اخبار المغرب

تجريد برلمانيين من العضوية.. القضاء الدستوري يحاصر “فساد” المنتخبين ورهانات أكبر تنتظره

بصمت المحكمة الدستورية خلال الولاية الحكومية الحالية على أكبر حصيلة في تاريخها، منذ خروجها إلى حيز الوجود، من حيث تجريد البرلمانيين من عضوية مجلسي المستشارين والنواب، فخلال الشهور الأولى فقط من السنة الجارية جردت هذه المحكمة سبعة برلمانيين من صفاتهم البرلمانية.

البرلمانيون السبعة، الذين فقدوا عضوية البرلمان خلال هذه السنة وعدد من زملائهم الذين فقدوا هذه العضوية في السنتين الماضيين، جردتهم المحكمة الدستورية من صفتهم البرلمانية بسبب صدور أحكام قضائية في حقهم، جزء منها يتعلق بقضايا فساد، فهل رفع القضاء الدستوري من منسوب جرأته لمحاصرة فساد المنتخبين؟

دينامية جديدة

هذا الارتفاع، الذي شهدته وتيرة قرارات المحكمة الدستورية المتعلقة بتجريد برلمانيين من عضوية البرلمان، فسره أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، محمد زين الدين، بمجموعة من العوامل، أبرزها وجود “دينامية جديدة” في هذه المحكمة.

وقال زين الدين، في تصريح لجريدة “العمق”، إن “طبيعة المرحلة الحالية والرهانات المعقودة على المحكمة الدستورية، نظرا لما جاءت به الوثيقة الدستورية من اختصاصات استراتيجية لهذه المحكمة، وعلى رأسها المنازعات الدستورية، كلها عوامل تفسر الوتيرة المتسارعة لقراراتها”.

ومن العوامل التي تفسر الإيقاع الذي سارت به قرارات المحكمة الدستورية، يضيف الأستاذ الجامعي، الهيكلة الجديدة للمحكمة والوجوه الجديدة، ما يعني أن هناك رأيا جديدا، وهو ما أعطى دينامية جديدة لعمل هذه الهيئة، سعيا “لتكريس روح وجوهر دولة الحق والقانون وربط المسؤولية بالمحاسبة”.

وصرحت المحكمة الدستورية خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، بتجريد كل من كمال المحفوظ ومحمد كريمين وياسين الراضي وسعيد الزايدي وعبد القادر البوصيري ورشيد الفايق من عضوية مجلس النواب، كما جردت عبد الإله لفحل من عضوية مجلس المستشارين.

الرهان الأكبر

جزء كبير مما تقوم به المحكمة الدستورية، خصوصا ما يتعلق بقرارات تجريد البرلمانيين من عضويتهم بالبرلمان، بالنسبة لزين الدين، يدخل ضمن ممارستها لاختصاص روتيني وتقليدي، وهو ما كان يقوم به المجلس الدستوري سابقا.

فرهانات المحكمة الدستورية، يقول الأستاذ الجامعي، لا يجب أن تبقى حبيسة نمطية ما قبل دستور 2011، وتحصر عملها في التجريد من عضوية البرلمان والمنازعات الانتخابية، “بل تنتظرها رهانات أكبر بكثير، منها قانون الدفع بعدم الدستورية”.

ومن أهم اختصاصاتها، مراقبة مطابقة عدد من النصوص للدستور، ويتعلق الأمر بالقوانين التنظيمية والقوانين العادية والأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان وللمؤسسات الدستورية الأخرى التي يلزم الدستور مراقبة نظامها الداخلي من لدن المحكمة الدستورية، وكذا الالتزامات الدولية. كما تضطلع المحكمة ذاتها بمراقبة صحة إجراءات مراجعة الدستور وإعلان النتائج، ومراقبة صحة الانتخابات البرلمانية وعمليات الاستفتاء.

مسؤولية الفاعل السياسي

خروج المحكمة الدستورية من نمط العمل بعقلية المجلس الدستوري، بحسب محمد زين الدين، لا تتحمل مسؤوليته هذه المحكمة وحدها، “فحتى الفاعل السياسي يتحمل جزء من المسؤولية، فعلى مستوى المنازعات التي تقع مثلا بين البرلمان والحكومة لا تتم إحالتها على المحكمة”، منتقدا غياب الثقافة الدستورية لدى الفاعل السياسي.

ويدخل ضمن اختصاصات المحكمة الدستورية النظر في الخلاف الذي قد يحدث بين البرلمان والحكومة، بطلب من أحد رئيسي مجلسي البرلمان أو من رئيس الحكومة، إذا دفعت الحكومة بعدم قبول كل مقترح أو تعديل ترى أنه لا يدخل في مجال القانون.

كما يحق لها أن تبت في الخلاف الذي قد يقع بشأن تطبيق أحكام القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، خاصة إذا كان يحول دون السير العادي لأعمال هاته الأخيرة.

محمد زين الدين لاحظ أيضا غياب اجتهادات نوعية في عمل المحكمة، “لحد الآن لا يوجد أي حكم قضائي أو اجتهاد خلاق””، كما لاحظ هزالة النصوص القانونية التي تتم إحالتها على هذه المحكمة للبت فيها”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *