بعد خمود الفرح العارم من تبني القرار الأممي 2797 الخاص بالحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، وجبت قراءة الرسالة التي وضعها المغرب لبان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، من طرف السفير المغربي آنذاك المصطفى الساهل، حول مقترح منح جهة الصحراء حكما ذاتيا.
الرسالة تتضمن المبادئ والدعامات المقترحة من قبل المغرب لضمان حسن تنفيذ هذا الحكم الذاتي لجهة الصحراء وفق معايير حكامة دولية واسترشادا بممارسات دولية فضلى (خصوصا من اسبانيا).
جهة الحكم الذاتي للصحراء، كما تسميها الرسالة المغربية، ستتمتع بفرص سيادية كثيرة، على الموارد التنموية وعلى البشر، وستضطلع بمهام تدبيرية وقضائية استثنائية من خلال خلق مؤسسات تسيير تشاركية مفتوحة.
وحسب اقتراح المغرب، ستكون جهة الحكم الذاتي بالصحراء، تحت تصرف ابناءها باستثناء السيادة المركزية الدينية، والعسكرية وسيادة البيعة لجلالة الملك كأمير للمؤمنين في الصحراء.
نحن نعرف أنها أول تجربة فيدرالية في المغرب،
و نعرف صعوبة البيئة القبلية الصحراوية وارتفاع منسوب المشاركة السياسية هناك،
نحن نعرف امتزاج النخب السياسية والمجتمعية الصعب والشائك والصامت بين تلك الحاضنة لفكرة الانتساب المغربي المركزي (المستفيدة من شكل ريعي ) وبين تلك الناقمة عليها من فرط إحساسها بالتهميش. والحكم الذاتي اليوم يفرض تعايشهما،
نحن نعرف صعوبة اندماجية الوافدين الخارجيين في العمليات الانتدابية السياسية والخوف من بلقنة المشهد السياسي الصحراوي في حالة انكماش الجماعات القبلية والسياسية على نفسها،
نحن نعرف أن التجربة المغربية الجديدة في الحكم الذاتي لم تسبقها ممارسات فضلى في إنجاح فكرة الجهوية الموسعة التي مافتئ المغرب يجربها. و ظلت عقبدة “اطلع للرباط” عقيدة ما تزال قائمة ومؤرقة،
نحن نعرف أن التجربة المغربية في الحكم الذاتي ستكون محط مراقبة أممية ودولية في الوقت الذي تغيب فيه لحد الساعة خطط الطريق التفصيلية لتفعيل هذا المقترح بمؤشرات تنفيذ ومؤشرات أثر. وتظل الفكرة عن التكلفة الإجمالية المالية لكل ذلك غائبة. الرسالة عامة و القرار الأممي عام وهي وثائق تؤكد النيات لكن لا تضع الآليات بشكل مفصل ومرتب.
كلها تحديات قائمة تجعل من تجربة الحكم الذاتي المغربية محكا ديمقراطيا وتدبيريا صعبا وليس بتلك السهولة التي نريد بها وصف استمتاعنا الوجداني بالقرار 2797. ونجاح تجربة الحكم الذاتي لجهة الصحراء التي نتوخاها جميعا ستمكن فعلا من تغيير ملامح الدولة المغربية لتدخل في مصفوفة دول الجيل الثاني من الحكامة الديمقراطية.
المصدر: العمق المغربي
