تقرير يرصد ضعف ولوج النساء والشباب لسوق الشغل بالمغرب ويقدم حلولا
كشفت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية “OECD”، أنه على الرغم من أن الشباب المغربي يمثلون رصيدًا بشريًا هائلاً، فإن إمكاناتهم لا تُستغل بالشكل الأمثل.
ويعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل، من بينها انتشار البطالة والاقتصاد غير المهيكل، بالإضافة إلى ضعف ولوج المرأة إلى سوق الشغل نهاك عن عن كون ظاهرة الهجرة أضحت تؤثر بشكل كبير على هذه الفئة.
وأشار تقرير تابع للمنظمة حول المغرب، تم استعراض نتائجه خلال فعاليات اختتام المرحلة الثانية من البرنامج القُطري للمغرب، إلى أن مشاركة المرأة في سوق العمل لم يتجاوز 20% سنة 2022، فيما ناهزت مشاركة الرجال 70 بالمئة.
تمكين المرأة
وسجل المصدر ذاته محدودية مشاركة الشباب الذين يتراوح سنهم ما بين 15 إلى 24 سنة في السوق العمل، حيث قاربت نسبة المشاركة 30 بالمئة فيما وصلت نسبة المشاركة بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 و54 سنة وهاء 60 بالمئة.
ومن أجل تعزيز مشاركة النساء والشباب في سوق العمل، دعا التقرير إلى تسهيل حصول النساء على التمويل، والقضاء على التمييز، وتغيير النظرة التقليدية للأدوار الجندرية، مشيرا إلى أن توسيع خدمات رعاية الأطفال بأسعار معقولة سيسمح للمزيد من الأمهات بالعمل.
واعتبرت المؤسسة أن الشباب المغربي، وخاصة الخريجون الجدد، يعانون من معدلات بطالة مرتفعة، ما يستلزم تبسيط الإجراءات المتعلقة بالبحث عن عمل وتشجيع الشباب على المشاركة في برامج التدريب والتأهيل.
وأوضحت الوثيقة التي اطلعت العمق عليها أن المغرب يشهد حاليًا إصلاحات جذرية تهدف إلى توسيع مظلة الحماية الاجتماعية وتقليص حجم الاقتصاد غير المهيكل يأتي هذا في إطار سعي حثيث لرفع مستوى الأجور وتحسين جودة الوظائف، فضلاً عن تطوير مهارات القوى العاملة.
وحسب المنظمة فإن هذه الإصلاحات تركز بشكل خاص على القطاعات ذات الكثافة العمالية المنخفضة والمناطق الريفية التي تعاني من انتشار واسع للأنشطة غير المهيكلة.
التغيرات المناخية
وأضافت “OECD” أن تحسين عملية التأطير وتشجيع الشركات على توظيف العمال بشكل رسمي، يتطلب اعتماد نهج متكامل يجمع بين الحوافز والعقوبات، ويتضمن ذلك تخفيض العبء الضريبي والاجتماعي على العمال ذوي الدخل المنخفض، مع مراعاة تأثير ذلك على الحد الأدنى للأجور، وتبسيط التشريعات العمالية دون المساس بحقوق العمال.
وشدد المصدر ذاته على أن المغرب معرض بشكل كبير للمشاكل الناجمة عن تغير المناخ خاصة عند الحديث عن شح الأمطار واستمرار موجات الجفاف.
وعلى الرغم من انخفاض الانبعاثات الفردية في المغرب حالياً، فإن مسار النمو الاقتصادي الحالي قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في هذه الانبعاثات، لذا، يجب على الحكومة تسريع وتيرة تنفيذ التدابير الواردة في استراتيجية تحقيق الحياد الكربوني لضمان انتقال عادل ومنظم نحو اقتصاد منخفض الكربون.
وترى المنظمة أنه من الضروري تحقيق انتقال سلس إلى اقتصاد أخضر، ما يستوجب تبني نظام شامل لتسعير الكربون، بحيث تدفع الشركات والمصانع التي تلوث البيئة مقابل ذلك، ما سيشجع على استخدام مصادر الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الضارة، وسجل المصدر ذاته ضرورة زيادة أسعار المياه تدريجياً، لتعكس قيمتها الحقيقية ونقصها، ولتشجيع ترشيد استهلاكها، خاصة في القطاع الزراعي.
توصيات المنظمة
وفي ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها المغرب، قدمت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز استقرار الاقتصاد الوطني وضمان استدامته، ولعل أهمها حسن إدارة الإصلاحات المالية مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، خاصة وأن معدل التضخم لا يزال حساساً لتقلبات أسعار الغذاء والطاقة.
وأوصت المنظمة بضرورة الاستمرار في الانتقال التدريجي نحو إطار استهداف التضخم واستئناف الاستعدادات نحو نظام صرف أكثر مرونة. مشيرة إلى ضرورة تحسين رصيد الميزانية من خلال سحب التدابير المؤقتة وتعويضها بتدابير إيرادات ونفقات مناسبة، وتنفيذ الخطط المالية الحالية حتى عام 2026 لتقليص العجز بشكل طفيف.
فيما يتعلق بالإيرادات، لاحظت التوصيات أن ضريبة الدخل الشخصي وإيرادات الضمان الاجتماعي لا تزال منخفضة نسبياً، لذا، فإن تعزيز إدارة الضرائب وإنفاذها وتحويل المدفوعات عبر الإنترنت تعتبر خطوات هامة لزيادة التنظيم الرسمي.
وسجل المصدر ذاته وجوب تحسين جمع الإيرادات من حقوق الموارد وتعزيز أرباح الشركات المملوكة للدولة، وذلك من خلال رفع حقوق الشركات التي تستغل رواسب المعادن وتحديد معدلات أرباح الشركات المملوكة للدولة بشكل أكثر وضوحاً.
ودعا التقرير إلى إتخاذ إجراءات إصلاح جوهرية في نظام الحماية الاجتماعية لتعزيز خلق فرص العمل ذات الجودة العالية، لتشمل أساسا تخفيض تكاليف العمل لأصحاب العمل الصغار والمتوسطين، وتعزيز برامج الدعم النشطة لسوق العمل، وتوحيد جهود مختلف الجهات المعنية في مجال التوظيف، مع ضرورة إيلاء اهتمام خاص بتمكين المرأة اقتصادياً.
المصدر: العمق المغربي