تطور العلاقات مع المغرب يدفع سانشيز إلى التخلي عن عرف “الوجهة الأولى”
بدأ بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني الجديد، وضع حد للعرف الذي دأب عليه عدد ممن خلفهم من خلال جعل بلدان أخرى في قائمة الوجهات الأولى دون المملكة المغربية بعد تشكيل الحكومة.
وفي زيارة بتنسيق مع بلجيكا، أصبحت إسرائيل وفلسطين الوجهة الخارجية الأولى لسانشيز بعد النجاح في انتخابات عسيرة ضد اليمين، ليؤكد للمرة الثانية على التوالي تخليه عن عرف “الرباط كوجهة أولى”.
ولا يرى مراقبون أن هذا المؤشر يعكس “تصرفا سلبيا” من زعيم الاشتراكيين بإسبانيا، بل بداية نهاية سياق الأزمات العميقة بين مدريد والرباط، التي تجعل الأخيرة الوجهة الأولى قصد بعث إشارات التخفيف من حدة التوتر، والدعوة إلى الحوار.
وتقف العلاقات بين البلدين، حاليا، على مؤشرات طموح متزايد للتعاون والتنسيق في شتى المجالات، تصاعدت حدتها مع فوز سانشيز وبقاء الأجهزة الحساسة بحكومة مدريد في يد أصدقاء المملكة المغربية، على غرار وزارة الخارجية والداخلية، والفلاحة.
وكانت زيارة سانشيز إلى فرنسا عام 2018 تكسيرا لتقليد استمر أزيد من 30 سنة، غير أنه اليوم لا يظهر، وفق مراقبين، بـ”الحدة والجدل” نفسهما.
وتفاعلا مع هذا الموضوع أفاد عبد الحميد البجوقي، محلل سياسي في الشأن الإسباني، بأن “زيارة المغرب كوجهة أولى عرف سياسي في الأساس وليس قاعدة ملزمة”.
وأضاف البجوقي، في تصريح لهسبريس، أن “هذا العرف بدأ في مرحلة كانت العلاقات متوترة، واستمر في سياق تسهيل هاته العلاقات حتى تنضج وتصل إلى المستويات المتقدمة التي نشهدها اليوم”.
ويعتبر المتحدث ذاته أن “هذا العرف لعب دورا حاسما في تخفيف التوتر القديم بين البلدين”، مشيرا إلى أن “تطور العلاقات ترافقه أيضا مستجدات الحرب في غزة، التي تستدعي زيارة رسمية إلى المنطقة”.
ويشدد المحلل السياسي ذاته على أن “سانشيز يعلم أن العلاقات مع المملكة المغربية تسير إلى مستويات جد متقدمة، وتعتبرها مدريد كما جاء على لسان ألباريس ‘أولية الأولويات’”.
“سانشيز في زيارته إلى تل أبيب سجل موقفا شجاعا وقويا للغاية، ولم يتحدث فقط كريس وزراء إسباني، بل أيضا باسم بلاده التي ترأس الاتحاد الأوروبي”، يقول المتحدث ذاته.
ويؤكد البجوقي أننا اليوم “أمام تكسير قاعدة المملكة المغربية كوجهة أولى لرئيس الوزراء الجديد لإسبانيا؛ وقد يبقى العرف ساريا في حالات استثنائية، لكنه أصبح من اليقين أنه لم يعد بتلك الحدة السابقة التي كان عليها”.
وخلص المحلل سالف الذكر إلى أن “فرنسا كانت في السابق هي الأخرى من الوجهات الأولى، لكن بعدها أصبحت تأتي في مرات نادرة عندما يستدعي الأمر إعادة توطيد العلاقات ووضعها في السكة الصحيحة”، مبينا أن “ما يقوم به سانشيز لا يحمل أي إشارة إلى المغرب، وليس إلحاحا في تكسير هذا العرف؛ بل إنه تقدم على هذا المعطى بكثير عندما اعترف بالموقف المغربي من الصحراء، باعتباره الحل الوحيد للنزاع المفتعل”.
المصدر: هسبريس