تمرين سياسي وليس مجالا للمزايدات السياسوية
فُرض علينا للأسف، تنويرا للرأي العام الوطني من جهة أولى، وإيمانا منا بأن السياسة الحقيقية هي سياسة الحقيقة، ومن جهة ثانية، تغلبينا لمصلحة الوطن أولا فوق كل الحسابات السياسية الضيقة؛ التفاعل أو تصحيح المعطيات التي أدلى بها قيادي بحزب العدالة والتنمية، حول مبادرة حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية في طرح فكرة ملتمس الرقابة لمعارضة مواصلة الحكومة لتحمل مسؤولياتها.
إن حزب القوات الشعبية عبر عن فكرته ومبادرته في طرح ملتمس الرقابة، لمعارضة الحكومة في تحمل مسؤولياتها، وهو إجراء خوله أعلى وأسمى قانون في البلد لأعضاء البرلمان في ممارسته، وبالتالي فحزب القوات الشعبية قام فقط بتنزيل مضامين الدستور بشكل إيجابي عبر ممارسته حقه الدستوري، وهو ما لم تستطع حكومتكم حكومة بنكيران تنزيله وتفعيل مضامينه في مختلف المجالات باعتبارها أول حكومة بعد دستور 2011.
إن الحديث عن عدم مشاورة حزب القوات الشعبية لفرق المعارضة بشكل قبلي في فكرة مبادرة الحزب في طرح ملتمس الرقابة من عدمه، فهو نقاش مغلوط وهو ما يبين حقيقة عدم فهمكم لمضامين الدستور وقواعد البناء الديموقراطي، وهو ما أدى إلى فشلكم في تدبير الحياة العامة خلال فترة ولايتكم الحكومية. ومع ذلك، فحسب منطقكم وفهمكم الربحي الضيق ولو على حساب مصلحة الوطن، كان علينا أن نقوم بشكل استباقي بمناقشة الفكرة مع جميع فرق ومكونات مجلس النواب أي بمعنى مناقشته مع فرق المعارضة والأغلبية، لأن الدستور يتحدث عن إمكانية أعضاء مجلس النواب وليس فرق المعارضة في طرح ملتمس الرقابة، وهو ما يثبت ضعف حججكم.
إن حديثكم عن عدم توفر الحزب على العدد الكافي للأعضاء البرلمانيين لكي يخول له المبادرة في طرح ملتمس الرقابة، فاسمحوا لنا مرة ثانية، فحسب منطقكم هذا، فحتى المعارضة بجميع فرقها ومجموعاتها وأعضائها النيابيين، لا تستطيع الموافقة على ملتمس الرقابة لعدم توفرها على الأغلبية المطلقة بمجلس النواب حسب مقتضيات الدستور، ودائما حسب منطقكم، هل كان علينا أيضا أن ننفتح على فرق الأغلبية، للتصويت على ملتمس الرقابة لمعارضة الحكومة في مواصلة تحمل مسؤولياتها أي بمعنى أن تقوم فرق الأغلبية بالتصويت ضد نفسها.
إن الدستور المغربي في فصله 105، من خلال شقه الأول، أعطى الحق لأعضاء مجلس النواب، أي “معارضة وأغلبية”، في إمكانية التصويت على ملتمس الرقابة لمعارضة الحكومة في تحمل مسؤولياتها، من طرف خمس أعضائه على الأقل، والحديث هنا عن المعارضة للحكومة في مواصلة واستكمال ولايتها؛ وفي الشق الثاني من ذات الفصل، تحدث عن الموافقة عن ذات ملتمس الرقابة، والذي لا يصح إلا بتصويت الأغلبية المطلقة على ملتمس الرقابة، وهذه الأغلبية المطلقة، لا يمكن تحقيقها في النظام الدستوري المغربي وفي جل الأنظمة الدستورية المقارنة لعدم توفرها إلا في حالات نادرة “حكومات أقلية”.
ما يتضح من خلال كل هذا، عدم قدرة حزبكم العدالة والتنمية على الفعل والمساهمة في البناء الديموقراطي، والذي يفرض مساهمة جميع مؤسسات الدولة برلمانا وحكومة في ممارسة وتنزيل اختصاصاتها، لخلق التوازن بين المؤسسات ومعالجة الخلل في البنيات المؤسساتية والثغرات على مستوى النصوص القانونية؛ ولكن مع كل الأسف الشديد، في كل مرة يتضح أنكم لا تملكون القدرة على الفعل، بل أكثر من ذلك، تريدون من حزب القوات الشعبية أن يصوم عن الفعل والمبادرة، وتبتغون تلجيم كل مبادرة موضوعية تساهم في بناء دولة قوية، عادلة ومتضامنة.
المصدر: العمق المغربي