كشف تحقيق ميداني نشر بصحيفة Corriere della Sera الإيطالية، الثلاثاء، عن معطيات صادمة حول استغلال شبكات إجرامية منظمة لقاصرين وشباب منحدرين من مدينة بني ملال المغربية، في أنشطة الاتجار بالمخدرات داخل غابات شمال مدينة ميلانو، وخصوصا بمنطقة Parco delle Groane.

ووفق التحقيق الذي أنجزه الصحافي أندريا غالي، فإن هذه الشبكات تعمل بأسلوب يشبه شبكات الاتجار بالبشر، حيث تقوم بـ”استيراد” هؤلاء الشبان من المغرب، وتوفير السكن والغذاء والملابس وحتى الأسلحة لهم، لكن مقابل شرط أساسي: العمل في الغابة كمروجين للمخدرات دون أن يراهم أحد، تحت رقابة دائمة، وضمن نظام قائم على الإخفاء والخضوع والعنف.

وبحسب مصادر التحقيق، ينحدر أغلب هؤلاء الشبان من المناطق الفقيرة ببني ملال، حيث تنتشر ظواهر الفقر والتسرب المدرسي وتهميش النساء.

وتتم العملية عبر ما يشبه قنوات “الهجرة الموجهة”، تمر في الغالب عبر إسبانيا، حيث تسهل هذه الطريق الوصول إلى إيطاليا، كما تستخدم أيضا كملجأ للعودة في حال تعرض “المروج” للاعتقال أو انكشفت هويته.

ويتم تسكين هؤلاء الشبان في مبان قديمة ومهجورة أو في مزارع تم ترميمها جزئيا، تستأجر أو تمتلكها أسر أو شركاء من أصول مغاربية، وتستخدم كقواعد خلفية تدار منها عمليات الترويج.

يمنع عليهم مغادرة هذه المقرات لأي سبب، حتى التسوق أو التجول، لتفادي الانكشاف أو الاشتباه بهم من قبل الجيران أو قوات الأمن.

التعذيب مقابل الجرعات المفقودة

يضيف التحقيق أن كل مروج يحمل معه حقيبة صغيرة تحتوي على الجرعات المخصصة للبيع، وتتم محاسبته بدقة في نهاية كل يوم على عدد الجرعات المباعة والمبالغ المحصّلة.

وفي حال وجدت أي جرعات ناقصة أو نقص في الأموال دون تبرير واضح، يتعرض المروج للضرب أو التعذيب.

وتعتبر “حماية البضاعة” مسألة حياة أو موت بالنسبة لهؤلاء، وهو ما يبرر حسب الصحيفة حملهم لأسلحة بيضاء من نوع “ماشيتا”، واستخدامهم أحيانا العض كوسيلة تخويف ضد الشرطة، بإيحاء أنهم قد يكونون مصابين بأمراض معدية.

وتشير المعطيات إلى أن وحدات خاصة من الدرك الإيطالي، أبرزها “وحدة الصيادين” (Cacciatori), تطورت في السنوات الأخيرة لتعقب هذه الشبكات في الغابات.

كما تبذل كتيبة الدرك بمدينة “رو” جهودا كبيرة في هذا الملف، خاصة عبر التنصت والتتبع الميداني.

ورغم المجهودات الأمنية المبذولة، يحذر التحقيق من غياب التفاعل الكافي من جانب العديد من الفاعلين المدنيين والمؤسسات الاجتماعية، رغم الطابع الخطير والمتشعب لهذه الظاهرة، التي تمزج بين الاتجار بالبشر، واستغلال القاصرين، وترويج المخدرات، والعنف المنظم.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.