تقرير يحذر من استنبات كيان لتنظيم داعش الإرهابي في منطقة الساحل الإفريقي
رغم محاولاتها العديدة لاستعادة دورها الإقليمي في المنطقة، والتوسط في عدد من الأزمات السياسية التي تعرفها بعض دول الساحل الإفريقي، على غرار الأزمة المالية التي رعت اتفاق السلام بين أطرافها في العام 2015، يبدو أن جهود الجزائر تصطدم بواقع ميداني على الأرض ينذر بأزمة أمنية خطيرة تتجاوز تداعياتها الدولة المالية لتشمل جوارها القريب والبعيد، خاصة مع ظهور مؤشرات عن عودة “نشاط التنظيمات الإسلامية المتطرفة” بالمنطقة انطلاقا من الأراضي المالية، وفق ما أكدته تقارير.
في هذا الصدد، سلط تقرير حديث صادر عن “مركز الإمارات للسياسات” الضوء على موجه العمليات الإرهابية في كل من مالي وبوركينافاسو، ووصول التهديد الأمني إلى دول خليج غينيا ووسط القارة الإفريقية، مؤكدا “ظهور مؤشرات عديدة على وجود صفقة بين الحكومة العسكرية في مالي وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، وهو ما قد ينجم عنه “إقامة إمارة داعشية في شرق مالي على الحدود المشتركة مع بوركينافاسو والنيجر”.
التقرير ذاته استعرض دلالات إفراج السلطات المالية عن بعض كبار قادة تنظيم “داعش” الذين اعتقلوا سابقا من طرف القوات الفرنسية في هذا البلد، في مقدمتهم “يوسف ولد شعيب”، و”أمية أغ البكاي”، و”دادي ولد شوعب”، في إطار “صفقة كبيرة بين الحكومة العسكرية وقيادات التنظيم بعقد هدنة بين الطرفين، وتحالفهما ضد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، التي كثفت من أنشطتها في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
المصدر عينه أورد أن “الحكومة المالية لا تمانع في التوافق مرحليا مع تنظيم داعش من أجل القضاء على الخصوم المشتركين من جماعة النصرة والجماعات المسلحة في إقليم أزواد التي وقعت مع الحكومة المركزية اتفاقا للسلام برعاية جزائرية في العام 2015″، مؤكدا أن “مصادر فرنسية أكدت عملية إفراج مالي عن القيادات الداعشية، وربطتها بسعي حكومة باماكو لاستعادة مدن شمال البلاد، وترك مواقع حيوية لتنظيم داعش شريطة تخليه عن مهاجمة الجيش المالي”.
واعتبر التقرير أنه “رغم عدم الإعلان بعد عن الإمارة الداعشية الجديدة في منطقة ميناكا المالية التي تعد هدفا استراتيجيا للتنظيمات المسلحة في البلاد”، إلا أن المعطيات على الأرض تبين أن “هذه الإمارة أصبحت حقيقة قائمة فعلا بتواطؤ من الحكومة العسكرية في مالي”. وحسب المعلومات التي أوردتها الوثيقة، فقد “توافد على المنطقة عدد من القيادات العسكرية السابقة للتنظيم في العراق وسوريا، لتدريب العناصر المقاتلة على تقنيات الحرب وصناعة المتفجرات وإدارة منظومات الاتصال”.
كما استفاد التنظيم من عجز الحكومات المركزية في المنطقة عن توفير الخدمات الأساسية للمناطق البعيدة التي تعرف اضطرابات أمنية، من أجل سد هذا الفراغ و”تعزيز حضوره الفعلي في هذه الأقاليم التي خرجت عن سيطرة الدولة”، وهو ما يرشح المنطقة لتكون “مركزا جديدا لدولة داعش”.
على صعيد مماثل، سجلت الوثيقة “تصاعد موجات العمليات المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي، التي استهدفت، على الخصوص، منذ نهاية الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي، دولة بوركينافاسو”، إذ أكد تقرير “مؤشرات الإرهاب لعام 2023″، الصادر عن “معهد الاقتصاد والسلام” الأسترالي، تزايد عدد ضحايا التطرف المسلح في المنطقة خلال الـ15 سنة الأخيرة بنسبة 2000 في المائة، إضافة إلى استمرار الأعمال الإرهابية في مالي والنيجر، كما بدأ هذا الخطر يتمدد ليصل إلى الدول الإفريقية الأطلسية، على غرار بنين وتوغو وساحل العاج.
وخلص التقرير، المعنون بـ”العودة إلى الواجهة: مؤشرات قيام دولة داعشية في الساحل الإفريقي ومخاطره”، إلى أن هذه التحولات الخطيرة في المنطقة تتطلب “مواقف استباقية حاسمة لمواجهة هذا الخطر الذي تتجاوز آثاره المستقبلية منطقة الساحل الإفريقي”.
المصدر: هسبريس