تقرير يرصد تأثير هجمات الحوثيين وقراصنة الصومال على التنمية بإفريقيا
كشف تقرير حديث صادر عن “المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية” أن الهجمات الأخيرة لميليشيا الحوثي في اليمن على السفن التجارية، وعمليات الاختطاف التي قام بها القراصنة الصوماليون، أدت إلى زعزعة استقرار حركة الشحن البحري من البحر الأحمر إلى غرب المحيط الهندي، وهو ما أثر بدوره على الأمن والتجارة في جميع أنحاء القارة السمراء.
وأورد المصدر ذاته أن هجمات البحر الأحمر كشفت عن ضعف الأمن البحري في إفريقيا، مشيرا في هذا الصدد إلى الإبلاغ عن أكثر من 130 حادثا منذ نونبر الماضي، بما في ذلك استهداف 14 سفينة بطائرات بدون طيار، مع اختطاف 18 سفينة أخرى من طرف قراصنة صوماليين، ومسجلا في هذا الشأن أن “الاضطرابات التي تسببها الجهات الفاعلة غير الحكومية التي لا يحددها القانون الدولي تشكل تحديات أساسية لأمن إفريقيا وتنميتها الاقتصادية”.
وأردف التقرير بأن هذه الهجمات دفعت شركات الشحن العالمية إلى تحويل مسارها بعيدا عن البحر الأحمر، ما أدى إلى تغيير في تدفقات الشحن بين الأسواق العالمية الضخمة في آسيا وأوروبا، وارتفعت معها أقساط التأمين على الشحن، ما أدى بدوره إلى ارتفاع تكاليف السلع بالنسبة للمستهلكين في الدول الإفريقية وفي باقي دول العالم، موضحا أن تغيير السفن مسار المرور من البحر الأحمر وتعويضه برأس الرجاء الصالح يضيف ما يصل إلى أسبوعين و6000 ميل بحري إلى رحلة السفينة.
وتابع “المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية” بأن “المواطنين الأفارقة هم الذين يدفعون ثمن هذا التأخير، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وتعطيل الكيانات الاقتصادية المحلية، وتلوث الممرات المائية بسبب انعدام الأمن البحري في البحر الأحمر وغرب المحيط الهندي”، مضيفا أن “الارتفاع الكبير في تكاليف الشحن إلى إفريقيا يؤدي إلى رفع الأسعار بالنسبة للمستهلكين والشركات، وبالنسبة للاقتصاديات الهشة والبلدان غير الساحلية في شرق إفريقيا الأكثر اعتمادا على التدفق الحر للسلع من البحر الأحمر، فيما أي ارتفاع في تكلفة السلع الاستهلاكية له تأثير مباشر على الحياة المعيشية للمواطنين”.
وأوردت الوثيقة ذاتها أن “الأزمة البحرية في البحر الأحمر أظهرت كيف أثرت أفعال جهة فاعلة بعيدة غير حكومية على الديناميكيات الاقتصادية العالمية، وبالتالي يجب على الحكومات الإفريقية أن تأخذ في الاعتبار أن التكتيكات التي يستخدمها الحوثيون يمكن استخدامها في أماكن أخرى من القارة، وبالتالي عليها أن تكون مستعدة لحماية مصالحها البحرية والاقتصادية”.
وبين التقرير أن “القوات البحرية الإفريقية غائبة بشكل واضح في هذا الصدد، كما لم تنشر حتى مصر، التي تمتلك أسطولا بحريا قادرا للغاية، وتتكبد خسائر اقتصادية كبيرة من الأزمة، ولو سفينة واحدة لمواجهة كل هذه التحديات”، مسجلا أن “مسؤولية الحفاظ على الأمن البحري والعبور الآمن في الممرات المائية الدولية تقع بالدرجة الأولى على 47 دولة إفريقية بوصفها طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”.
وشدد المصدر ذاته على أن “الأزمة البحرية في البحر الأحمر تتطلب إعادة تقييم جهود الأمن البحري الإفريقي للمساعدة في الحفاظ على طرق التجارة مفتوحة، وحماية كابلات الاتصالات تحت سطح البحر، وحماية سيادة القانون”، منبها إلى “ضرورة دمج وتحسين بنية الأمن البحري الحالية والاستفادة من الدروس المستفادة من تجربة القرصنة الصومالية للرد على أي تهديدات مستقبلية على غرار تهديدات الحوثيين”.
وأشارت الوثيقة أيضا إلى ضرورة “الارتقاء بالدبلوماسية الإفريقية لتعزيز الحماية العامة لطرق التجارة وشبكات الكابلات تحت سطح البحر”، مشددة في الوقت ذاته على أنه “يجب على القادة الأفارقة أن يضعوا في اعتبارهم التنافسات الإقليمية المتزايدة لإنشاء منشآت بحرية أجنبية في المياه الإفريقية، كما على البلدان الإفريقية الاستفادة من صوتها الجماعي ووضع إستراتيجياتها وبرامجها الأمنية البحرية الوطنية موضع التنفيذ من أجل حماية أفضل لصالح دولي قائم على المصالح والأمن المشترك”.
المصدر: هسبريس