اخبار المغرب

تعليقات “السوشل ميديا” تضع حدود حرية التعبير تحت مجهر النقاش بالمغرب

انبعثت من جديد في المغرب نقاشاتٌ عن حدود حرية التعبير والنشر في منصات ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد انتشار خبر واقعة “التعليق الفيسبوكي” التي قادت طالبا مغربيا إلى السجن سبع سنوات، إثر حكم ابتدائي، بسبب تهديده للناشط أحمد عصيد، وفق ما كان قد كشفه المحامي بالدار البيضاء عبد الرحمان الباقوري في منشور له على المنصة ذاتها.

وكتب الباقوري في تدوينته على حسابه في منصة “فيسبوك” أن “أحمد عصيد نشر فيديو له بالفيسبوك وهو يتكلم عن الميراث، فعلّق عليه هذا الطالب بقوله: ”هذا خاصو الذبح“. تم البحث عن صاحب التعليق، وتم اعتقاله، وأحيل على غرفة الجنايات بالرباط المتعلقة بجرائم الإرهاب، التي قضت عليه الأسبوع الماضي بالسجن 7 سنوات نافذة”.

هذه الواقعة علمت جريدة هسبريس الإلكترونية ضمن تطوراتها بأن المحامي بهيئة الرباط محمد ألمو قد انتصب ضمن هيئة الدفاع مؤازراً للمتهم، كاشفاً أنه تقدّم بـ”طلب قصد الطعن استئنافيا في هذا الحكم الصادر الأسبوع الماضي”.

وقال ألمو في حديث مقتضب مع هسبريس: “لا يمكنني التعليق حالياً على الواقعة أو الحديث عن أبعادها القانونية بتفصيل. رغم أني تابعتُها ولم تكن معلومة لدى العموم حتى صدر الحكم الابتدائي، إلا أننا مازلنا في انتظار فصول المحاكمة وما قد تُسفر عنه من جديد في شقها الاستئنافي”، بتعبيره.

تبعاً لذلك، تجددت بين بعض رواد مواقع التواصل نقاشات حول حدود حرية التعبير والنشر عبر وسائط الإنترنت والأثر القانوني لذلك في التشريع المغربي الذي يتضمن عقوبات في حالة “الإشادة بالإرهاب” أو التحريض عليه بعبارات متطرفة.

وبينما ذهبت بعض التعليقات والتفاعلات مع الموضوع، على قلّتها، حسبما تابعته هسبريس في مواقع التواصل، إلى اعتبار الحكم “قاسيا” مقارنة مع جرائم وجنايات أخرى، مثل الأحكام الصادرة في حق مرتكبي الاغتصاب، شددت أخرى على ضرورة “الحزم والحسم مع التهديدات بالتصفية أيّا كانت دوافعها”؛ لأن ذلك “يبقى رادعاً قانونياً ضد تزايد ناشري تعليقات تتضمن تحريضا على التطرف أو حثاً على الإرهاب أو الكراهية”، خاصة مع تزايد حدة هذه القضايا في السنوات الأخيرة إثر ما أتاحته مواقع التواصل الرقمي من إمكانيات سهلة للتعليق.

من جهته، شدد محمد العوني، فاعل حقوقي رئيس منظمة “حريات الإعلام والتعبير” بالمغرب (حاتم)، على “وجوب الفصل بين حرية التعبير والنشر في منصات التواصل الرقمي والاجتماعي ضمن حدود الاحترام المتبادل ومقارعة الفكرة بالفكرة والتبادل الراقي واحترام قيم حقوق الإنسان، وبين تعبيرات متطرفة قد تخضع للتكييف القانوني على أنها تعبيرات تشجع الإرهاب”.

وقال العوني، في تصريح لهسبريس، إن “أيّ تعبير متطرف يبقى منبوذاً وغير مقبول ولا يدخل ضمن نطاق حرية التعبير في الإنترنت”، شارحا بأن “التطرف، كيفما كان نوعه، قد يبدأ بتعبيرات بسيطة ثم يتحول إلى أفكار متبناةٍ قبل أن ينتقل إلى ممارسات لا قدّر الله، وفي غفلة من الجميع في حال تم التساهل معه”، مثمناً “الصرامة القانونية تجاه هذه النوعية من القضايا” و”التعامل معها بجدية وبالتكييف القانوني اللازم، بغض النظر عن طبيعة الحكم وسياقاته”.

واعتبر رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير أن “الصرامة مع التطرف تبقى مطلوبة، خاصة في سياق زيادة مرصودة من حيث نوعية بعض الخطابات المروَّجة على بعض مواقع التواصل الاجتماعي”، مردفا: “نحن مع حرية التعبير المؤطَّرة التي تحترم حرية الآخر وتقف عند حدودها، وضد الفوضى ونشر الأفكار الهدّامة، خاصة بغرض الإساءة للأشخاص”.

كما شدد العوني على أن “مؤسسات التنشئة الاجتماعية، خاصة الأسرة والمدرسة، مدعُوّة إلى تفعيل أدوارها في مجال التربية على القيم المعتدلة لنشر التسامح وإشاعة قبول الاختلاف”، معتبرا أن “حالة هذا الطالب تؤكد للأسف ما تم من إفراغ المؤسسات التعليمية والجامعية من أدوارها المجتمعية في انفتاح الطلبة وتنويرهم بهذه القيم”، لافتا إلى أن “الجامعة منارة للفكر ومساحة للحوار والإبداع والتداول المؤسّس لثقافة الاختلاف”.

وختم رئيس “حاتم” بالتنبيه إلى “زيادة منسوب التطرف في التعبيرات الاجتماعية في المواقع كما الواقع”، منوها إلى أنه “يتعين التأكيد على كون التهديد والتحريض على التصفية الجسدية لا يدخلان بأيّ حال ضمن حرية التعبير”، وهو ما يثير “استعجالية عمل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على ميثاق أخلاقيات النشر في مواقع منصات التواصل الاجتماعي”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *