تاشفين: التنمية بالمملكة “قسمة ضيزى” وتجار الأزمات يستثمرون في تفقير الهامش

أكد الحقوقي والباحث في سوسيولوجيا الهوية والناطق الرسمي لأكاديمية التفكير الاستراتيجي، سعيد العنزي تاشفين، أن جهة درعة تافيلات، رغم توفرها على موارد وإمكانيات طبيعية كبيرة، إلا أنها تعاني الفقر والتهميش والإقصاء، مسجلا أن “التنمية في المملكة قسمة ضيزى وهناك تفاوت صارخ بين المركز والهامش”.
وقال تاشفين، خلال حلوله ضيفا على برنامج “نبض العمق” يبث على منصات “” : “درعة تافيلالت تحتوي على أول وأكبر واحات في إفريقيا، وهي ثاني أكبر واحات من حيث المساحة بعد واحات الشرق الأقصى الآسيوي، وتمتلك الجهة تمور المجهول، التفاح، المعادن، وأكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم في ورزازات، بالإضافة إلى مناطق سياحية مثل لو بلاتو دو ورزازات، مرزوكة، الريصاني، ومضايق تودغى، ورغم هذه الثروات، تبقى درعة تافيلالت الجهة الأكثر تأزماً تنموياً”.
وأضاف: “لدينا كل الثروات التي لا توجد في جهات أخر، ومع ذلك، نحن الجهة التي تتذيل فيها التنمية، مع كل تقدير واحترام لصناع القرار والسلطة التشريعية في البرلمان، والسلطة التنفيذية في الحكومة، يجب أن يتجاوزوا منطق التركيز على المغرب فقط، وهو مغرب طنجة القنيطرة الرباط الدار البيضاء فاس أكادير مراكش، هناك مغرب آخر ممتد مجاليًا ثقافيًا حضاريًا رمزيًا، حري أن يهتم به لكي يساهم في الارتقاء بالوطن”.
وبخصوص أسباب هذا الاختلاف والتباين المجالي، قال المتحدث ذاته: “كانت ثنائية المغرب موجودة منذ سنة 1912 عندما جاء المقيم العام ليوطي، فكان هناك “المغرب النافع” و”المغرب غير النافع”، وبعد الاستقلال في 1956، بدأت الدولة في بذل مجهودات مع الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني لتجاوز منطق المغربين، كما تواصلت هذه المجهودات مع الدولة الجديدة في عهد الملك محمد السادس وتم بذل جهود كبيرة، وإذا أردنا أن نقرأ المؤشرات، نجد أن هناك أموالًا تُصرف، وهناك خطاب سياسي، وهناك تقارير، ولكن في التنفيذ هناك مشكل”.
وزاد: ” هذا المشكل يتضمن أمرين، أولاً، مشكل الحكامة، هل التسيير المالي الذي تخصصه الدولة لدرعة تافيلالت يصل؟ أم أن بين المركز والهامش تمر الميزانية من خلال منافذ غير حكيمة؟، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أُطلقت عام 2005، كانت مشروعًا ملكيًا طموحًا، لكنها فشلت في التنفيذ، ولا تزال السياسات العمومية عاجزة عن تحقيق الأثر المنشود بسبب غياب الحكامة”.
وتابع: “نجد أن المستفيدين من الأزمات هم “سماسرة الأزمات”، هؤلاء يستفيدون من التهميش والفقر والإقصاء، وبالتالي فإن السياسات العمومية التي تُقرها الحكومة والبرلمان يجب أن تتجاوز التركيز على المركز وأن تهتم بالمناطق المهمشة لتحقيق تنمية عادلة، ورغم أنه لدينا الآن رئيس جهة من التجمع الوطني للأحرار، ورئيس الحكومة من التجمع الوطني للأحرار، ورئيس الجماعة في الراشدية من حزب الاستقلال، وهم أحزاب تُشارك في الحكومة إلا أننا لم نشهد أي تغيير، وهنا أحمل المسؤولية للحكومات المتعاقبة بعد دستور 2011”.
وبخصوص أكاديمية التفكير الاستراتيجي، قال تاشفين: نحن لا نخدم أي أجندة سياسية، ولسنا تابعين لأي جهة أو مؤسسة، ولا تربطنا صلة خفية بأي حزب سياسي، موضحا أن فكرة تأسيس الأكاديمية وُلدت من تعاقد نظري ومعرفي بين أبناء الجهة، وخلفيتها هي سؤال حول “كيف يمكن لنا كنخب محلية، في إطار الصراع بين نخبة المركز ونخب الهامش، أن نواجه إشكالية ثنائية الهامش والمركز؟”، واتفقنا على أساس أن نبحث إمكانية خلق لوبي ثقافي مدني ومؤسساتي يجمع كفاءات ونخب الجهة، بهدف الدفاع عن حقوق الجهة في تحالف مع الملكية”.
وأضاف: “الجهة تضم العديد من النخب المحلية سواء في زاكورة، ورزازات، تنغير، الرشيدية، أو ميدلت، هناك دكاترة وضباط شؤون متقاعدون ورجال قانون وأساتذة، وأيضًا أصحاب الخبرة الشعبية وهم أبناء البلاد الذين يمتلكون خبرة ميدانية، وهدفنا هو خدمة الملكية، فنحن نعيش في مناطق حدودية تعرف استنزافًا للمورد البشري بسبب الهجرة القروية، كما أننا في هذه المناطق رغم كل الشعارات البراقة التي رفعتها الحكومات المتعاقبة، بما فيها الحكومة الحالية، تبقى بعيدة عن الدينامية التنموية التي يشهدها المغرب”.
المصدر: العمق المغربي