أعربت فعاليات مدنية وحقوقية تهتم بالشأن المحلي بمدينة الدار البيضاء وضواحيها عن قلقها الشديد من تنامي مظاهر العنف في صفوف مهاجرين غير نظاميين ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء، معتبرة أن هذه السلوكات أصبحت تشكّل مصدر إزعاج حقيقي لساكنة العاصمة الاقتصادية، خاصة داخل الأحياء الشعبية والأزقة المكتظة.
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة مقاطع فيديو توثق لمواجهات عنيفة بين أفراد من هذه الجالية، خلفت أضراراً مادية جسيمة مست الممتلكات الخاصة والعامة، وأثارت حالة من الهلع وسط السكان.
وفي السياق ذاته، حذر متابعون للشأن الأمني بجهة الدار البيضاءسطات من انعكاسات هذه الحوادث المتكررة، معتبرين أنها قد تؤدي إلى تآكل الثقة بين المواطنين والسلطات، وتهدد السلم المجتمعي بعدد من المناطق.
ودعت نفس الجهات إلى ضرورة تفعيل المقاربة الأمنية والقضائية في التعامل مع هذه الظواهر، من خلال إعمال القانون تجاه المتجاوزين، مع تكثيف التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية للحد من تفاقم هذه الظواهر، التي أصبحت تقض مضجع البيضاويين وتشكل خطرا على الاستقرار داخل المدينة.
وحذر محمد أكضيض، الإطار الأمني السابق والخبير في القضايا الإجرامية، من تزايد بعض المظاهر الإجرامية التي باتت تسجل في أوساط مهاجرين غير نظاميين قادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، خصوصا في جهة الدار البيضاءسطات، التي تشهد في الآونة الأخيرة أحداث شغب ومواجهات داخل الأحياء الشعبية وأحيانًا في الشوارع العمومية.
وأوضح أكضيض، في تصريح لجريدة “”، أن “التمركز المتزايد لهؤلاء المهاجرين في عدد من أحياء مدينة الدار البيضاء ومحيطها أدى إلى نوع من الاحتقان الاجتماعي والشعور بعدم الأمان لدى بعض المواطنين، نتيجة ما يتم تسجيله من سلوكيات عنيفة وتجاوزات، سواء بينهم أو في احتكاكهم مع الساكنة المحلية”.
وفي هذا السياق، شدد الخبير الأمني على ضرورة اعتماد مقاربة أمنية استباقية تقوم على المراقبة الدقيقة والتحري الميداني، مشيرا إلى أن “العديد من الجرائم والمناوشات الدامية تقع إما بسبب صراعات بين المهاجرين غير الشرعيين، أو نتيجة احتكاكات مباشرة مع المواطنين المغاربة، مما يخلف أحيانا خسائر مادية وجسدية فادحة”.
وأبرز المتحدث أهمية التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية من أجل ضبط الوضع والحد من تصاعد هذه الظواهر، معتبرا أن “الوضع الحالي يستدعي حضورا أمنيا وازنا في بعض النقط السوداء التي تحولت إلى بؤر للعنف والفوضى”.
وفي الوقت نفسه، دعا أكضيض إلى ضرورة التعامل مع هذه الفئة من المهاجرين في إطار احترام القوانين الدولية والمعايير الحقوقية، مع التوازن بين متطلبات الأمن والاستقرار الاجتماعي من جهة، واحترام كرامة الإنسان والبعد الإنساني للهجرة من جهة أخرى.
وختم الخبير الأمني تصريحه بالتأكيد على أن معالجة هذه الظاهرة لا يمكن أن تقتصر فقط على المقاربة الأمنية، بل يجب أن تكون شاملة، تشمل الإدماج الاجتماعي، وضبط وضعية الهجرة، والتنسيق بين السلطات المغربية وممثليات الدول المصدّرة للهجرة، بهدف التخفيف من حدة التوترات والحفاظ على الأمن الجماعي.
المصدر: العمق المغربي