تداعيات الجفاف تفرز تحديات بالجملة أمام توقعات النمو الاقتصادي في المغرب
لا جديد يذكر ولا قديم يعاد، إذ يسجل المغرب سنة جافة جديدة هي السادسة تواليا بدأت تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني، ما يدفع الحكومة إلى إعلان إجراءات جديدة لمواجهة تداعيات الموسم الجاف الجديد، في الوقت الذي ذهب فيه بعض المهتمين إلى أن الأمر يتطلب مراجعة الحكومة توقعاتها بخصوص نسبة النمو والإنتاج الفلاحي برسم سنة 2024.
وتفيد التوقعات بأن الاقتصاد الوطني سيتأثر لا محالة بسبب الجفاف، خاصة وأن الحكومة توقعت تحقيق نسبة نمو اقتصادي يقدر بـ3,7% خلال 2024، وبنت توقعاتها على فرضيات من بينها محصول زراعي في حدود 75 مليون قنطار.
الـ75 مليون قنطار الذي افترضت الحكومة تحقيقها هذه السنة، تبدو بعيدة المنال في ظل الظروف المناخية والموضوعية التي يواجهها الموسم الفلاحي، إذ إن المساحات المخصصة لزراعة الحبوب سجلت تراجعا هذا العام نتيجة إحجام كثير من الفلاحين على المغامرة في ظل اهتزاز ثقتهم في المناخ بعد توالي سنوات الجفاف.
الخبير الاقتصادي رئيس مركز المستقبل للتحليلات الاستراتيجية، إدريس الفينة، أكد أن المغرب يواجه “موجة جفاف صعبة أثرت بشكل سلبي على أداء الاقتصاد الوطني، خصوصا في الشق المرتبط بالقطاع الفلاحي”، معتبرا أن هذا الوضع يتطلب “تدخلا من الدولة عبر دعم الفلاحين لمواجهته وضمان الأمن الغذائي الذي بات اليوم واحدا من الرهانات والتحديات الكبرى التي تواجه العديد من الدول”.
وأضاف الفينة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “بالإضافة إلى تراجع الإنتاج الزراعي بالمملكة، من المتوقع كذلك أن يتراجع الإنتاج الحيواني بدوره، وهذا ما سيؤثر على ميزانية الدولة التي ستحتاج إلى ضخ مزيد من الاعتمادات المالية لدعم المنتوجات الفلاحية، خاصة الأكثر استهلاكا منها من طرف الأسر المغربية”، لافتا إلى أن هذا الأمر ستكون لع “تأثيرات على الوضعية الاقتصادية العامة وعلى معدل النمو المرتبط بشكل مركب بالقطاع الفلاحي”.
وأوضح الخبير الاقتصادي ذاته أنه “من المتوقع تحقيق معدل نمو أقل من المعدل الذي حدده قانون المالية برسم السنة الجارية، كما أن الإنتاج الفلاحي بدوره قد لا يتجاوز 40 مليون قنطار خلال الموسم الفلاحي الحالي”.
وأشار الفينة إلى أن وضعية الميزان التجاري هي الأخرى “سـتتأثر من جراء هذا الوضع نتيجة ارتفاع حجم وأسعار المواد والمنتجات الفلاحية المستوردة من الخارج الموجهة لتغطية العجز الفلاحي الداخلي، إضافة إلى تراجع حجم الصادرات الفلاحية بدورها نتيجة لذلك”.
من جهته، سجل الخبير الفلاحي رياض أوحتيتا أن التوقعات بخصوص المحصول الزراعي لهذا الموسم تبقى “رهينة بالتساقطات المطرية في شهر مارس”، مبرزا أن المساحات المزروعة بمنطقة الغرب وشمال البلاد “اقتربت من إتمام الموسم بنجاح”.
وأضاف أوحتيتا، في تصريح لهسبريس، أن المغرب يمكن أن يسجل “موسما فلاحيا متوسطا”، وكانت الحكومة قد شجعت على زرع “مليون هكتار عبر البذر المباشر واعتماد تقنيات جديدة لمواجهة جفاف التربة”.
وأكد الخبير الفلاحي أن المساحات المزروعة تراجعت بعد “5 سنوات من الجفاف، وكان الفلاح يجتهد من أجل البذر والزرع، إلا أن فلاحين كثرا لم يتمكنوا هذه السنة من حرث وزراعة الأراضي كما العادة”، مبرزا أن “الفلاح المتوسط هو الذي يحقق نوعا من الاكتفاء الذاتي للسوق”.
ودعا أوحتيتا إلى التفكير في اعتماد “المزيد من البرامج والمخططات التحفيزية للفلاحين، من بينها خفض أسعار البنزين لتشجيعهم حلى الحرث والزرع وتشجيع أصحاب آلات الحصاد على اعتماد أثمنة مقبولة”، مؤكدا ضرورة إخراج “بنك الحبوب المقاومة للتغيرات المناخية إلى الميدان”.
المصدر: هسبريس