تساؤلات “القيمة المضافة” للمغرب تحيط بحصيلة وآفاق اتفاقيات التبادل الحر
اعتبرت وزارة الصناعة والتجارة إن العَشر سنوات الأخيرة شاهدة على “ارتفاع الصادرات المغربية نحو عدد من الوجهات الاقتصادية والتجارية التي ترتبط بها المملكة المغربية باتفاقيات تبادل حر”، مسجلة الأثر الإيجابي لإسهام تلك الاتفاقيات في “إعطاء دينامية جديدة للاستثمارات الخارجية التي عرفت قفزة نوعية”.
وتضمّن جواب كتابي لرياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، على سؤال كان قد وجهه الفريق الحركي حول موضوع “اتفاقيات التبادل الحر.. الحصيلة والآفاق”، معطيات دالة تؤشر على “ارتفاع صادرات المغرب نحو الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل نمو يناهز 8 بالمائة، وبـ18 بالمائة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم بـ16 بالمائة مع تركيا، وبـ10 بالمائة مع الاتحاد الأوروبي” (خلال العقد المنصرم).
ولفت الجواب ذاته، الذي تتوفر هسبريس على نسخته، انتباه النائب البرلماني عبد النبي عيدودي، واضع السؤال، إلى أن “99 بالمائة من صادرات المغرب من المنتجات المصنعة و98 بالمائة من المُعدات تُوجه إلى الشركاء الذين تربط المملكة بهم اتفاقيات التبادل الحر”.
ولم يفُت وزير الصناعة والتجارة أن يذكر بأن “إبرام المغرب لاتفاقيات التبادل الحر توجه يندرج في إطار نهج بلادنا، منذ بداية الثمانينيات، لسياسة الانفتاح في مجال التجارة الخارجية وتنويع الشركاء بغية فتح الأسواق أمام صادراتنا، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لبلدنا”.
وتابعت الوثيقة الرسمية موضحة: “في إطار التوجهات الملكية الرامية إلى زيادة حضور المملكة المغربية ضمن البيئة الاقتصادية الدولية مع تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني والرفع من مستويات التبادل التجاري والاستثمارات، عملت بلادنا على تقوية علاقاتها في هذه المجالات مع مختلف دول العالم “على أساس المنفعة المتبادلة والتعاون المشترك”.
واعتبرت أن ذلك “جعل المغرب قاعدة مهمة للتجارة والاستثمار، مستفيدا في ذلك من النتائج المهمة التي تم تحقيقها على صعيد تطوير الأنظمة القانونية المؤطرة للبيئة الاقتصادية والتجارية، وأيضا بفضل المشاريع القطاعية الطموحة التي تم تنفيذها في العقد الماضي”.
وعددت وزارة الصناعة والتجارة “الدول الشريكة التي عمل المغرب على إبرام شراكة اقتصادية وتجارية حرة معها”، مسجلة أن أبرزها “دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وتركيا والدول العربية والإسلامية الشقيقة، سواء في إطار جامعة الدول العربية أو اتفاقية أكادير التي تضم مصر والأردن وتونس”؛ ذاكرة في الصدد نفسه “إتمام تفعيل منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية التي تم إنشاؤها في مارس 2018 والتي ستسهل التجارة في إفريقيا وستطور المبادلات التجارية بين الدول الإفريقية”.
الإسهام في الاستثمار الخارجي بالمغرب
كما ساهمت هذه الاتفاقيات في إعطاء دينامية جديدة للاستثمارات الخارجية التي قفزت بشكل “نوعي”، وفق تعبير جواب مزور، الذي أشار إلى “تضاعف استثمارات الأجانب بالمغرب خمْس مرات خلال العقود الثلاثة الأخيرة”.
شكلت الاستثمارات الصناعية حوالي ربُع الاستثمارات الأجنبية الذي جذبها المغرب خلال الـ15 سنة الماضية، أي ما مجموعه 115 مليار درهم؛ وهو ما يؤكد أهمية هذه الاتفاقيات في استقطاب الاستثمارات من مختلف دول العالم”.
آفاق تطوير التبادل الحر
عن آفاق تطوير اتفاقيات المغرب في التجارة الحرة، أوردت المعطيات الرسمية وفق الوزارة الوصية أنه يتم العمل في اتجاه “وضع آليات جديدة لتتبع تطبيق اتفاقيات التبادل الحر والتقييم المستمر لنتائجها”، مع “تعميق الحوار مع بعض الشركاء من خلال اللجان الثنائية المشتركة ولجان تتبع الاتفاقيات التجارية لرفع الحواجز غير الجمركية والعوائق الفنية في وجه صادرات المقاولات المغربية”.
كما ذكرت “إبرام اتفاقيات جديدة مع عدد من الشركاء لتحسين ولوج الصادرات المغربية وتنويعها بغية تقوية تنافسية الصادرات مستفيدا من المزايا التي تتيحها الاتفاقيات”، بالموازاة مع “تحسيس الفاعلين الاقتصاديين بمزايا ومقتضيات هذه الاتفاقيات وفرص التصدير التي توفرها”.
ويحرص المغرب على أهمية الحفاظ على مرتكزات اقتصاد وطني قوي ذي جاذبية للاستثمار، وكذا توفير منتوج وطني مؤهل للولوج إلى الأسواق الخارجية؛ حتى يكون لتسويقه الأثر الإيجابي على الميزان التجاري.
مساءلة “القيمة المضافة”
تعليقا على هذه المعطيات، تفاعل رشيد ساري، محلل اقتصادي، قائلا إن “ارتفاع الصادرات في حد ذاته ليس مؤشرا عن إيجابية أو سلبية اتفاقيات التبادل الحر التي عقدتها المملكة، والتي يفوق عددها 54 اتفاقية”. وشدد معلقا: “نحن، فعلا، في حاجة إلى مراجعة عدد كبير منها وجزء مهم يخص شروط التصدير…”، خاصا بالذكر “علاقات المغرب التجارية مع تركيا، التي تحقق عجزا واضحا في التبادل الحر لفائدة الأتراك”.
وتابع ساري، في إفادة لهسبريس، متسائلا: “هل تجني بلادنا، فعلا، من اتفاقيات التجارة الحرة مجموعة من العائدات وهوامش الربح؟”، مؤكدا أن “الصادرات تكون غالبا بشروط مُجحفة وغير عادلة؛ وبالتالي لا نحقق منها أرباحا كبيرة كطرف مغربي؛ وهو ما يسائلنا جميعا لإعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر”.
وعلى الرغم من إقرار المحلل الاقتصادي ذاته بأن “بعض الاتفاقيات تجلب القيمة المضافة من خلال نِسَب مشجعة أوردها جواب الوزارة الوصية”، فإنه أردف: “ماذا استفدنا منها، خاصة أنه تنقصنا حقا معطيات حول حجم وبنية الصادرات بالأرقام مع كل دولة”.
المصدر: هسبريس