اخبار المغرب

تحركات انفصالية تسبق تسليم إسبانيا إدارة المجال الجوي للصحراء إلى المغرب

تزامنا مع الزيارة الأخيرة التي قادت رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إلى المغرب، والتي أعادت نقاش إدارة المجال الجوي في الصحراء الذي تتولاه مدريد إلى الواجهة في ظل حديث مجموعة من الأوساط الإعلامية الإسبانية عن استعداد الحكومة الإسبانية لتسليمه إلى الرباط، عبرت جبهة البوليساريو الانفصالية عن رفضها لهذه الخطوة، معتبرة أن “قرار إدارة المجال الجوي في الصحراء اتخذ داخل أروقة الأمم المتحدة”.

في هذا الصدد، جدد القيادي الانفصالي عبد الله العرابي، المُلقب بـ”ممثل البوليساريو في مدريد”، “رفض” جبهة البوليساريو نقل إدارة المجال الجوي للصحراء إلى المملكة المغربية، موردا في تصريحات صحافية أن “إسبانيا ليست صاحبة المجال لكي تقرر تسليم السيطرة عليه إلى المغرب، وستجدنا أمامها في حال حدث ذلك”، في تهديد مباشر للحكومة الإسبانية في حال أقدمت على هذه الخطوة التي من شأنها نسف المشروع الانفصالي في الأقاليم الجنوبية للمملكة.

وكان خوسي ما نويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، قد أكد في يوليوز الماضي استمرار الاتصالات مع الحكومة المغربية حول المجال الجوي في الصحراء، الذي يدار انطلاقا من مركز المراقبة الجوية في جزر الكناري، فيما يرى متتبعون أن الحكومة المركزية في مدريد واعية تماما بطبيعة الانتظارات المغربية في هذا الصدد، وبضرورة تسوية القضايا العالقة بين البلدين الجارين، تماشيا مع الدينامية الجديدة التي تعرفها العلاقات بينهما.

دينامية إيجابية وواقع جديد

محمد عطيف، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، قال إن “الحديث عن استعداد إسبانيا تسليم إدارة المجال الجوي للصحراء المغربية إلى الرباط، بعدما سبق لوزير الخارجية الإسباني أن أكد استمرار الاتصالات والمفاوضات في هذا الصدد، يأتي في إطار الدينامية الإيجابية التي شهدتها العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات منذ الإعلان المشترك الصادر في أبريل من العام 2022، الذي طوى صفحة الخلاف بين حكومتي البلدين إثر دعم مدريد لخطة الحكم الذاتي في الصحراء”.

وأضاف عطيف، في تصريح لهسبريس، أن “السياسة الخارجية الإسبانية بخصوص ملف الوحدة الترابية للمملكة أصبحت تتضح شيئا فشيئا وتحاول تصفية كل القضايا العالقة بين الجانبين، على رأسها قضية إدارة المجال الجوي الذي كانت منظمة الطيران المدني الدولي قد قررت الإبقاء على إدارته من طرف هيئة الطيران المدني الإسباني إلى حين تسوية النزاع، غير أن الواقع الجديد اليوم في الصحراء، ومجرد التفاوض حول هذا الموضوع، يكشف عن رغبة إسبانية بتسلم المغرب لهذا المجال لتثبيت سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية”.

وأشار المتحدث إلى أن “إسبانيا لن تلتفت إلى دعوات الجبهة الانفصالية في هذا الصدد لأنها حسمت أمرها ومواقفها، وهي تريد اليوم الانخراط بشكل جدي أولا في مسلسل تسوية هذا النزاع وفق المقاربات المغربية، وثانيا تريد تسوية كل الملفات والقضايا ذات العلاقة بهذا النزاع من أجل المساهمة في الجهود التنموية التي يقودها المغرب في أقاليمه الجنوبية، إذ إنها تراهن على واقع الأمن والاستقرار في المنطقة وستسعى لترجمة موقفها الجديد بخطوات عملية من هذا القبيل”.

وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “الأطروحة الانفصالية وصلت أوج مراحل اضمحلالها، ولا تملك البوليساريو اليوم ولا الدول الداعمة لها، وعلى رأسها الجزائر، أي أوراق للضغط على الحكومة الإسبانية من أجل ثنيها عن اتخاذ خطوة تسليم المجال الجوي إلى المغرب؛ لأن مدريد والدول الحليفة للرباط حسمت مواقفها واختياراتها الاستراتيجية، ثم إن المغرب كرس وضعا جديدا في الصحراء أمام المنتظم الدولي الذي لا يمكنه إلا أن يساند أي خطوات تخدم الأمن والاستقرار في المنطقة”.

تكريس للسيادة ومسألة وقت

شريفة لموير، باحثة في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، قالت إن “العلاقات المغربية الإسبانية قطعت أشواطا مهمة، إذ شهدت تقاربا سياسيا واضحا منذ تغير الموقف الإسباني حول مسألة الصحراء بدعمه للطرح المغربي، وهذا سينعكس بكل تأكيد على طبيعة التعاون بين البلدين وعلى الملفات العالقة بينهما، على غرار ملف جمارك سبتة ومليلية وملف إدارة المجال الجوي في الصحراء المغربية”.

وأضافت لموير أن “صانع القرار في إسبانيا يعي جيدا أن أوان ممارسة المغرب لسيادته على المجال الجوي في الصحراء قد حان، وأن هذه الخطوة تعد بالنسبة للرباط تكريسا وتتثيبا لموقف مدريد الجديد من النزاع المفتعل حول الصحراء، إذ ترى المملكة أن إدارة المجال الجوي في أقاليمها الجنوبية ستكون نقطة فارقة في التقارب بين الجانبين، خاصة أن إسبانيا لن تغامر بالدخول في توتر جديد مع المغرب في ظل الثقل القاري الذي أصبح يشكله والدعم الدولي الذي يستطيع حشده لصالح هذه الخطوة”.

وتعليقا على الخطاب الانفصالي حول هذا الموضوع، أوردت المتحدثة لهسبريس أن “الجميع يدرك أن لا سلطة في الواقع للكيان الوهمي على الأقاليم الجنوبية. وبالتالي، فإن خروج قياداته بتصريحات في هذا الصدد، ما هي إلا محاولات لتغليط الرأي العام الدولي”.

وشددت لموير على أن “تشبث الجبهة الانفصالية بهذا الخطاب المنافي للواقع الذي ثبته المغرب على الأرض، يكشف في الحقيقة هشاشة هذا الكيان وداعميه وتناقض خطابات قياداته، أضف إلى ذلك، كما سبق أن قلت، أن جميع الدول باتت تدرك جيدا طبيعة مقاربة الحزم الجديدة التي يتبناها المغرب مع حلفائه فيما يخص سيادته وقضاياه. وبالتالي، فإن تسلم المغرب لإدارة المجال الجوي في الصحراء مسألة وقت وترتيبات لا أقل ولا أكثر”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *