أثار الإعلان عن تخصيص 97,1 مليار درهم لقطاع التعليم في مشروع قانون مالية 2026، بزيادة قدرها 11,5 مليارات درهم مقارنة بالسنة الماضية، ردود فعل متباينة في صفوف النقابات التعليمية؛ بين من اعتبرها خطوة إيجابية نحو دعم المدرسة العمومية، وبين من رأى أن الزيادة في الميزانية وحدها لا تكفي لإصلاح أعطاب المنظومة ما لم تُرفق بحكامة ومحاسبة في تدبير الموارد المالية والبشرية.
وفق المعطيات التي قدمها وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، فإن الجهود خلال سنة 2026 ستركز على تسريع تعميم التعليم الأولي عبر إحداث 4.800 قسم جديد خلال الموسم الدراسي 20262027، ليصل العدد الإجمالي إلى 40 ألف قسم يستفيد منها أكثر من مليون تلميذ. كما سيتم توسيع نموذج المؤسسات الرائدة ليشمل 6.626 مدرسة ابتدائية وإعدادية، وافتتاح 170 مؤسسة جديدة ليبلغ العدد الإجمالي 12.611 مؤسسة تعليمية.
أما على مستوى الدعم الاجتماعي، فسيستفيد من النقل المدرسي 683.244 تلميذاً (+5%)، ومن المطاعم المدرسية 80.245 مستفيداً (+3%)، في أفق تعميم النقل المدرسي ليصل إلى 730 ألف تلميذ بحلول 2027.
في تعليقه على الزيادة في ميزانية التعليم، قال عبد الصادق الرغيوي، الكاتب العام المنتخب للنقابة الوطنية للتعليم، إن القرار “إيجابي جداً ويستجيب لمطلب ظلت النقابات التعليمية ترفعه منذ سنوات”، معتبراً أن هذه الخطوة “تأتي في مرحلة مفصلية تتطلب دعماً حقيقياً لإصلاح المنظومة التربوية”.
وأوضح الرغيوي، ضمن تصريح لهسبريس، أن القطاع ما زال يعاني خصاصاً مهولاً في الموارد البشرية، سواء في هيئة التدريس أو التأطير أو الإدارة التربوية.
وشدد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم على أن الرفع من الميزانية “يجب أن يُوجَّه أساساً نحو التوظيف والتكوين المستمر للأساتذة الجدد، وتحديث المناهج والتجهيزات التربوية، باعتبارها الركائز الأساسية لتجويد التعليم في المدرسة العمومية”.
وأضاف الرغيوي أن النقابة “تعتبر هذه الزيادة المالية فرصة لإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية”، مؤكداً أن تحسين جودة التعليم رهين بتحسين وضعية المدرسين وتأهيل الفضاءات التعليمية، بما يضمن تكافؤ الفرص بين أبناء المدن والقرى.
من جانبه، اعتبر عبد الله غميمط، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، أن رفع ميزانية التعليم “خطوة إيجابية في الشكل؛ لكنها لا تمثل الحل الجوهري لأزمة التعليم بالمغرب”.
وأوضح غميمط أن المشكل ليس في حجم الميزانية بل في كيفية تدبيرها، قائلاً إن “الاختيارات والسياسات الحكومية التي تعاقبت على القطاع فشلت في تحقيق إصلاح حقيقي رغم المبالغ الضخمة التي رُصدت منذ سنوات”.
وأشار الفاعل النقابي عينه إلى أن البرامج والمخططات السابقة “لم تُعالج القضايا الجوهرية؛ مثل الهدر المدرسي، وضعف الجودة، والاكتظاظ، ومشاكل اللغة، وعدم استقرار التلاميذ داخل المؤسسات”، مبرزاً أن غياب الحكامة والمحاسبة أدى إلى استمرار الأعطاب البنيوية نفسها.
كما لفت عبد الله غميمط إلى أن التقارير الوطنية سجلت اختلالات وفساداً في تدبير الصفقات العمومية المرتبطة بالبنيات التحتية والبرامج التربوية، دون أن تترتب عنها مساءلة للمسؤولين، معتبراً أن “الإفلات من العقاب أحد العوائق الكبرى أمام إصلاح المنظومة التعليمية”.
وأكد الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) أن الحكومة، رغم الزيادة في الميزانية، “لن تتمكن من تلبية المطالب العالقة للشغيلة التعليمية”، خاصة الملفات المرتبطة بالترقيات والإنصاف المهني.
وأبرز عبد الله غميمط أن “الإصلاح لا يمكن أن يتم بالوجوه نفسها التي تدير القطاع منذ سنوات، ولا عبر توزيع المناصب على أساس الولاءات السياسية”.
المصدر: هسبريس
