تقرير يرصد تزايد احتجاجات مستخدمي “الطرق السيارة” ومغادرة عشرات الأطر.. والإدارة تلجأ لشركات دراسات أجنبية
رصد التقرير النهائي للمهمة الاستطلاعية البرلمانية المؤقتة حول الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، تزايدا في عدد احتجاجات عمال المناولة في محطات الأداء، مشيرا إلى أنهم يمثلون حوالي 900 عامل، أي ما يناهز حوالي %50 من عمال شركات المناولة بالطرق السيارة.
وسجل المهمة الاستطلاعية، تتوفر “العمق” على نسخة منه، تراجعا في عدد الموظفين الرسميين خلال العشر سنوات الماضية حيث انتقل من 550 إلى 440، بالرغم أن الموارد البشرية تشكل القلب النابض لكل مؤسسة، وفق تعبير التقرير.
وبخصوص نسبة التأطير في الشركة، قال التقرير البرلماني إنها تبقى ضعيفة مقارنة مع عملها التقني، والذي يتطلب الرفع من عدد الأطر نظرا لحاجتها الماسة.
وكشف المصدر ذاته عن مغادرة حوالي 122 موظفا، منهم 77 إطارا، مما تسبب في ضعف التأطير بالمؤسسة وفقدان كفاءات تكونت لمدة طويلة في القطاع.
وبحسب التقرير، فإن هذا الوضع أدى إلى لجوء الشركة لمكاتب دراسات أجنبية لتنظيم الشركة وإعادة النظر في هيكلتها، مع غياب نتائج جيدة على استقرار الموارد البشرية من الأطر.
وشهدت سنتي 2023 و2024 احتجاجات وإضرابات متواصلة لمستخدمي الطرق السيارة، وذلك في ظل استمرار حدود عمليات اكتظاظ متكررة بمراكز الأداء بسبب إصرار الشركة على فرض اقتناء خدمة “جواز” على الزبناء، وتقليص عدد الممرات المخصصة للأداء المباشر.
وكان تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية المؤقتة حول الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، قد رسم صورة قاتمة عن وضع “لوطورت” ومرافقها وطريقة تسييرها ووضعها المالي، وذلك بالتزامن مع استمرار معاناة مجموعة كبيرة من السائقين مع مشاكل الطرق السيارة من جهة، وتواصل الاحتقان في صفوف مستخدمي وأطر الشركة من جهة ثانية.
المهمة الاستطلاعية التي شكلتها لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة والتنمية المستدامة بمجلس النواب، ترأسها البرلماني سيدي إبراهيم خي، وضمت في عضويتها 13 نائبا منتدبين على أساس التمثيل النسبي لفرقهم، حيث عقدت لقاءات مع المدير العام للشركة الوطنية للطرق السيارة، وزراء التجهيز والماء، النقل واللوجستيك، الاقتصاد والمالية، مع تنظيم زيارات ميدانية للطرق السيارة ومرافقها بعدد من المناطق والجهات.
ورصدت المهمة الاستطلاعية في تقريرها النهائي، تتوفر “العمق” على نسخة منه، مجموعة من الإكراهات والاختلالات بالشركة الوطنية للطرق السيارة، مشيرة إلى أنها تنعكس سلبا على المواطن والبيئة والبنيات التحتية والعائدات المالية، مما يحول دون الوصول إلى النتائج المرجوة للمرتفقين.
وسجلت المهمة استمرار كثرة الأشغال بمجموعة من المقاطع الطرقية، تزامنا مع أوقات الذروة في المناسبات والعطل والأعياد، مما ينتج عنه اكتظاظ خطير وأحيانا تؤدي إلى حوادث، مشيرة إلى تزايد المدة الزمنية للسفر لمستعملي الطريق السيار بسبب تعدد أشغال العمل والصيانة في مقاطع متفرقة، مع أداء نفس التسعيرة رغم التأخير الذي تتسبب فيه تلك الأشغال.
إقرأ أيضا: بعد شهرين من الاحتجاج.. مستخدمو الطرق السيارة يرفضون قانون “شابليي” ويستغربون “تجاهل” الإدارة
وانتقدت المهمة الاكتظاظ عند نقط الأداء التي استفحلت بشكل كبير مع اعتماد بطاقة جواز، حيث يتم تشغيل ممر واحد فقط، أو ممرين على الأكثر، للأداء نقدا، مقابل أربع ممرات أو أكثر للأداء عن طريق “جواز”، مما يتسبب في حالة ارتباك كبيرة على مستوى هذه الممرات، وهي ظاهرة تثير غضبا عارما في صفوف السائقين.
إضافة إلى ذلك، رصد التقرير عدم تشغيل عدد كافي من الشبابيك الخاصة باستخلاص العبور، خصوصا في العطل وعطل نهاية الأسبوع، مما يؤدي إلى اكتظاظ المحطات وتعطيل الحركة، موضحا أن توقف إدارة استخلاص بطاقات جواز ليلا يخلق مشاكل لدى السائقين.
ودعت المهمة البرلمانية إلى ضرورة إعادة النظر في التعريفة المحددة، خاصة بالنسبة للسيارات النفعية، مسجلة ارتفاع الأثمنة مقارنة مع الخدمة، مشيرة على سبيل المثال إلى أن المقطع الطرقي بين الرباط ومراكش تحدد له الشركة حوالي 130 درهم، وهو مبلغ اعتبرته المهمة مكلف بشكل كبير للسائقين، خاصة إذا انضاف له ثمن الغازوال.
وسجل التقرير، كذلك، انعدام الأمن على مستوى مجموعة من المقاطع وتعرض بعض السيارات للرشق بالحجارة، إلى جانب ضياع السياجات ببعض المقاطع الطرقية، خاصة بالمناطق التي توجد بها الدواب والماشية على جوانب الطرقات، مما يشكل تهديدا كبيرا على سلامة مستخدمي الطرق السيارة.
وسلطت المهمة الضوء على إشكالية نقص وضعف التشوير الطرقي، موضحة أنه يمكن أحيانا أن تفصل بين علامة وأخرى مسافة 20 كيلومترا، إضافة إلى عدم توفر علامات التشوير أحيانا على المعايير المعتمدة بما في ذلك وضوحها في الليل.
إضافة إلى ذلك، كشف التقرير خلو الإدارات التابعة للشركة عند نقط الأداء من المسؤولين المعنيين، لافتا إلى أن الإدارات يتواجد فيها فقط بعض الحراس الذين لا يمتلكون أجوبة حول المشاكل التي تعترض مستعملي الطريق، أو مستخدما وحيدا مسؤولا عن تعبئة البطائق.
كما رصد التقرير امتعاض مستعملي الطريق السيار من باحات الاستراحة بسبب ارتفاع أثمنة المنتجات والخدمات المقدمة، ومضاعفتها مرتين أو ثلاثة مقارنة بأثمانها في الأسواق الكبرى والمحلات التجارية، مع مشكل جودة الخدمات المقدمة وقلة وبعد محطات الاستراحة.
ورصد التقرير غیاب تشخيص حالة قارعة الطريق عن برمجة عمليات الصيانة، واللجوء إلى مكتب دراسات أجنبي لتوفره على آلة “Relieve des Degradations”، مما يترتب عنه عدم إشراك المقاولات المغربية.
وسجل معاناة شبكة الطرق السيارة من وجود مقاطع في وضعية متدهورة تهدد مستعملي الطريق السيار، مشيرا على سبيل المثال إلى تدهور حالة الطريق السيار بعد النفق في اتجاه مدينة أكادير، وخصوصا من النقطة الكيلومترية 326 إلى 336 ذهابا وإيابا.
ومن بين المشاكل، وفق المصدر ذاته، انعدام الإنارة بالطريق السيار في أماكن عديدة، وتوقف تمديد الشبكة منذ 2015 في حدود 1772 كلم، وتأخر إنجاز مقطع برشيد تيط مليل حيث كان مبرمجا منذ الاتفاقية الإطار منذ سنة 2008، وتفويت إنجاز ورش المقطع ميناء الناظور غرب المتوسط كرسيف إلى المديرية العامة للطرق.
إقرأ أيضا: مستخدمو “لوطوروت” يحتجون لمطالبة المدير الجديد بتجاوز “اختلالات” العهد السابق
واستغربت المهمة من تأخر إنجاز مقاطع طرقية هامة، ضمنها مقطع أكادير تيزنيت، مراكش فاس، وتأخر إنجاز تثليث المحور تيط مليلالمطار عبر بوسكورة وسيدي معروف، والتدهور المستمر لمحور فاس تازة وجدة، مشددة على ضرورة إيجاد حل نهائي لمشكل هذا المقطع حفاظا على سلامة مستعملي الطريق السيار.
وأشارت المهمة الاستطلاعية إلى أن طول الشبكة وقلة موارد الصيانة جعلت العديد من المقاطع في حالة متدهورة إلى حد تحديد السرعة مثل مقطع فاس تازة، وكذا عدم مواكبة برامج الصيانةللحركية المتزايدة على الشبكة.
ولفت التقرير إلى مشكل غلق إدارة الطرق السيارة بمحطات الأداء على الساعة العاشرة، ومشكل الشاحنات البطيئة، موصيا بضرورة تطبيق قانون منعهم من استعمال الطريق السيار من السادسة مساء إلى السادسة صباحا.
كما حذرت المهمة من مشكل حوادث السير بالطرق السيارة، في ظل إشكالية قلة وتأخر سيارات الإغاثة وغيابها في بعض المحاور، مشيرة إلى أن سيارات أعوان الإغاثة لا تتوفر على الوسائل اللوجستيكية ومعايير السلامة المعمول بها لتقديم الخدمات الضرورية لمرتفقي الطريق السيار.
وسجلت انعدام النظافة ومواد التنظيف وعدم الوقاية الصحية ومتطلبات السلامة اللازمة بمختلف محطات الأداء، معتبرة أن ما يثير الانتباه كثرة الباعة المتجولين في باحات الاستراحة وانعدام الأمن وانتشار روائح كريهة ناتجة عن تفريغ مياه شاحنات نقل الأسماك.
كما أن هناك أخطار كثيرة تتمثل في كثرة الشاحنات المحملة بالتبن والتي تستعمل الطريق السيار في الليل، وكذا دخول الحيوانات، وضيق الممرات التي يستعملها الدرك الملكي ومراقبي الجمارك، وفق التقرير.
وتساءلت المهمة البرلمانية عن كيفية تمويل 1200 كلم المزمع تشييدها في أفق سنة 2030، استعدادا لتنظيم المملكة للاستحقاق الرياضي العالمي مونديال 2030، ومدى توفر تمويل هذها المشروع بالرغم من المشاكل المالية المطروحة على الشركة حاليا.
وشددت على ضرورة تبني مقاربة شمولية ومندمجة لتطوير أساليب تدبير الطرق السيارة وعقلنة استغلالها ومراقبتها، في إطار سياسة وطنية تقوم على تحسين البنية الطرقية والمحافظة عليها وضمان استدامتها، من خلال استحضار الرهانات الاقتصادية والتنموية المرتبطة بتدبير هذا المجال وفق مبادئ الحكامة الجيدة.
المصدر: العمق المغربي