تفجيرات السمارة تكشف نوايا جزائرية خبيثة تجاه المغرب
قال أحمد أونيس، وزير الخارجية التونسي الأسبق، إن “الدولة التونسية لم تلتزم لا سرا ولا جهرا بالاعتراف بالكيان الصحراوي” إبان استقبال الرئيس قيس سعيد زعيم الانفصاليين على هامش قمة “تيكاد” العام الماضي، مسجلا أن “تونس تتحمل مسؤولية توتر علاقاتها مع الرباط”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الجزائر وإسرائيل تستفيدان من استمرار الجمود الدبلوماسي بين البلدين.
وأشار الدبلوماسي التونسي السابق، في الحوار التالي الذي أجرته معه جريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “تونس التي قاومت الهيمنة والوصاية لن تقبلهما من الرئيس الجزائري ولا من أي كان”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “السعي الجزائري لإقامة دويلة في القلعة المغاربية مظهر من مظاهر محاولات الهيمنة والتوسع الجزائريين في الساحة المغاربية”، مشددا على أن “التطبيع مع إسرائيل كان خيارا مُرا للمغرب وشعبه وإخوانه في المغرب الكبير”.
وأشاد أونيس بالطريقة التي أدارت بها المملكة المغربية فاجعة زلزال الحوز، التي اعتبرتها “امتحانا وطنيا ومن بطولات الشعب المغربي”، مشيرا إلى أن “حادثة السمارة التي لا يمكن أن تتم دون سلاح وضوء أخضر جزائريين، تفرض على الرباط التسلح لمواجهة هذه التحديات ما دام أن الخطر الجزائري لن يتوقف”.
نص الحوار كاملا:
تمر اليوم أزيد من سنة على الخلاف المغربي التونسي الذي تفجر على إثر استقبال زعيم البوليساريو على الأراضي التونسية في إطار قمة “تيكاد”. بعد كل هذه المدة وفي ظل الجمود الدبلوماسي في العلاقات بين البلدين، كيف ترون مستقبل العلاقات المغربية التونسية على الأمدين القريب والبعيد؟
أولا، أنا آسف لأن المملكة المغربية وتونس لم يعيدا بعد سفيريهما إلى سفارتيهما، ولم يتم التراجع عن خطوة استدعاء السفيرين إلى حد الآن، إذ يمكن تفسير ذلك بأن إحدى العاصمتين لا ترغب في ذلك في الوقت الحالي. وفي اعتقادي، فإن الرباط تشترط الاعتراف التونسي بمغربية الصحراء لعودة السفيرين، وأنا أرى أن تونس وافقت على هذا الشرط في الجوهر لأنها لم تعترف يوما من الأيام بالكيان الصحراوي، وبالتالي فنحن كبلدين متفقان في الجوهر، لكن في الشكل لم نتحمل في تونس بعد المسؤولية للجهر بهذا الموقف والإعلان عنه.
(مقاطعا) ماذا تنتظر تونس إذن خاصة وأن الملك محمدا السادس اعتبر أن الصحراء هي المنظار الذي تقيم به الرباط صدق الصداقات ونجاعة الشراكات؟
الملك محمد السادس وجه هذا النداء إلى عواصم العالم أجمع، ويخص بالذكر عواصم المغرب الكبير، وأنا أذكر جيدا هذا الخطاب، غير أنه بعد ذلك قام رئيس الجمهورية التونسية باستقبال ضيف ضل الطريق ولم يكن مدعوا لا من الحكومة التونسية ولا من رئيس الجمهورية، بل كان مدعوا من طرف الاتحاد الإفريقي في إطار القمة الإفريقية اليابانية، غير أن الدولة التونسية لم تلتزم لا سرا ولا جهرا بالاعتراف بالكيان الصحراوي.
وفي الحقيقية، نحن نتوقع نظرا لمصلحة البلدين في تطبيع علاقاتهما أن يتم تجاوز هذه الظاهرة الشكلية وأن يعود السفيران إلى عملهما، وهذا أمر مهم لأن استمرار الوضع الحالي للعلاقات بين البلدين لا يخدم الحلم الذي يُراودنا بتأسيس اتحاد المغرب الكبير، خاصة وأننا في جواهر الأمور لسنا مختلفين.
قلتم في مقابلة مع إحدى الإذاعات التونسية قبل أسابيع إن “بناء تونس علاقات استراتيجية مع المغرب هو شرط من شروط استقرار الدولة التونسية وديمومتها”، سؤالي هنا: كيف يمكن إعادة العلاقات بين البلدين؟ وهل هناك في نظركم جهات خارجية مستفيدة من الخلاف بين هذين البلدين المغاربيين؟
العلاقات بين البلدين قائمة ولكن السفيرين غير موجودين. وفي رأيي الشخصي، فإن المسؤول عن خلق هذا التعثر هو تونس. وبالتالي، فإن المبادرة يجب أن تأتي من مسؤول تونسي في الحكومة، وزير الخارجية على الأقل، وأنا متأسف لأننا لم نقدم بعد على هذه المبادرة؛ ذلك أنه يجب علينا أن نُقدم التفسير الحقيقي لاستقبال إبراهيم غالي على أراضينا بعدما قدم على متن طائرة جزائرية، هذا الضيف الذي ضل عن عائلته وأسرته التي هي المملكة المغربية.
أما في ما يخص الجهات المستفيدة من استمرار الجمود الدبلوماسي بين البلدين، فهناك جهتان أساسيتان هما: الجزائر وإسرائيل، فالجزائر تستفيد أمام الواجهة الإفريقية والعربية بإظهار أنها على صف واحد مع تونس، ثم إسرائيل التي تستفيد من انقسام العالم العربي واستمرار التوتر بين دوله. وبالتالي، نتمنى من إخواننا المغاربة أن يغضوا الطرف على هذا الخطأ لأن المملكة المغربية هي التي بادرت باستدعاء سفيرها في تونس وطلبت من السفير التونسي لديها المغادرة إلى وطنه، بحيث يمكن كذلك أن تأتي مبادرة تجاوز هذا الخلاف من الرباط هي الأخرى.
ولكن، بعض النخب التونسية دعت في الآونة الأخيرة تونس إلى إعادة التوازن في علاقاتها مع كل من المغرب والجزائر، بل إن البعض انتقد ما أسماه “الوصاية الجزائرية على تونس”، ما هو تعليقكم على هذا الأمر؟
بالنسبة لقضية الوصاية الجزائرية على تونس، فهذا حلم سكن النظام العسكري الجزائري ولا يزال يسكن النظام الجديد في هذا البلد، حيث أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في زيارته الأخيرة إلى إيطاليا وأمام الملأ أنه تحدث عن الوضعية التونسية مع الحكومة الإيطالية كما لو أنه الوصي على تونس، بحيث إن ما كان يقوله الرئيس الأسبق هواري بومدين من أن أي شيء في الساحة المغاربية لا يمكن أن يقع أو يتحقق إلا برضا الجزائر واصل الرئيس تبون ترديده لما سمح لنفسه بالتداول في قضايا تونس على هامش زيارته إلى دولة أوروبية، وهذا ما أثار حفيظة النخبة التونسية التي طالبت الجزائر بأن تقف على حدودها ولا تتجرأ على السيادة التونسية والتدخل في الشأن الداخلي التونسي.
وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا الحلم الذي ما زال يسكن بعض الضمائر الجزائرية لن يتحقق ونحن لم نتصرف يوما بصفتنا تحت الوصاية أو الهيمنة الجزائرية، فنحن قاومنا الهيمنة، وبالتالي فلن نقبلها لا من عبد المجيد تبون ولا من أي كان.
طالبتم مؤخرا باستعادة تونس صحراءها من الجزائر وقلتم إن النظام الجزائري ظلم الإنسان التونسي والمغربي ويسعى إلى تقسيم المغرب الكبير عبر دعم الطرح الانفصالي في الصحراء المغربية، أي مصلحة في نظركم للجزائر في هذا الموضوع خصوصا من حيث إصرارها على إقامة دويلة جديدة في المنطقة؟
الجزائر تسعى إلى إقامة دويلة في القلعة المغاربية، حيث كانت هي وليبيا معمر القذافي مؤمنين بهذا الكيان الصحراوي، وهذا الإصرار الجزائري ظاهرة من ظواهر محاولة الهيمنة الجزائرية على الساحة المغاربية، التي من مظاهرها أيضا استيلاء الجزائر على الصحراء التونسية إبان الاتفاق الذي وقعه الحاكم الفرنسي على الجزائر والمقيم العام الفرنسي في تونس سنة 1928 لضم الصحراء التونسية إلى الأراضي المستعمرة الجزائرية.
وقد سبق أن ناقشنا هذا الأمر مع الحكومة الجزائرية المؤقتة في تونس واتفقنا معها على استعادة أراضينا أول ما تستعيد الجزائر سيادتها والتزموا بالشيء نفسه مع الملك الراحل الحسن الثاني، غير أن النظام العسكري الجزائري قضى على الحكومة المدنية واستولى على الحكم، وبعدما سعى إلى اقتلاع موافقة بورقيبة لإنهاء مطالب تونس حول صحرائها، اتجه غربا إلى المغرب وأراد أن ينتزع منه صحراءه هي الأخرى، وهذا، كما سبق أن ذكرت، يُعد من مظاهر الهيمنة والتوسع الجزائريين على حساب دول موجودة قبل قيام الدولة الجزائرية نفسها.
وأشير هنا إلى أن الجزائر تريد تخليد الاستعمار وهذا لن نقبله أبدا، فهذا البلد لن يقبل على الأرجح أي حل لقضية الصحراء المغربية ما لم يوفر له ذلك نافذة بحرية على المحيط الأطلسي، وبالتالي فهي لديها نوايا توسعية استعمارية وتريد تخليد حدود الاستعمار التي لم تكن للشعوب المغاربية أي مسؤولية في رسمها، ومن حسن حظنا أن العرش العلوي يرفض هذا الأمر وما زال يقاوم هذه الاستراتيجية الجزائرية، لأن هذا مشروع استعماري. وبالنسبة لي، فإن المقاومة ضد الاستعمار لم تنته ما دام أننا لم نُعد بعد، سواء في المغرب أو تونس، ترسيم حدودنا مع الجزائر كل حسب حقوقه القانونية والتاريخية.
دعني أناقش معك مسألة “التطبيع”، أنت تعرف أن المغرب استأنف علاقاته مع إسرائيل التي اعترفت مؤخرا بمغربية الصحراء، فيما تُحسب تونس على محور دول الممانعة الرافضة للتطبيع، هل يمكن أن يعيق هذا التباين في المواقف حول العلاقات مع إسرائيل أي تقارب مغربي تونسي مستقبلي؟
هذه قضية متشعبة جدا، لأن تأويلنا في تونس للجوء المملكة المغربية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل يندرج في إطار مقولة “ما دواء المُر إلا ما هو أمر منه”، حيث اضطرت الرباط إلى التطبيع مع تل أبيب لا من أجل إسرائيل نفسها وإنما من أجل اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، وكان هذا شرطا من شروط الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب في ديسمبر 2020. وبالتالي، فنظرا لهذا المكسب الاستراتيجي بالنسبة للمغرب من دولة مؤثرة في القرار الدولي، اضطر معه للقبول بشيء مُر عليه وعلى شعبه وإخوانه في المغرب الكبير، وهذا تفسيرنا رغم أن أي حكومة تونسية لم تجاهر به، كما أن تونس لم تعلق على عملية التطبيع المغربي الإسرائيلي.
أضف إلى ذلك أن إسرائيل قدمت المساعدة الأمنية للمغرب لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجهه، فكانت الخبرة الإسرائيلية فعالة في مواجهة هذه المخاطر الناتجة عن خبث الجزائر والبوليساريو، حيث إن الرباط ما هي إلا ضحية الهيمنة العسكرية الجزائرية.
أما اليوم، فإسرائيل في حرب ضد العالم العربي وفي حرب ضد المبادئ التي من أجلها تقاوم المملكة المغربية هذا الخبث الجزائري وأجندة المجموعة العميلة في الدولة الجزائرية. وفي اعتقادي، فإن الشعب المغربي خرج في مظاهرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني كما لم يخرج أي شعب عربي آخر، وبالتالي فإذا آمنا بأن السيادة هي لإرادة الشعوب، فأنا أرى أن المغرب يجب أن يقدم خطوة ولو أن يُضحي بشيء ما وأن يجازي إسرائيل بما تستحق.
(مقاطعا) هل تقصدون خطوات مشابهة للخطوتين الأردنية والبحرينية؟
هذا أضعف الإيمان، غير أنه يمكن أن ترقى الخطوة المغربية إلى أبعد من هذا الأمر.
الجزائر تتهم المغرب بجلب إسرائيل إلى شمال إفريقيا وتهديد الأمن القومي للدول المغاربية، هل يمكن أن تشكل العلاقات المغربية الإسرائيلية أي خطر على الأمن المغاربي؟
القدم الإسرائيلية في المغرب الكبير في نظري تشكل خطرا، على الرغم من أننا نتفهم أن العلاقات المغربية الإسرائيلية تخدم المصالح القومية للرباط، فإسرائيل كانت قد قصفت قرية “حمام الشط” في أكتوبر من العام 1985، في إطار ملاحقتها للقيادات الفلسطينية، كما قامت باغتيال السياسي الفلسطيني خليل الوزير، الملقب بـ”أبو جهاد”، في 10 أبريل من العام 1988، الذي كان العقل المدبر للانتفاضة الفلسطينية الأولى، وآخر ما قامت به أن اغتالت المهندس التونسي محمد الزواري في دجنبر 2016 في مدينة صفاقس، وهو الذي كان مسؤولا عن برنامج الطيران المسير لفصائل المقاومة الفلسطينية. وبالتالي، فإن إسرائيل قادرة على أكثر من ذلك، لأنها دولة مجرمة وبلا أخلاق ومن الممكن أن تنقلب غدا أو بعد غد على المغرب.
إسرائيل دولة لا يرتاح لها أحد، ولا يمكن إقامة علاقات جدية معها إلا بعد استقلال الدولة الفلسطينية، لأننا بكل حال من الأحوال ليس لدينا أي عقدة مع اليهودية، وخلاصة الأمر أن العلاقات مع إسرائيل في ظل الوضع الحالي فيها مصالح للمغرب كما تنطوي كذلك على أخطار، وهذا ليس بحكم المنطق الجزائري وإنما بحكم منطق المسؤولية على أمن المغرب الكبير.
(مقاطعا) هل يمكن أن نسقط هذا الكلام على إيران أيضا ومشروعها في منطقة شمال إفريقيا؟
في اعتقادي، إيران هي الأخرى مستهدفة من قبل إسرائيل بحكم كثافتها السكانية وموقعها الجغرافي وتقدمها العلمي. وبالتالي، فأنا أرى أنه لا يجوز لنا أن نُضايق الدولة الإيرانية، بل العكس من ذلك، على الدول العربية وطهران أن يكونا في صف واحد في هذه الحرب التي تشنها إسرائيل على مصالح الشعب الفلسطيني ومصالح الدول العربية والإسلامية، إذ من الغلط أن نجعل من إيران هدفا لعدواننا، أمام العدو الحقيقي: إسرائيل.
(مقاطعا) ولكن إيران متهمة باستهداف أمن الدول العربية، منها المغرب الذي قطع علاقاته معها بسبب دعمها للبوليساريو عن طريق حزب الله اللبناني ومواقفها المتماهية مع الطرح الانفصالي في المنصات الدولية، كيف يتحالف المغرب مع دولة تهدد أمنه القومي؟
من وجهة نظري، فإن كل هذه الخلافات قابلة للحل ويمكن تجاوزها في إطار منظمة التعاون الإسلامي، بحيث يجب أن تكون هناك لقاءات بين وزير الخارجية المغربي ونظيره الإيراني لتوضيح هذه المواقف وبناء قاعدة أخوية ضد العدو المشترك الذي يهدد العالم العربي ويهدد الجميع ولا يلتزم بقواعد القانون الدولي، ذلك أن الخيار الاستراتيجي بالنسبة للدول العربية هو تجاوز خلافاتها مع الجمهورية الإسلامية، ثم إن السعودية قدمت مثالا في ذلك، وهو ما يعكس بعدا للنظر لدى الدبلوماسية السعودية.
طيب، نذهب الآن إلى الشرق الأوسط، وبما أن أنك تحدثت عن الدول العربية، ما هو تقييمكم للموقف العربي تجاه الحرب الحالية بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية؟
في الحقيقة، فإن الدول العربية أظهرت ضُعفا كبيرا منذ اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، إذ أصدرت هذه الدول بيانات تندد بالعدوان الإسرائيلي لكنها تبقى مجرد أحكام. وبالتالي، فإن المطلوب اليوم هو إقرار وفرض عقوبات عربية على إسرائيل، وهذا بدوره يتطلب من الدول المعنية أن تقدم تضحيات لإظهار التضامن العربي مع الشعب الفلسطيني على غرار ما قمنا به خلال الحروب السابقة، إضافة إلى الدعوة إلى قمة عالمية للسلام، التي سبق أن طرحتها الصين، وأنا آمل أن تتخذ القمة العربية المقبلة هذا القرار. أضف إلى ذلك أن العرب لا يملكون السلاح لمواجهة إسرائيل وحليفها الأمريكي بقواعده العسكرية المنتشرة في الشرق الأوسط، لكن يجب أن نرد بضم الصفوف وإقرار عقوبات وفتح السبيل لحل تفاوضي.
أعود بك إلى المغرب، خصوصا بعدما قلت في أحد الحوارات مؤخرا إن الطريقة التي أدارت بها المملكة فاجعة الزلزال على مستوى قبول المساعدات الإنسانية من الدول كانت جديدة وسابقة ومدرسة في هذا الإطار، وإن التضامن الذي أبان عنه المغاربة تجاه بعضهم بعض هو امتحان وطني، هل يمكن أن تفسروا لنا أكثر ما الذي كنتم تقصدونه؟
هذا صحيح، فالمملكة المغربية فاجأتنا في الحقيقة لما أغلقت الباب أمام المساعدات الدولية لتجعل من هذه الكارثة الطبيعية امتحانا وطنيا، ثم إن التضامن الذي عبر عنه الشعب المغربي مع أبناء وطنه من المتضررين، والذي تم بقيادة مستنيرة وفرت جميع الآليات لتحقيق هذا التعاطف الوطني العميق، كان مدرسة جديدة وشيئا عظيما، لأنه عادة في المناطق المنكوبة تتدفق الفرق الأجنبية للمساعدة، غير أن ما وقع في المغرب عمل مغربي خالص بإمكانيات ذاتية، وأنا أعتبر ما حدث من بطولات الشعب المغربي.
هذه “المدرسة المغربية” صارت تتعرض لتحرشات خطيرة، فقبل أيام سقطت قذائف صاروخية على منطقة سكنية في مدينة السمارة بالصحراء المغربية أسفرت عن مقتل مواطن مغربي وجرح آخرين، فيما تبنت البوليساريو من خلال بعض قيادييها هذا الهجوم، ما هو تعليقكم عليه؟
حقيقة، أنا لا أستغرب مثل هذه التصرفات من البوليساريو ومن الجزائر، والسؤال هنا من أين أتت الجبهة الانفصالية بهذه الأسلحة إن لم تكن جزائرية وإن لم تتم هذه العملية بناء على ضوء أخضر جزائري، وهذا معروف، لكنني أستغربه في الوقت ذاته من باب هذا التوقيت والسياق، وأنا أعتقد أن هذه العمليات لن تنقطع ما دامت النوايا الجزائرية الخبيثة تجاه المغرب قائمة، ولا أستبعد كذلك أن يكون هذا الحادث نقطة أزمة جديدة في العلاقات بين البلدين. وبالتالي، فإن المغرب يجب أن يتسلح أكثر لمواجهة هذه الأخطار ما دام أن الخطر الجزائري لن يتوقف، على الرغم من أن النداء الأخوي ما زال حيا في الضمائر المغاربية جميعا وفي ضمير الشعب الجزائري المغلوب على أمره.
طالما تحدثنا عن حلم اتحاد المغرب الكبير الذي يُشبهه البعض بـ”المريض في غرفة الإنعاش”، سؤالي هنا، وفي ظل التحولات والتحديات الكبرى التي تشهدها المنطقة والتي تستوجب مواجهتها إطارا إقليميا وسياسات إقليمية موحدة، كيف يمكن في نظركم أن نخرج هذا المريض من غرفة الإنعاش لنُحقق هذا الحلم المغاربي الذي ظل حبرا على ورق؟
تحقيق هذا الحلم يعود إلى الجميع، إلى الشعوب وإلى النخبة وإلى الإعلام وإلى جميع الأطراف المعنية، وليتحقق هذا الحلم المغاربي يجب أولا أن نوفر المناخ الدبلوماسي والسياسي ونحافظ على مؤسسات اتحاد المغرب الكبير واستمرا هياكله القائمة، ونعمل على عودة اجتماعات سفراء الدول المغاربية على مستوى كل دولة دون إقصاء أحد، إضافة إلى تنظيم ندوات دورية بحضور جميع الفاعلين المغاربيين المؤمنين بهذا الحلم لأننا لا نقبل أن نقطع المسيرة التي انطلقنا فيها على هذا المستوى.
المصدر: هسبريس