سلطت المجلة الفرنسية جون أفريك الضوء على تصريحات السياسيين المغاربة التي رافقت احتجاجات جيل زد، حيث كشف تقريرها عن حالة من التخبط والانفصال عن الواقع في تعامل الطبقة السياسية مع موجة الاحتجاجات التي قادها شباب حركة “الجيل زد 212″، إذ خرجت أخيرا عن صمت دام أسبوعا بسلسلة من التصريحات المتباينة التي عكست عجزا عن تقديم استجابة موحدة ومقنعة.
أوضح التقرير أن الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، فجر جدلا واسعا في حواره التلفزيوني يوم 3 أكتوبر، حينما وصف كل من لا يسعى لمحاربة الفساد بأنه “إما غبي أو غير متوافق مع القيم المغربية”، مؤكدا أن حكومته أطلقت “أكبر عدد من محاكمات الفساد”. وأضاف المصدر أن هذه التصريحات قوبلت بالتشكيك، حيث ذكّر مراقبون بأن حزبه، التجمع الوطني للأحرار، دعم مرشحين كانوا ملاحقين قضائيا في قضايا فساد خلال انتخابات 2021، كما أنكر بايتاس سماعه لمطلب استقالة الحكومة الذي تصدر هتافات الشارع، متهما الصحفي الذي طرح السؤال بالتحول إلى “ناطق رسمي باسم المتظاهرين”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن شخصيات سياسية مخضرمة حاولت تدارك الموقف بلهجة أكثر ليونة، حيث أشاد محمد أوجار، وزير العدل الأسبق والقيادي البارز في الحزب الحاكم، في تصريح لقناة العربية يوم 5 أكتوبر، بالمتظاهرين الشباب ووصفهم بأنهم “وطنيون سلميون”، معتبرا أن “الجديد اليوم يكمن في هذا الجيل الذي كنا نعتقد أنه غير مهتم بالسياسة، والذي يطالب بمغرب أكثر عدلا”. وأدان أوجار أعمال العنف التي أدت إلى مقتل شابين في القليعة، مشددا على ضرورة “التمييز بين المتظاهرين الشباب والمنحرفين الذين اخترقوا المسيرات”.
وتابع المصدر أن رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، استغل الفرصة لتوجيه نقد لاذع للحكومة الحالية خلال مؤتمر حزبي يوم 4 أكتوبر، مؤكدا أن مطالب الشباب هي “مطالب الشعب المغربي بأسره”. وكشف العثماني أن اللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد “لم تجتمع ولو مرة واحدة” منذ عام 2021، متهما الحكومة الحالية بـ”تجميد هذه الاستراتيجية” كأول إجراء لها، كما أشار إلى وجود “32 برلمانيا في السجن بتهم فساد”، وذكّر بأن وعود خلق مليون منصب شغل لم يتحقق منها سوى “أقل من 200 ألف” حسب التقارير الرسمية.
وأفاد التقرير بأن الارتباك بدا واضحا حتى داخل الأغلبية الحكومية، حيث حاول نزار بركة، وزير التجهيز وزعيم حزب الاستقلال، في حوار تلفزيوني يوم 5 أكتوبر، الدفاع عن حصيلة الحكومة مبررا الإخفاق في خلق الوظائف بالجفاف والحرب في أوكرانيا، مع التنصل جزئيا من المسؤولية عبر توضيحه أنه يتحدث “بصفته الحزبية لا الحكومية”. وفي المقابل، وحسب المصدر ذاته، تبنت نجوى كوكوس، البرلمانية الشابة من حزب الأصالة والمعاصرة، خطابا نقديا حادا، حيث كانت قد حذرت في الأول من أكتوبر بحضور وزير الصحة من “التدهور الكارثي” لمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، ودعت الحكومة إلى “عدم ترك الشوارع فارغة من أي وساطة سياسية”.
وأكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، وفقا لما أورده التقرير، في تصريح له يوم 3 أكتوبر أن “التظاهر السلمي حق دستوري لا جدال فيه”، وأن الحكومة “سمعت رسالة الشارع”، لكنه أغلق الباب أمام أي تغيير خارج الإطار الدستوري. وكشف وهبي عن دراسة إصلاحات ملموسة كضمان حضور محام منذ بداية التحقيق وتفعيل العقوبات البديلة للسجن، خاصة للقاصرين الموقوفين، موجها بدوره دعوة للشباب لتحويل طاقتهم الاحتجاجية إلى مشاركة سياسية عبر صناديق الاقتراع.
المصدر: العمق المغربي