تجربة علمية مغربية فريدة تتعقب مسار أربعة نسور نادرة بين أفريقيا وأوروبا
أفرجت الجمعية المغربية لحماية الطيور والحياة البرية “AMPOVIS” عن نتائج التجربة العلمية التي قامت بها، إلى جانب شركائها، بخصوص أربعة نسور أفريقية بيضاء الظهر تم ترميزها بمركز جبل موسى لتأهيل النسور CRV بشمال المغرب، وتُعرف هذه الفصيلة علميا باسم”Gyps africanus” .
وتم خلال الفترة المتراوحة بين 11 مايو وأوائل يونيو الماضييْن تجهيزُ النسور الأفريقية الأربعة بأنظمة تحديد المواقع العالمية (جي بي إس)، حيث أبانت النتائج النهائية عن اختلاف في حركية النسور بعدما تم إطلاقها في الجو كجزء من مشروع علمي يهم تتبع وضعية هذا الصنف من النسور المتواجدة بالأساس في القارة الأفريقية، خصوصا جنوب الصحراء.
وأوضحت الوثائق، التي توصلت بها هسبريس بخصوص هذا الموضوع، أن نسرين بقِيا في المجال الترابي المغربي، فيما غادراه اثنان، حيث اتجه أحدُهما إلى اسبانيا، في حين عاد الآخر إلى موطنه الأصلي مالي.
النسران الحاملان على التوالي للترقيم G1 وG4 قضيا بعض الوقت وسط وغرب البلاد، خصوصا بالمناطق الزراعية والغنية فلاحيا، قبل أن يتوجها في الآونة الأخيرة شمالا إلى جبل موسى، في حين اتجه النسر الحامل للترقيم G2 نحو الجنوب عبر الصحراء الكبرى حيث وصل إلى جنوب غرب مالي وهناك مكث.
أما بخصوص النسر الحامل للترقيم G3، الذي غادر التراب المغربي صوب التراب الإسباني، فقالت عنه الجمعية المغربية لحماية الطيور والحياة البرية: “للأسف، على الرغم من استكشافه المناطق وفيرة الغذاء بالجنوب الإسباني إلا أنه فقد حياته، وهي مسألة يتم التحقيق فيها”.
ويأتي هذا المشروع العلمي بتعاون بين الجمعية سالفة الذكر والوكالة الوطنية للمياه والغابات والجمعية المغربية لحماية الطيور الجارحة والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وهو يهدف إلى التتبع العلمي للنسر أبيض الظهر الموجود أساسا في القارة الأفريقية والمتسمةِ أعدادهُ بنوع من الندرة، وفقا للباحثين في هذا الموضوع.
وقالت الجمعية التي اشتغلت على هذا الموضوع إن “النسور الأفريقية التي تم تزويدها بأنظمة تحديد المواقع “جي بي إس” أبانت عن أنماط حركة رائعة، حيث أكدت قدرتها على التكيف مع البيئات المختلفة، مما يسلط الضوء على أهمية النظم البيئية المحلية لبقائها”.
وتابعتْ “يتيح تتبع هذه النسور للباحثين معرفة المزيد عن تحركاتها، مما يساهم في تطوير استراتيجيات حفظ أكثر فعالية. وقد لوحظت تغييراتٌ كبيرة في عاداتها الغذائية اعتمادا على المناطق المتقاطعة، مما يسلط الضوء على الأهمية الحاسمة لحماية هذه الطيور المهددة بالانقراض والرائعة. وبفضل تقنية تتبع نظام تحديد المواقع العالمي أصبح من الممكن الآن متابعة حركات هذه النسور في الوقت الفعلي تقريبا، مما يوفر بيانات قيمة لضمان الحفاظ عليها”.
وقال رشيد الخمليشي، رئيس الجمعية المغربية لحماية الطيور والحياة البرية وعضو المجموعة الدولية لحماية النسر، إن “بداية هذه التجربة تمت موازاة مع فترة هجرة النسور الأفريقية والأوروبية خلال فصل الربيع، حيث أتت هذه النسور الأربعة منفردة إلى المغرب وقمنا بترميزها بمركز جبل موسى لتأهيل النسور”.
وأضاف الخمليشي، في تصريح لهسبريس، “إلى حدود الساعة شاهدنا هذه النسور 11 مرة بالمغرب فقط، حيث شاهدنا هذه السنة 4 منها، وهو أمر نادر الحدوث، خصوصا إذا علمنا أن هذه النسور ذات الظهر الأبيض قليلة العدد ونادرة”، مشيرا إلى أن “أصلها ليس مغربيا، بل هي معروفة أساسا في دول الساحل وجنوب الصحراء، لكنها تمر بالمغرب في فترة هجرتها السنوية بين أفريقيا وأوروبا”.
وكشف المتحدث أن هذا العمل يبقى “جزءا من برنامج خاص بتتبع النسور الأفريقية نشتغل عليه إلى جانب الوكالة الوطنية للمياه والغابات وشركاء آخرين. أما بالنسبة للنسرين الموجودين بالمغرب، فمن المرتقب أن يعودا إلى موطنهما الأصلي، أي منطقة الساحل”.
وأوضح” أن الهدف من هذه التجارب العلمية هو “معرفة أسباب ندرة هذه النسور وطبيعة حركتها الجغرافية وعوامل انقراضها، حيث يبقى هذا الصنف مهما في المنظومة البيئية، فهو يقتات فقط على الجيف ولا يقوم بالصيد، وهو ما يساهم في تقليص نسبة الأوبئة في المجال الطبيعي”.
المصدر: هسبريس