كشف تقرير مشترك لهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، صادر بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، عن حصيلة صادمة لجرائم قتل النساء في مختلف أنحاء العالم خلال سنة 2024.

وبحسب الوثيقة الأممية، لقيت 83 ألف امرأة وفتاة مصرعهن عمدا خلال العام الماضي، في مؤشر خطير يعزز حقيقة أن العنف المميت ضد النساء ما يزال ظاهرة عالمية متجذرة.

وأوضح التقرير، أن ست نساء من كل عشر ضحايا قُتلن على يد شريك حميم أو أحد أفراد الأسرة، أي ما يعادل 50 ألف جريمة قتل داخل المحيط العائلي، أو بمعدل 137 امرأة في اليوم الواحد. وفي المقابل، لا تتجاوز نسبة الرجال الذين يقتلون بالطريقة نفسها داخل الأسرة 11 في المئة فقط، ما يبرز الفجوة الكبيرة في مستويات العنف المرتكب ضد الإناث.

ورغم أن العدد المسجل العام الماضي أقل بقليل من حصيلة 2023، أكدت الأمم المتحدة أن ذلك لا يعكس تحسنا حقيقيا، بل يعود في الغالب إلى اختلاف مستوى الإبلاغ وجودة البيانات من بلد إلى آخر، مما يجعل التقييم الدقيق لاتجاهات الجريمة أمرا معقدا.

وتنتشر الظاهرة في كل القارات دون استثناء، غير أن إفريقيا احتفظت بأعلى عدد من الضحايا بما يقارب 22 ألف حالة خلال العام الماضي. وتعكس معدلات الجريمة داخل الأسر تفاوتا واضحا بين المناطق، إذ تسجل إفريقيا أعلى المعدلات بمعدل 3 ضحايا لكل 100 ألف امرأة، تليها الأمريكيتان (1.5)، ثم أوقيانوسيا (1.4)، فـ آسيا (0.7)، وأخيراً أوروبا (0.5).

لكن توزيع الجناة يختلف من منطقة لأخرى، ففي أوروبا والأمريكيتين، يتضح أن الغالبية الساحقة من جرائم قتل النساء ارتكبها الشركاء الحميمون بنسب بلغت 64% في أوروبا و 69% في الأمريكيتين، أما في القارات الأخرى، فيظل أفراد الأسرة الآخرون جزءا أساسيا من دائرة العنف.

وأشار التقرير إلى أن هذه الجرائم لا تكون مفاجئة في الغالب، بل تتويجا لـ سنوات من الإيذاء والتهديد والسيطرة، ما يجعلها حلقة أخيرة في مسار طويل من العنف المنزلي.

وتُظهر البيانات أن الأسباب الدافعة لعمليات قتل النساء تتكرر عالميا، وتشمل الغيرة المفرطة، رفض الانفصال، الانتقام بعد تقديم شكاية للشرطة، أو محاولة منع الضحية من بدء علاقة جديدة، وهي دوافع تعكس أن العنف القائم على النوع الاجتماعي ما يزال مرتبطا بأنماط اجتماعية وثقافية متجذرة.

وفي تعليقها على المعطيات، شددت سارة هندريكس، مديرة قسم السياسات بهيئة الأمم المتحدة للمرأة، على أن قتل النساء ليس حدثا معزولا، بل “امتداد لسلوكيات عنيفة تبدأ بالتحكم والمراقبة والتهديد والمضايقات، ومنها ما يتم عبر الإنترنت”.

وأوضحت أن حملة “16 يوما من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي” تسلط الضوء هذا العام على العنف الرقمي باعتباره جزءا لا يمكن فصله عن العنف الواقعي، مشيرة إلى أن بعض الحالات تتطور من تهديدات إلكترونية إلى إيذاء جسدي مميت.

وأضافت هندريكس: “لكل امرأة وفتاة الحق في أن تعيش بأمان في كل مراحل حياتها، ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى آليات تدخل مبكر وقوانين تعترف بأن العنف يتخذ أشكالا متعددة، سواء في العالم الواقعي أو الفضاء الرقمي، وأكدت أن مساءلة الجناة قبل وصول العنف إلى مرحلة القتل أمر أساسي لوقف هذه السلسلة المدمرة”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.