلي، وينتج حكامة هجينة لا تستجيب لمتطلبات النجاعة ولمبادئ التخطيط الترابي المستدام”، وفق تعبيره.
المصدر: هسبريس
