تطبيق الزواج الحلال تجارة باسم الدين و”مواعدة عمياء” جديدة
يواصل تطبيق “الزواج الحلال”، الذي أطلقه إلياس الخريسي، الملقب بـ”الشيخ سار”، إثارة جدل حاد بالمغرب، خصوصاً داخل الأوساط “الحداثية” التي لم يجد التطبيق إطلاقاً ولوجا إلى مقبوليتها، باعتبارها “تتحرّك في مسافات جد بعيدة مع كل ما يستثمر الدين لأغراض تجارية أو ربحيّة”، بحسب حقوقيات يتبنين الطرح نفسه “الرافض للتطبيق”.
وبالنسبة للحقوقيات اللائي تحدثن لهسبريس فإن التطبيق الجديد الخاص بالتعارف بين الشبان والشابات لغاية الزواج حصراً، بثمن اشتراك يصل إلى 300 درهم للرجال و100 للنساء، “ينبني على أفكار تُشبه المواعدة العمياء، التي أثارت جدلاً في المغرب مؤخراً”، كما أن عد “التطبيق حلالا، لا يعني أن الزواج هو أفقه النهائي على الأرض”.
“بزنس باسم الدين”
سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، رفضت أن تنطلق في النقاش دون اعتبار التّطبيق نوعا من “البزنس” باسم الدين، لأن “من له غيرة على دينه لا يتاجر بمقاصده”. وقالت: “هذا الأمر يبرز نوايا كانت قديمة غير معلنة تنتظر فقط سياق التنزيل ليختمر، وهو ما يضع مصداقية مسار دعوي في خانة الشك ويختبر خلفياته الحقيقيّة”، بتعبيرها، قبل أن تؤكّد أنه “تطبيق منبوذ أخلاقيّا أيضاً، بوصفه تكريسا لتشييء المرأة”.
ونبهت موحيا، في حديثها لهسبريس إلى “كون المعايير الجسديّة المعتمدة، من قبيل لون البشرة، والمرتبطة بذلك، كطبيعة اللباس، ووضعها في مقدمة خيارات انتقاء الشريكة، يعضد الصور النمطية التي تعتبر النساء جسداً بشكل نهائي”، مسجلة “إتاحة إمكانية متابعته للمحادثات الدائرة بين هو انتهاك للخصوصية ووصاية جديدة غير مفهومة، كأننا أمام مفهوم جديد لحراسة المعبد يتم في سياق رقمي وبشكل غير صامت”.
وأضافت موحيا: “يمكن مثلاً لعلاقة أن تبدأ داخل التطبيق تحت وصاية صاحبه، لكن بمجرد أن تخرج عن التطبيق تشوبها اختلالات ما، بمعنى أن معرفة فشل هذا التّصور في الأساس والسّعي فيه يطرح أكثر من علامة استفهام”، خالصةً إلى التشديد على أن “التطبيق نعتبره كحقوقيات مخجلا ومؤسفا أن نراه واقعاً بيننا، ومن التّرف أن نقول التّوصيف المجتمعي الحقيقي لهذه العملية، ولكن المغاربة أنضج من هذه الأمور”، بتعبيرها.
“مواعدة عمياء”
كريمة رشدي، عضو ائتلاف 490، قالت إن “انبناء الحقيقة داخل هذا التطبيق على تصور جد تقليدي للعلاقات الزوجية، يجعل التفكير في تقبله أمراً صعباً للغاية”، وأضافت: “لا يكمن المشكل في التصورات التقليدية حين تتعايش مع التصورات النقيضة، لكن المعضلة هي استثمارها للتجييش وللتجديف ضد تصورات مجتمعية أخرى واضحة لديها رؤيتها للحقيقة تتماشى مع الواقع بدون أي مراوغة أو نفاق”.
وضمن تصريحها لهسبريس، عدّت رشدي التطبيق “شكلاً آخر للمواعدة العمياء، لكونه يقوم على الفكرة نفسها، وهي البحث عن شريك لم تلتق به قط، ولم تره قط، ولا معرفة لك بشكله”، موضحةً أن “الزواج اليوم لم يعد يبنى على هذه الأفكار السهلة التي تقوّي مناعة بعض الآراء الماضوية للرابطة الزوجية”، وزادت: “هي أيضا موجودة، ولكن يتعين اليوم أن ننظر للتحولات الطارئة في العلاقات الإنسانية بشكل عام”.
وأكدت المتحدثة أن “الدول الآن اتجهت لتدريب المقبلين على الزواج، بما أن العالم اكتشف محدودية محاولات صناعة زوجة على المقاس أمام تنامي الحاجة إلى التوافق والتفاهم والمودة، وهذه التحديثات يبدو أن التطبيق يتجاهلها”، خاتمةً بأن “تسويق التطبيق كمخلّص من العلاقات الرضائية، يقفز مرة أخرى على ما هو مطروح في الواقع، وهو أن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج موجودة في مجمل الأوساط، حتى تلك التي تقول إنها محافظة”.
المصدر: هسبريس