اخبار المغرب

تشكيل “دولة إسلامية” هو السيناريو الأسوأ لسوريا ما بعد الأسد

قال باسكال بونيفاس، الخبير الفرنسي مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (مقره باريس)، إنّ ما يجري في سوريا، بعد سقوط نظام الأسد، عامل مؤثر في “الأمن الإقليمي” بتداعيات قد تكون عالمية وتسهم في صياغة خريطة جيوسياسية جديدة، موضحا أنه “على أيّ حال؛ وفي عالم مُعولم، ما يحدُث في مكان ما له تداعيات قوية إلى حد ما في الخارج؛ فإذا كانت هناك اضطرابات في أي مكان لا يمكن أن تبقى حبيسة الرقعة الجغرافية”.

وأضاف بونيفاس، مجيبا عن سؤال طرحته جريدة هسبريس الإلكترونية في أعقاب مشاركته في جلسة عامة للنقاش حول موضوع “براديغم الأمن الإقليمي: من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي”، السبت، شارحاً فكرته: “لا توجد واحة سلام في أي مكان دون أن يتأثر العالم الخارجي. لكن لا توجد أيضًا شرارة صراع أو حرب دون أن يتأثر العالم الخارجي”.

ولفت بونيفاس، الذي يرأس أحد مراكز الأبحاث الرائدة في فرنسا المتخصصة في القضايا الجيوسياسية والإستراتيجية، إلى أن قراءة تحليلية معمّقة لما يعتمل من أحداث في سوريا تقف حاليًا عند “وضع سيناريوهات”.

“ماذا سيحدث الآن؟”، يتساءل المصرح خلال التصريح ذاته، موردا: “نحن إلى حدّ كبير في مرحلة كل ما يمكننا فعله هو وضع سيناريوهات.. لا يوجد يقين”، باسطاً بعض سيناريوهات في هذا الصدد.

“السيناريو الأسوأ هو إعادة تشكيل دولة إسلامية”، يزيد الخبير الجيوسياسي، متوقعا أنه في هذه الحالة “سينتقل السوريون من ديكتاتورية إلى أخرى”. أما “السيناريو الأقل سوءاً”، وفقه، فهو أن “تتفهَّم وتستوعب الحكومة الجديدة الأخطاء التي ارتكبها تنظيم ‘الدولة الإسلامية’ الذي كان معارضاً للسكان وللقوى الخارجية، وتحاول تبني سياسة أكثر شمولاً في ما يتعلق بالسكان الوطنيين وتجميع مختلف مكونات الأمة السورية”.

وفسّر بونيفاس ذلك بقوله: “(…) لأن سوريا فسيفساء، مثلها مثل العديد من الدول متعددة العرقيات، لا توجد فيها مجموعة عرقية واحدة فقط؛ كما أنها تحاول تطبيع العلاقات مع القوى الخارجية والإقليمية في المنطقة”، وزاد: “إذا كان هدف الحكومة الجديدة بالفعل هو التنمية الوطنية لسوريا فسيتعين عليها أن تشمل شعبها وأن تشمل الآخرين أيضاً؛ وأخيراً، تطبيع العلاقات”.

“لذلك من السابق لأوانه القول ما إذا كانت فرنسا، على سبيل المثال، ستُعيد فتح سفارتها في دمشق… ومن الواضح أنه من السابق لأوانه الجزمُ بذلك، لكن تم إجراء اتصالات غير رسمية”، يردف المتحدث ذاته.

ترافع عن السلام والديمقراطية

متحدثا خلال الجلسة حول “براديغمات الأمن الإقليمي” كان الخبير الفرنسي أكد في موقف لافت أن “دور الناتو في إفريقيا مثير للجدل؛ فلا ينبغي له أن يتدخل، بل يجب على المنطقة أن تجد حلولها الخاصة بها”، وتابع: “نحن بحاجة إلى تنظيم أفضل لضمان المنافسة العادلة في الشؤون العالمية”، معتبرا أن “الصراع في السودان بيَّن كيف أن القوى الخارجية تُعقّد الاتفاقات والتوافق؛ وهو مثالٌ سيّئ لكيفية حل الحرب، فيما يجب أن نركز على فهم القواعد، وليس مجرد الرد على الإرهاب”.

من جانبه لفت وزير الدفاع السنغالي، بيرام ديوب، إلى “التعاون العالمي في مجال الأمن”، مشددًا على “الحاجة إلى حلول مُخصَّصة ومحدَّدة السياق”، ومسلطا الضوء على دور المواطنين والمؤسسات الوطنية القوية والهيئات الإقليمية، مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).

وشكلت مداخلة وزير الدفاع السنغالي “مرافعة قوية” ونداءً صريحا إلى تغليب “الديمقراطية والقيادة والحوار، حتّى مع الجهات الفاعلة من غير الدول، لمعالجة الهجرة والصراع”، ضاربا المثال بـ”جماعة الحوثيين في اليمن، التي كانت تسببت في اضطرابات في البحر الأحمر وزيادة تكاليف النقل البحري العالمي”.

“أمن المواطنين بالغُ الأهمية، وهذا ليس دور الحكومة وحدها، بل يجب على الأفراد أن يضطلعوا بدورهم من خلال توخي اليقظة والمشاركة. فالتعليم والمجتمع المدني هما مفتاح المجتمعات الأكثر أماناً”، يورد المسؤول السنغالي، خاتما بأن “الأمم هي اللاعب الأول في ضمان أمْنها”.

“التنمية مفتاح السلام”

أما دانيال فاجديتش، رئيس “يوركتاون سولوشنز” الأمريكية، فقال: “يحدُث التجزؤ بوتيرة سريعة للغاية على مستوى العالم. لمْ تشهد أي منطقة تجزئة أكثر من منطقة المحيط الأطلسي وإفريقيا الأطلسية على وجه الخصوص في العقود القليلة الماضية”.

وأكد المتحدث ضمن مداخلته أن “التحدي الأكبر الذي يواجهُه الناتو هو نفسه”، وزاد شارحا: “التشرذم داخل الناتو يُعيق قدرته على العمل، خاصة في مناطق مثل ليبيا وسوريا. لقد تغيرت تصورات التهديدات ويجب على الناتو أن يتكيف معها”.

وخلص فاجديتش موصيا: “التنمية هي مفتاح السلام؛ فالبلدان التي تركز على التنمية أقل عرضة للتطرف. ويجب أن يفهم الشمال هذا الأمر عند التعامل مع الجنوب الأطلسي”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *