منذ فصل موسكو عن نظام “سويفت” للتحويلات المالية الدولية بسبب العقوبات الغربية الناتجة عن العملية العسكرية الخاصة التي أطلقتها في أوكرانيا، يواجه الطلبة المغاربة الذين يُتابعون دراستهم في المعاهد والجامعات الروسية وكذا عائلاتهم داخل أرض الوطن مشاكل حقيقية في التوصل بالأموال من ذويهم لتغطية مصاريفهم الدراسية والمعيشية في هذا البلد؛ وهو ما يزيد من الضغوط النفسية والاقتصادية على هؤلاء الطلبة.

ودفع هذا الواقع العديد من الطلبة إلى البحث عن بدائل مالية غير تقليدية لتحويل الأموال من المغرب إلى روسيا، أشهرها استخدام العملات الرقمية من خلال شراء الدولار الرقمي بالدرهم المغربي وبيعه إلى أشخاص في روسيا للحصول على الروبل؛ غير أن هذه الطريقة تنطوي على مخاطر كبيرة جدا، أهمها انتشار النصب والاحتيال وعدم استقرار قيمة العملات الرقمية.

وفي ظل تزايد حالات النصب والاحتيال التي يتعرض لها الطلبة المغاربة في روسيا أثناء محاولاتهم لتحويل الأموال عبر العملات الرقمية، يقوم عدد منهم عبر منشورات في مجموعات فيسبوكية بنشر أسماء وأرقام هواتف بعض المحتالين الذين استغلوا ضعف الخبرة لدى البعض، بهدف حماية باقي الطلبة من الوقوع في الفخ نفسه.

في هذا الصدد، قال أيوب صوان، طالب مغربي في مدينة “أستراخان” الروسية، إن “مشكل تحويل الأموال هو بالفعل إشكال حقيقي يعاني منه الطلبة المغاربة في روسيا منذ منع الأخيرة من نظام سويفت وتوقف الطرق التقليدية لتحويل الأموال، خاصة أن أغلب الطلبة يعتمدون بشكل كلي على تحويلات عائلاتهم في المغرب لتغطية مصاريف الدراسة والمعيشة”.

وأضاف صوان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الطريقة الوحيدة التي يعتمدها كثير من الطلبة هي التحويل عبر العملات الرقمية أو اللجوء إلى مغاربة آخرين يمتلكون حسابات بنكية روسية، حيث يقومون باستقبال الأموال بالدرهم من عائلاتنا وتحويلها عبر منصات رقمية معينة إلى الروبل”، موضحا أن “هذا الحل رغم بساطته؛ فإنه يعرف انتشارا واسعا لظاهرة النصب، حيث إن العديد من الطلبة وقعوا ضحية له”.

وتابع المتحدث ذاته أن “الطلبة يلجؤون غالبا إلى بعض أبناء بلدهم المعروفين وذوي السمعة الطيبة في مجال تحويل الأموال، إذ يعتمدون عليهم لاستقبال التحويلات من المغرب. ويعتبر هؤلاء الوسطاء خيارا آمنا نسبيا، إلا أن الإشكال أن البنوك الروسية بدأت تُجمّد حسابات عدد من هؤلاء الوسطاء بسبب كثرة العمليات البنكية والتحويلات المالية الكبيرة التي تتلقاها؛ مما يثير شكوكا لدى السلطات المصرفية”.

وذكر المصرح ذاته أن “هذا الوضع دفع عددا منهم إلى التراجع عن تقديم المساعدة للطلبة، خوفا من الملاحقات القانونية والإجراءات الإدارية التي قد تُعرّضهم لمشاكل جدية؛ ما يزيد من معاناة الطلاب ويجعلهم في موقف حرج أمام حاجة ماسة إلى تحويل الأموال بشكل منتظم وآمن”.

وكانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج قد أكدت، في وقت سابق، أن سفارة الرباط في موسكو نسقت مع السلطات الروسية من أجل تحسيس الجامعات والمعاهد التي تستقبل طلبة مغاربة لمساعدتهم في هذا الباب.

وأشارت الوزارة ذاتها، في جواب كتابي عن سؤال برلماني، إلى أنه “رغم سماح بعض البنوك المغربية بإجراء تحويلات نحو روسيا، يتم رفضها بعد أسابيع من الانتظار من لدن المؤسسات البنكية الوسيطة، وأغلبها أمريكية وأوروبية، بداعي العقوبات”.

وأوضح الجواب سالفة الذكر أنه “بالنظر إلى العدد المهم من الطلبة المغاربة في روسيا، الذي يتجاوز 3500 طالب، فإنه يتعذر على السفارة المغربية إمكانية الاضطلاع بالتكفل بتحويل أموال لفائدة أفراد الجالية المغربية في روسيا؛ وفي مقدمتهم هؤلاء الطلبة، لاعتبارات تقنية وقانونية وعملية عديدة، خاصة أن حساب السفارة يخضع للإكراهات المصرفية نفسها المرتبطة بالعقوبات على روسيا”.

المصدر: هسبريس

شاركها.