تأجيل الانتخابات والعهدة الثانية.. مصير مجهول يلف مستقبل الرئيس تبون
على بعد أقل من 9 أشهر على موعد الانتخابات الرئاسية الجزائرية المرتقب إجراؤها أواخر العام الجاري، كثرت التكهنات والتأويلات بشأن إمكانية تأجيل هذه “الاستحقاقات”، إذ سبق لعبد القادر بن قرينة، رئيس حزب “حركة البناء الوطني” الموالي للنظام، أن لمح في تصريحات له إلى هذا الأمر، فيما يرى متتبعون أن المتحكمين في دواليب الدولة العميقة في هذا البلد ما زالوا مترددين أو مختلفين حول مسألة التمديد للرئيس الحالي، خاصة في ظل الضربات التي تلقتها الجزائر في عهدته الأولى على جميع المستويات، وهو ما يرجح بدوره فرضية التأجيل.
في هذا الإطار، أورد تقرير صادر عن شركة “ميناس أسوسييتس”، شركة بريطانية متخصصة في التحليلات الاستراتيجية والسياسية، أن “احتمال تأجيل الرئاسيات الجزائرية وارد جدا”، معتبرا أن هناك مجموعة من العوامل والأسباب التي تزكي هذا الطرح، أبرزها الضغوط المتزايدة التي يمارسها الجيش على الرئيس الحالي من أجل التنحي، مبينا أن “بعض أجنحة النظام لا تفضل الرئيس الحالي عبد المجيد تبون”.
في المقابل، أوضح التقرير أن “العسكر الجزائري لم يجد بعد مرشحا بديلا لتبون من أجل دعمه في الانتخابات الرئاسيات المقبلة، وذلك بسبب الصراعات ما بين قيادات الجيش. وبالتالي، فمن شأن تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر أخرى أن يمنحهم المزيد من الوقت لإيجاد حل للصراع فيما بينهم”.
وأشارت “ميناس أسوسييتس” في هذا الصدد إلى أن “النظام الحاكم لا يعرف كيف يستقبل الجزائريون هذا القرار؛ فعلى الصعيد الداخلي، قد يثير هذا التأجيل ضجة كبيرة، لكن يمكن احتواؤها لأن معظم الجزائريين لم يعودوا مهتمين بهذه الانتخابات”. أما خارجيا، فيمكن أن “يسبب ذلك مشاكل كبيرة للجزائر. لذلك، فإن النظام يحتاج مزيدا من الوقت لتقييم ردود الفعل الدولية المرتقبة تجاه هذا القرار، خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا”.
ولفتت الشركة البريطانية المتخصصة في التحليلات الاستراتيجية والسياسية إلى أن “إحدى الذرائع الأكثر ترجيحا التي قد يلجأ إليها النظام الجزائري لتبرير قراره، هي مسألة تنامي الضغوط العدائية على الحدود الجزائرية أو أن البلاد مهددة بالحرب”.
في هذا السياق، قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن “الاستحقاقات الرئاسية في الجزائر وإن كانت ذات طابع شكلي بالدرجة الأولى، إلا أنه مع اقترابها تتحرك النخب السياسية ويشتد التنافس بين المرشحين المحتملين سعيا وراء كسب تأييد العسكر، وهو ما لا نشاهده اليوم على الساحة السياسية في الجزائرية في ظل صمت ما قبل انتخابي رهيب يفتح الباب أمام مجموعة من التكهنات والافتراضات”.
وأضاف بن زهرة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه الوضعية تكشف في الحقيقة تخبط النظام على هذا المستوى، إذ إن هناك جهات وأجنحة من داخل هذا النظام تريد التمديد للرئيس الحالي لمدة عامين فقط دون إكمال عهدته الثانية في انتظار إيجاد بديل يحظى بإجماع النخب العسكرية الحاكمة الفعلية للبلد”، موضحا أن “هذا يبقى هو الحل المطروح أمام النظام الجزائري لكسب الوقت لإيجاد المزيد من التوافقات وتفادي تفجر أزمته وصراعاته الداخلية أمام الرأي العام الوطني والدولي”.
وخلص الناشط السياسي الجزائري المعارض إلى أن “خيار التمديد يخدم العسكر بالدرجة الأولى، لأن الجيش من جهة لا يفضل العهدة الثانية للرئيس الحالي بحكم إخفاقات هذا الأخير في مجموعة من الملفات وتضرر سمعة الجزائر في عهده، ولأنه كذلك لا يريد التسرع في الرهان على مرشح آخر من شأنه أن يعيد مؤسسة الرئاسة إلى الواجهة ويقوي من موقعها في الخريطة السياسية الداخلية وفي عملية صنع القرار على حساب المؤسسة العسكرية”.
المصدر: هسبريس