في تحول تشريعي يهم جبايات الجماعات الترابية، حددت وزارة الداخلية، في دورية موجهة إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم ورؤساء مجالس الجماعات الترابية الترابية، الإجراءات العملية لتطبيق القانون رقم 14.25، الذي أدخل تعديلات جوهرية على النظام الجبائي المحلي، خاصة فيما يتعلق بتحديد الرسوم وفق مستوى تجهيز المناطق داخل الجماعات، وتوسيع صلاحيات الإدارة الجبائية للدولة في تدبير عدد من الرسوم.

وحسب الدورية التي تتوفر جريدة “” على نسخة منها، فإن القانون 14.25، المنشور في الرسمية بتاريخ 12 يونيو 2025، جاء لترشيد وعقلنة وعاء وأسعار الجبايات، ووضع نموذج لحكامة جبائية متماش مع التوجهات الواردة في القانون الإطار 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي، خاصة المادتين 9 و10 منه.

ومن بين أبرز المستجدات التي جاء بها القانون 14.25، أنه أسند إلى المديرية العامة للضرائب مهمة إصدار وتحصيل ثلاث رسوم أساسية هي الرسم المهني، ورسم السكن، ورسم الخدمات الجماعية، وذلك وفق مبدأ “من يقوم بالإصدار يتولى التحصيل”.

ويهدف هذا الإجراء إلى توحيد الجهة المكلفة بتدبير هذه الرسوم، والاستفادة من التجربة التي راكمتها مصالح الضرائب في مجال الجبايات، مما سيتيح مراجعة القواعد المتعلقة بجبايات الجماعات الترابية وملاءمتها مع نظام الجبايات الوطنية في ما يخص الوعاء والتحصيل والمراقبة والمنازعات والمساطر الإلكترونية.

كما ينص القانون الجديد على أن المدير العام للضرائب سيحل محل الخازن العام للمملكة في القضايا الجارية أمام المحاكم والمتعلقة برسم السكن ورسم الخدمات الجماعية، بينما سيحل القابض الجماعي محل الخازن العام للمملكة في تحصيل باقي الرسوم الأخرى، باستثناء الرسم المهني ورسم السكن والخدمات الجماعية.

أسعار الرسوم على الأراضي غير المبنية

في السياق ذاته، نص القانون 14.25 على تعديل جوهري في طريقة احتساب الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، من خلال ربط سعر هذا الرسم بمستوى التجهيز الذي تعرفه المناطق التي توجد بها العقارات المعنية.

وبموجب هذه المستجدات، أصبح الرسم يتراوح بين 15 و30 درهما للمتر المربع في المناطق المجهزة التي تتوفر على مختلف المرافق الأساسية من طرق وماء وكهرباء وتطهير وإنارة عمومية ونقل حضري وجمع النفايات.

وتم تحديد مبلغ يترواح ما بين 5 و15 درهما للمتر في المناطق متوسطة التجهيز التي تتوفر على الأقل على شبكات الماء والكهرباء والطرق، فيما يتراوح بين نصف درهم ودرهمين فقط في المناطق ضعيفة التجهيز التي تفتقر إلى أغلب أو كل هذه المرافق.

وبحسب مضمون الدورية، يُشترط في هذا الإطار أن يتم تحديد هذه المناطق بقرار من رئيس مجلس الجماعة، بعد تأشير العامل عليه، مع ضرورة تحيينه كلما اقتضى الأمر.

ولتطبيق هذا النظام الجديد بشكل دقيق، دعت الدورية الجماعات الترابية إلى إنجاز خريطة حديثة تُبرز النفوذ الترابي للجماعة وتشمل المدارات الحضرية والمراكز المحددة والمحطات والدوائر التي يشملها الرسم، إضافة إلى الأحياء والقطاعات والدواوير.

كما يتوجب تضمين هذه الخريطة مواقع جميع المرافق والخدمات العمومية الفعلية، مثل المؤسسات الصحية والتعليمية والثقافية، والمساحات الخضراء، والمسارات الطرقية، وشبكات الماء والكهرباء والتطهير والإنارة والنقل، وخدمة جمع النفايات.

ويتم إنجاز بطاقة توصيفية لكل حي أو دوار أو قطاع، تتضمن معلومات عن الحدود الجغرافية، ورمز الحي، وتوفر أو غياب المرافق والشبكات، ومدى الاستفادة من خدمات جمع النفايات.

3 مستويات للأحياء

وبناء على هذه المعطيات، يتم تصنيف كل حي أو قطاع أو دوار إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى التي تتوفر على أغلب أو كل المرافق الأساسية، والفئة الثانية التي تتوفر على الطرق والماء والكهرباء على الأقل، والفئة الثالثة التي تفتقر إلى كل أو أغلب المرافق.

ويتم على أساس هذا التصنيف تحديد المناطق الثلاث: مجهزة، متوسطة التجهيز، وضعيفة التجهيز. بعد ذلك، يُصدر رئيس الجماعة قرارا بتحديد المناطق حسب هذا التصنيف، مرفوقا بالخريطة، ويُحال إلى العامل للتأشير عليه.

ويشترط أن يرفق هذا القرار بمقرر من مجلس الجماعة يحدد أسعار الرسم حسب كل فئة، مع إمكانية التمييز في السعر بين الأحياء داخل نفس الفئة، شريطة احترام الحدين الأدنى والأقصى. وتدخل هذه الأسعار الجديدة حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير من السنة الموالية لسنة التأشير على القرار.

وفيما يتعلق بتبليغ المواطنين بهذه التغييرات، شددت الدورية على ضرورة قيام الجماعات بإعلام كافة الملزمين بأسعار الرسم الجديدة بعد تحيين القرار الجبائي، باستخدام جميع الوسائل المتاحة، بما في ذلك الملصقات في مقر الجماعة والإعلانات على البوابة الإلكترونية.

وأكدت الدورية أن طلبات الإعفاء من الرسم المقدمة من قبل الملزمين، سواء قبل أو بعد دخول القانون حيز التنفيذ، تُعالج وفق نفس المساطر والشروط المعمول بها سابقًا، مع وجوب تسريع وتيرة البت فيها، اعتمادًا على تعليمية سابقة مؤرخة في 5 ماي 2021.

ولضمان نجاعة عمليات التحصيل، نصت الدورية على تعيين قباض جماعيين لدى الجماعات الترابية، بقرار مشترك بين وزارتي الداخلية والمالية، ليتولوا مباشرة جميع إجراءات التحصيل، بما فيها مسطرة التحصيل الجبري.

ودعت الوزارة الجماعات إلى دعم هذه القباض بالموارد البشرية والوسائل التقنية اللازمة، وتحفيز المواطنين على الأداء الطوعي للرسوم، عبر حملات توعية دورية، بما من شأنه تخفيف العبء على مصالح التحصيل وتقليص حجم المداخيل غير المستخلصة.

وفي إطار تعزيز الرقمنة وتيسير ولوج المواطنين للخدمات الجبائية، كشفت وزارة الداخلية عن إعداد إطار قانوني وتقني لإطلاق منصة إلكترونية خاصة بالأداء والتصريح الجبائي، مع إمكانية طلب الشهادات المتعلقة بأداء الرسوم عبر الإنترنت.

وأوصت الدورية المصالح الجبائية الجماعية بالاستمرار في تقديم رأيها بشأن العقارات عبر المنصة المعتمدة حاليا إلى حين إطلاق هذه الخدمة الرقمية.

ودعا وزير الداخلية كافة الولاة والعمال إلى تعميم مضمونها والعمل على التوضيح الشامل لمحتواها، والسهر على التطبيق الدقيق لمقتضياتها، مع الحرص على مواكبة الجماعات الترابية وتزويدها بالمعلومات الضرورية، بتنسيق مع المصالح اللاممركزة والشركات الجهوية متعددة الخدمات والإدارات والمؤسسات العمومية.

كما حث الوزير في الدورية ذاتها، رؤساء المجالس الجماعية على التقيد الصارم بمضامين الدورية بما يضمن التطبيق السليم للقانون رقم 14.25 ويعزز من حكامة تدبير الجبايات المحلية بالمملكة.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.