شهدت قضية وفاة الراعي القاصر محمد بويسلخن، بجماعة أغبالو أسردان في إقليم ميدلت، تطورا جديدا بعد قرار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرشيدية إحالة الملف على قاضي التحقيق، مع المطالبة بإجراء تحقيق ضد مجهول من أجل جناية القتل العمد، واستدعاء ستة أشخاص كشهود.

هذا التطور، وفق ما أكده صبري الحو، محامي عائلة الضحية، يعكس تحولا جوهريا في قناعة النيابة العامة، التي كانت في البلاغ الأول تشير إلى أن السبب المباشر للوفاة هو الاختناق، في سياق يوحي بفرضية الانتحار؛ غير أن المسار الجديد للملف يتجاوز هذه الفرضية، ويميل نحو اعتبار أن هناك فعلا خارجيا أو قوة مورست على الضحية وتسببت في اختناقه.

وأوضح الحو، ضمن تصريح لهسبريس، أن دفاع العائلة كان قد تقدم، عبر شكايتين إلى النيابة العامة ورئيس النيابة العامة، بجملة من المطالب؛ أبرزها استخراج الجثة وإعادة معاينتها للتأكد من وجود علامات عنف ظاهرة، وإجراء تشريح جديد بواسطة لجنة طبية ثلاثية، بالإضافة إلى إعادة فتح الأبحاث من الصفر بتكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية؛ وهو ما لم تستجب له النيابة العامة بشكل مباشر، قبل أن تتخذ قرار إحالة الملف على التحقيق.

واعتبر محامي عائلة الضحية أن الأهم في هذه المرحلة هو أن النيابة العامة أصبحت مقتنعة بوجود جريمة قتل عمد، رغم أن هوية الفاعل لا تزال مجهولة، مشددا على أن المهمة الآن تقع على عاتق قاضي التحقيق والدفاع لبذل مجهود مضاعف في جمع الأدلة وكشف ملابسات الحادث.

وأبرز المتحدث عينه أن “قاضي التحقيق يتمتع بالصلاحيات نفسها التي يملكها الوكيل العام للملك؛ غير أن ممارسة هذه الصلاحيات تكون تحت سقف محدود وبمراقبة النيابة العامة. ففي هذه المرحلة، توجد النيابة العامة والدفاع في موقع واحد، بينما تدخل غرفة المشورة كطرف ثالث في مراقبة المسار. وإذا تقدم الدفاع أمام قاضي التحقيق بالطلبات والملتمسات نفسها التي سبق تقديمها للوكيل العام، فإن القاضي، من الناحية الإجرائية، يحيل الملف إلى النيابة العامة للاطلاع وإبداء الرأي بشأن الموافقة على تنفيذ الإجراء المطلوب. وفي حال وجود اعتراض، يمكن اللجوء إلى الطعن أمام غرفة المشورة”.

ومن المرتقب أن تُعقد أولى جلسات التحقيق يوم 28 غشت الجاري، بمكتب قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرشيدية، في انتظار ما ستكشفه هذه المرحلة من معطيات قد تحدد مسار واحدة من القضايا التي أثارت جدلا واسعا في المنطقة.

تجدر الإشارة إلى أن الأسابيع الماضية قد شهدت تطورات؛ من بينها استقبال مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقديم “لجنة الحقيقة والمساءلة” نتائج بحثها، الذي جمع 12 فرعا من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في كل من جهتي درعة تافيلالت وبني ملال خنيفرة.

وباسم “لجنة الحقيقة والمساءلة”، نفى الحقوقي كبير قاشا، بشكل قاطع، “إمكان وجود انتحار”، قائلا إن ما حدث “جريمة بشعة، يتمترس فيها الجناة خلف أكاذيب عاجزة (…) فهل هناك منتحر يجثو على ركبتيه في مكان لا يتجاوز المتر وعشرين سنتيمترا؟ هل يوجد انتحار في وضع استراحة؟ (…) لقد رصدنا تراخيا في جمع الأدلة الجنائية، وعدم حماية مسرح الجريمة، مع مزاجية الوسم بالانتحار دون البحث عن الجناة المشتبه فيهم ومتابعتهم”.

ونقلت هسبريس قول أم الضحية: “أتعرض للتهديد بشكل يومي، والتخويف بأبنائي الآخرين، وأخاف حتى من الخروج لجلب الماء، لأن المتّهم لديه سلاح ناري (جويجة). وهناك شهود لكنهم يخافون من الشهادة (…) وقد كان في مكان قتل ابني أطفال آخرون يرعون، ورأوا ما حدث، وطلب منهم المتهم رعي غنم محمد لإعادتها للدار”.

ونفت الأم، التي تحدثت بالأمازيغية لكونها لا تعرف الدارجة، فرضية الانتحار التي روجت بقوة في بداية القضية، قائلة: “لقد كان فرحا ينتظر يوم الأحد لأني وعدته باقتناء دراجة هوائية له”، كما شدّدت على أن المتهم الرئيسي قال لها إن “ابنك رعى في بستاني الخاص”، قبل أن تقول باكية: “لقد أحرقوا أجنحتي”.

المصدر: هسبريس

شاركها.