تقاليد راسخة تحتفي برمضان بتازة

الأحد 16 مارس 2025 05:15
يحظى شهر رمضان بمكانة خاصة لدى ساكنة مدينة تازة والمناطق المجاورة لها، حيث يحتفي التازيون بالشهر الفضيل من خلال الحفاظ على مجموعة من العادات والتقاليد الراسخة التي يتوارثونها أبا عن جد.
وتحرص الأسر التازية على قضاء الشهر الفضيل رفقة الأبناء والأسرة الكبيرة، وتبدأ استعداداتها لاستقبال هذا الشهر منذ حلول منتصف شهر شعبان، حيث تعكف على اقتناء كل ما تحتاجه من مستلزمات ومواد غذائية أساسية، وأزياء تقليدية. وفي هذا الصدد، أوضح عبد الواحد بوبرية الأستاذ بالكلية متعددة التخصصات بتازة أن الأجواء الرمضانية بتازة تنطلق قبل حلول الشهر الفضيل، حيث تستقبل الأسر هذا الشهر الكريم بروحانية خاصة. وأضاف أن الأسر التازية تحرص، منذ منتصف شهر شعبان، على اقتناء المواد الغذائية المتنوعة والأزياء التقليدية، خاصة للأطفال الذين يصومون للمرة الأولى، تشجيعا لهم على أداء الفريضة، كما تخضع عدد من المساجد لأعمال الصيانة والتنظيف كي تستقبل ضيوف الرحمان في أبهى حلة.
وتشكل النساء جزءا محوريا من هذه الاستعداد، حيث يجتمعن في المنازل لتحضير المملحات والحلويات التقليدية، وعلى رأسها “الزميتة” أو “سل و”، التي ت عد وجبة مميزة بموائد الإفطار التازية، نظرا لما تحتويه من مكونات صحية مثل الدقيق المحمص واللوز والسمسم والفول السوداني والبهارات المتنوعة.
وتابع الباحث أنه عند بداية الشهر الفضيل، يحرص التازيون على أداء الصلوات في وقتها ولاسيما صلاتي العشاء والتراويح وقراءة القرآن والإكثار من أعمال البر ومنها صلة الرحم وتبادل الزيارات العائلية. بدورها، تشهد الأسواق المحلية حركة دؤوبة حيث تقبل الأسر على اقتناء ما تحتاجه من مستلزمات، وتنتصب العديد من المحلات الموسمية على طول الشوارع والأزقة، أبرزها “قبة السوق” الذي يعتبر القلب النابض للمدينة العتيقة تجاريا واقتصاديا وحضاريا وثقافيا.
كما تحرص النساء التازيات على اقتناء الكسوة البيضاء الخاصة بالصائم الصغير (جلباب وسلهام وبلغة)، والمواد الغذائية التي تستعمل في تهيئ خبز مدهون بالبيض ومملوء بالزبيب واللوز والجوز، لتقديمها له هدية بهذه المناسبة. كما يتم اقتناء الزي التقليدي الذي يخصص للصبية التي تصوم لأول مرة، والتي تقام لها احتفالية خاصة، إضافة إلى اقتناء التاج الذي يوضع على رأسها احتفاء بنجاحها في تمثل القيم الاجتماعية والثقافية الأصيلة المتوارثة.
وفي هذا الصدد، أفاد الباحث في التراث المحلي، محمد الهرنان، بأن مدينة تازة تشكل نموذجا حيا لترابط العادات والتقاليد مع الروحانية الرمضانية، حيث تحافظ على عادات تعيد إحياء الذاكرة الشعبية وتجسد القيم النبيلة التي يقوم عليها المجتمع المغربي. وأضاف الهرنان أن سكان تازة والمناطق المجاورة، لا سيما قبيلة البرانس، يحافظون على طقوس رمضانية ذات طابع ديني واجتماعي وتراثي. وأشار المتحدث إلى أهمية ليلة النصف من رمضان، حيث تقام تجمعات دينية لتلاوة القرآن، بينما تعتبر ليلة السابع والعشرين من رمضان (ليلة القدر) مناسبة خاصة ت حيا بالذكر والدعاء، وت عد فيها النساء أطباقا تقليدية مثل الكسكس بالدجاج، في أجواء من الفرح والابتهال.
كما أكد على الأهمية الخاصة التي يتم إيلاؤها لصيام الأطفال الصغار، حيث تحرص الأسر على تشجيع الأطفال على الصيام، من خلال تقسيم الصيام بين الصباح والمساء على يومين مختلفين، لتعويد الأطفال تدريجيا على الصيام الكامل. وأضاف الباحث أن العائلات تحرص أيضا على الاحتفاء ببناتها اللائي يقمن بالصيام لأول مرة، من خلال تزيين أيديهن بالحناء ومنحهن دورا أكبر في تدبير شؤون البيت والعلاقات العائلية. هي إذن عادات وتقاليد راسخة مرتبطة بالشهر الفضيل تحرص الأسر التازية، بشدة، على الحفاظ عليها وصيانتها، وتلقينها للأجيال الصاعدة
المصدر: هسبريس