تلاميذ المدارس المغربية يخلطون بين النجاح والحصول على وظيفة
أظهرت نتائج دراسة ميدانية حول مفهوم النجاح في الحياة لدى التلاميذ المغاربة استحواذ التمثل الذي يربط الأمر بالتشغيل لدى غالبيتهم، يليه في المرتبة الثانية تأسيس أسرة مبنية على التفاهم، ثم العيش في محيط هادئ.
نتائج الدراسة التي أنجزها محسن بنزاكور، الباحث في علم النفس الاجتماعي، وقدمها خلال لقاء تواصلي نظمته رابطة التعليم الخاص بالمغرب، اليوم السبت، بينت أن مفهوم النجاح لدى 40 في المائة من الأطفال المستجوبين هو “مزاولة مهنة مشوّقة”.
ويلي هذا الطموحَ “تأسيس أسرة مبنية على التفاهم”، بنسبة 28 في المائة، وهو رقم قال بنزاكور إنه “يتطلب تحليلا سوسيولوجيا”، مبرزا أن الأطفال الذين يضعون تأسيس أسرة مبنية على التفاهم ضمن قائمة طموحاتهم يتحدثون من منطلق ما يعيشونه داخل أسرهم.
وصرح 16 في المائة من الأطفال المشاركين في الدراسة بأنهم يطمحون إلى عيش حياة يومية هادئة في وسط هادئ، وهو رقم اعتبر بنزاكور أنه “لا يجب الاستهانة به، لكي نخدم جودة المدرسة المغربية”؛ بينما اعتبر 16 في المائة من التلاميذ أن النجاح يعني الحصول على عمل براتب مرتفع.
وإذا كان الجانب “المادي” طاغيا على تمثل التلاميذ المشاركين في الدراسة للنجاح فإن الآباء والأساتذة لديهم تصور مختلف، ذلك أن النجاح بالنسبة إليهم يعني “أن يسود الحب والوئام”، و”أن يكون الإنسان سعيدا في حياته”، ثم “الحصول على مهنة شريفة”، و”تأسيس أسرة”، “وأن يكون للحياة معنى”، كما عدّوا نجاح أبنائهم جزءا من نجاحهم الشخصي.
واعتبر بنزاكور أن النتائج التي توصل إليها في الدراسة الميدانية التي أنجزها تحتاج إلى تفسير، مبرزا أن الآباء فوجئوا عندما عُرضت عليهم أجوبة الأطفال بنضج هؤلاء وواقعيتهم، لكنهم تساءلوا أيضا عما إن كانت تعبر عن سقف أحلامهم.
واعتبر الأستاذ الباحث في علم النفس الاجتماعي أن المدرسة “لا يجب أن تظل فضاء لسجن الأطفال لمدة ثماني ساعات يوميا، لأن هذا يؤدي إلى تراجع منسوب الخيال والأحلام، ويؤدي إلى ما نعالجه اليوم من ضغوطات واكتئاب وقلق لدى الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم تسع سنوات، بحكم الضغط الذي يفرض عليهم، وهذا رقم خيالي جدا”، على حد تعبيره.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن الآباء والأساتذة الذين شاركوا في الدراسة عبروا عن شعورهم بالقلق بشأن ربط التلاميذ النجاح في الحياة بنوعية الوظيفة، مشيرا إلى أن هذا الربط قد يرجع إلى تأثير الإعلام، وتزايد نسبة البطالة.
المصدر: هسبريس