تراجع القطيع الوطني يضع عيد الأضحى في كف عفريت.. هل يتحمل المغاربة الأعباء؟

إلى حدود الساعة، لا يزال المغاربة يتساءلون عن الكيفية التي سيقضون بها عيد الأضحى لسنة 2025، ففي الوقت الذي كشف فيه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، عن تراجع حاد في أعداد القطيع الوطني بنسبة 38% مقارنة مع الإحصاء الوطني للفلاحة لسنة 2016، بسبب توالي سنوات الجفاف للعام السابع على التوالي، يبقى السؤال المطروح، هل ستكون القدرة الشرائية للمواطنين كافية لتحمل أعباء هذه المناسبة الدينية؟
هذا النقص الحاد في القطيع الوطني، والذي أثر بشكل كبير على إنتاج اللحوم، حيث انخفض عدد الذبائح من 230 ألف رأس إلى 140 ألفا، ما استدعى تغطية العجز عبر الاستيراد، يطرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل هذه الشعيرة الدينية.
وحسب المعطيات والأرقام فإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2025 لمواجهة هذا النقص، من تعليق رسوم الاستيراد والإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، لم يفلح لحدود الساعة في كبح جماح الغلاء خاصة مع ارتفاع عجز القطيع الوطني، الذي ينذر بارتفاع أسعار الأضاحي، مما يجعل هذه الشعيرة في متناول فئة معينة من المواطنين.
في ظل هذا الوضع، طرح المحلل الاقتصادي عمر الكتاني سؤالا جوهريا، حول وجود عملية تهدف إلى تهيئة الرأي العام لإلغاء عيد الأضحى، مشيرا إلى أن الأرقام المتعلقة بانخفاض القطيع الوطني تعتبر مؤشرات خطيرة قد تنذر بتغييرات غير مسبوقة في هذا المجال.
وأكد الكتاني أن الأضحية لم تعد مجرد شعيرة دينية، بل تحولت إلى قضية اقتصادية بامتياز، وفي ضوء ارتفاع الأسعار، يشكك في قدرة المواطنين على تحمل تكلفة الأضحية هذا العام، لا سيما في ظل غلاء الأعلاف وتأثيرات الجفاف على القطيع الوطني.
“الأضحية، في نهاية المطاف، ستنظر إليها من زاوية مالية بحتة”، يقول الكتاني، مسجلا أن هذا قد يؤدي إلى إعادة التفكير في الاستمرار في القيام بهذه الشعيرة، خاصة في حالة كانت التكلفة لا تتناسب مع الإمكانيات المالية للمواطنين.
من جهة أخرى، يرى المحلل الاقتصادي أن سكان البادية، الذين يمثلون حوالي 37% من سكان المملكة، هم الفئة الأكثر تضررا من هذا الوضع، فالأضحية تعد مصدر دخل سنوي من خلال بيع المواشي، وهذا المبلغ الذي يضخ من المدن إلى البادية يعتبر ضروريا لسكانها الذين يعانون من جفاف الأعلاف وارتفاع أسعار المواشي، وبالتالي فإن “بيع المواشي بأسعار مرتفعة يمكن أن يعوض الأضرار الناجمة عن هذه الأزمات”، يضيف الكتاني.
لكن، كما يوضح المحلل، توجد انعكاسات اجتماعية ونفسية كبيرة قد تنجم عن تزايد الأسعار، إذ أن “المواطنون سيضطرون في بعض الحالات إلى اللجوء إلى القروض أو بيع ممتلكاتهم للقيام بالأضحية، وذلك بسبب الضغوط المجتمعية التي تفرض عليهم إظهار قدرتهم على المشاركة في هذه الشعيرة”.
هذه الظاهرة، وفقا للكتاني، يمكن أن تؤدي إلى معاناة نفسية حقيقية بالنسبة للكثير من الأسر، التي تجد نفسها في مواجهة تحديات اقتصادية لا طاقة لها بها.
من وجهة نظره، يرى الكتاني أن من مصلحة الدولة عدم الاستمرار في الاحتفال بعيد الأضحى هذا العام، فالوضع الاقتصادي الراهن لا يبعث على التفاؤل، ومن المتوقع أن تتفاقم الأوضاع إذا استمر الضغط المجتمعي.
وفيما يتعلق بإلغاء عيد الأضحى، يعتقد الكتاني أن هناك جانبين إيجابيين وآخرين سلبيين لهذا القرار، من الناحية الإيجابية، قد يسهم الإلغاء في تخفيف الضغط الاقتصادي على الأسر، أما من الناحية السلبية، فإن الإلغاء قد يؤدي إلى فقدان مصدر دخل مهم للعديد من الأسر التي تعتمد على بيع المواشي، مما سيجعلهم في حاجة ماسة إلى بدائل اقتصادية فعالة.
من بين الأسئلة الأكثر إلحاحا التي يطرحها الكتاني: “ما هو البديل الذي سيتم تقديمه لسكان البادية؟” فالمناطق القروية، التي تعاني أصلا من نقص الخدمات والمرافق، تحتاج إلى حلول تنموية تضمن لهم مداخيل بديلة تحسن وضعهم الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد على القطاع الفلاحي وحده، ولعل أحد أبرز التحديات التي يواجهها المغرب حسب المتحدث هو كيفية تنويع مصادر الدخل في هذه المناطق، خاصة في ظل افتقارها للمرافق التي يمكن أن تعوض القطاع الفلاحي.
جدير بالذكر أن تم استيراد 21,800 رأس من الأبقار، و124,000 رأس من الأغنام، و704 أطنان من اللحوم الحمراء، مما ساهم في تحقيق نوع من التوازن في الأسواق، وبالمقارنة مع السنة الماضية فإن أسعار لحوم الأبقار تراجعت قليلا.
المصدر: العمق المغربي