خلص تحليل علمي للرقابة الصحية ضد الأوبئة والجائحات على الحدود المغربية إلى “تحديد مجموعة من المكتسبات الإيجابية التي تسمح للنظام الصحي الوطني بالاستجابة جزئيا لأهداف اللوائح الصحية الدولية، خاصة في ما يتعلّق بتدبير المراقبة الصحية، والإستراتيجيات التي تم تنفيذها، ومن ضمنها الإستراتيجية الوطنية للتصدي لجائحة فيروس كورونا”.
لكن التحليل المنشور في دراسة علمية صادرة ضمن أحدث عدد من “مجلة القانون الدولي للدراسات البحثية”، التابعة للمركز الديمقراطي العربي، تحت عنوان “إدارة الرقابة الصحية على الحدود المغربية..الاستجابة لتحديات الأوبئة والجائحات”، أوضح أن “ثمة عدة تهديدات وتحديات تعيق تنفيذ مقتضيات هذه اللوائح على الحدود المغربية”.
وفي هذا الصدد أشار معد الدراسة، عبد الواحد البيديري، أستاذ باحث بالمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، إلى “عدم تحيين النصوص القانونية الوطنية”، إذ إن “النصوص المؤطرة للمراقبة والاستجابة للأحداث الصحية لم يتم تحديثها، وقد لا تعود ملائمة للواقع الحالي”.
وسجّل الباحث نفسه، أيضا، “ضعف التنسيق بين القطاعات في تنفيذ اللوائح الصحية الدولية (2005)”، خصوصا “وفق مقاربة ‘الصحة الواحدة’، التي تهدف إلى تعزيز التعاون والتواصل والقدرات والتنسيق بشكل متوازن مع جميع القطاعات المعنية”.
وتُعرّف المنظمة العالمية للصحة اللوائح الصحية الدولية (2005) بأنها “مجموعة من القواعد الملزمة قانوناً للدول الأطراف، وعددها 196 دولة، وتشمل جميع الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية”.
وتوضح المنظمة ذاتها أن هذه اللوائح “تسهم في تحقيق أمن الصحة العمومية في العالم من خلال توفير إطار جديد لتنسيق إدارة الأحداث التي يمكن أن تمثّل طارئا صحيا عموميا يثير قلقا دوليا، وتحسّن قدرة جميع البلدان على اكتشاف تهديدات الصحة العمومية وتقييمها والإبلاغ عنها والتصدي لها”.
القطاع الخاص
وجد الباحث، ضمن الخلاصات، “ضُعف انخراط القطاع الخاص”، “بالإضافة إلى غياب إطار قانوني واضح ينظم الشراكات بين القطاعين العام والخاص المرتبطة بمبدأ ‘الصحة الواحدة’”.
وتطرّقت الدراسة كذلك إلى تحدي محدودية الموارد المالية، مُعتبرة أنه “يعيق تطوير منظومة المراقبة الصحية على الحدود”، فضلا عن كون “العدد الحالي للعاملين في خدمات المراقبة الصحية بالحدود يبقى غير كاف، في حين تتطلب هذه الخدمات موارد بشرية ومادية مهمة مازالت غير متوفرة بالقدر المطلوب”.
واستحضر الباحث أن المغرب يضم اليوم 38 ميناء، من بينها 13 مفتوحة للتجارة الخارجية، و10 للصيد ذات طابع جهوي، و9 موانئ صيد ذات طابع محلي، و6 موانئ ترفيهية؛ كما يتوفّر على 16 مطارا دوليا و13 مهبطا للطائرات ذات استعمال وطني.
وأوضح المصدر ذاته أن المغرب اعتمد خطة لليقظة الوبائية لضمان مراقبة التهديدات الصحية على الحدود، مُشيرا إلى أن “هذه المراقبة تؤمن أزيد من 100 من مهنيي الصحة (أطباء، تقنيو حفظ الصحة، وممرضون متعددو التخصصات) يُشرفون على جميع نقاط الدخول الجوية والبحرية والبرية للمملكة”.
مراجعة القوانين
أوصى البحث بوضع إطار قانوني ملائم للتحضير والاستجابة لتحديات الأوبئة والجائحات، وخلق إطار فعال لتعزيز التعاون بين القطاعات، مع الإسراع برقمنة نظام المراقبة الوبائية الوطني وإرسال البيانات إلكترونيا، بما ينسجم مع مقتضيات القانون الإطار رقم 06.22، المتعلّق بالمنظومة الصحية الوطنية.
كذلك دعا الباحث إلى تطوير آليات الإعلام والتواصل، من خلال إحداث آلية دائمة لتبادل المعلومات بين القطاعات، وضمان تبادل المعطيات الضرورية بخصوص الأحداث الصحية التي قد تشكل طارئا صحيا ذا اهتمام دولي.
وبخصوص الموارد أوصت الدراسة بتعزيزها “لضمان تدبير أفضل للمراقبة الصحية في نقاط الدخول”، مع تحسين إدارة وتوزيع الاحتياطات الوطنية، بما فيها الوسائل اللوجستية، والمقار، والموارد البشرية (الأطباء، الممرضون…)، والحرص على إشراك جميع الفاعلين وتعبئة الموارد المالية اللازمة.
المصدر: هسبريس
